موسكو تعتبر جماعة الإخوان إرهابية لموقفها فى حرب الشيشان كان موقف روسيا من الأحداث التى اندلعت فى مصر يوم 25 يناير2011 ظهر واضحاً من البداية، فغندما اشتدت الأحداث أرسلت روسيا أحد دبلوماسييها المستشرقين على ما أتذكر كان لقبه سلطانوف للوساطة وتهدئة الأوضاع، ومحاولة تحقيق نوع من الاستقرار عن طريق الانتظار حتى تتم عملية انتقال سلمى للسلطة دون حدوث قلاقل وهزة عنيفة فى دولة تعداد سكانها يزيد على المائة مليون، اقتصادها ضعيف لا يحتمل أى اضطرابات، كما أن روسيا كانت تخشى وصول الإسلاميين المتطرفين إلى السلطة وتداعيات ذلك على مسلمى روسيا سواء فى منطقة القوقاز أو الفولجا. من هذا المنطلق كان الاستقبال الحافل لوزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسى لروسيا واحتفاء الرئيس بوتين الخاص به، والتفسيرات كثيرة، البعض اعتبر الخلفية المهنية لها دور فى ذلك، والبعض الآخر أشار إلى معرفة روسيا بالدور الكبير والهام الذى يلعبه وزير الدفاع المصرى آنذاك فى تحريك الأحداث داخل أهم وأكبر دولة عربية. لن أطيل كثيرا فى التمهيد لعلاقة روسيا بثورة 30 يونيو، ولكنى سوف أشير إلى زيارة مرسى لروسيا، واستقبال روسيا الفاتر له ووداعها الأكثر فتوراً له كذلك رغم محاولته إغراء روسيا بشراء ملايين الأطنان من القمح فى عقود طويلة الأجل، بالإضافة إلى صفقات سلاح يسيل لها اللعاب (كان مرسى يدعى أنه سيحقق الاكتفاء الذاتى، من الغذاء والسلاح)، غير أن روسيا لم تنس دعم جماعة الإخوان الإرهابية للإرهابيين فى القوقاز أثناء حرب روسيا على الإرهاب فى الشيشان، بل وكانت تصنف الجماعة بأنها ضمن الجماعات الإرهابية المحظورة على الأراضى الروسية. أما لماذا استقبل الرئيس بوتين مرسى فمعظم المراقبين هنا يشيرون إلى البروتوكول، وليس أدل على عدم رغبة روسيا فى استقبال رئيس قادم من جماعة إرهابية وفق التصنيف الروسى أكثر من إرسال عمدة مدينة سوتشى الصغيرة (فى حجم جمصة) لاستقبال مرسى فى المطار، ولم يتم الاستقبال فى موسكو، لكى لا يكون ذلك اعترافا ضمنيا بنظام الإخوان. تكاد روسيا أن تكون أول دولة فى العالم تعترف بثورة 30 يونيو باعتبارها تعبيرا عن الإرادة الشعبية المصرية فى التخلص من نظام جماعة إرهابية، خوفاً كما قلت من قبل من وصول شرارة التطرف الدينى ودعم جماهة إرهابية مثل الإخوان لمسلمى روسيا الذين يفوق عددهم 25 مليون نسمة، أو أن تقوم حرب داخلية فى مصر بسبب رفض الشعب المصرى لحكم الإرهاب الدينى، وهو ما تخشاه روسيا كدولة كبرى لها مصالح فى منطقة الشرق الأوسط. وربما كان وصول الإخوان للحكم فى مصر، هو ما جعل روسيا لا تتردد فى التدخل العسكرى فى سوريا، حتى لا تتعرض روسيا نفسها للخطر، خاصة أن سوريا أقرب من الناحية الجغرافية لروسيا وقد يكون تأثيرها أكبر على روسيا. وفى الوقت الذى قامت فيه روسيا بضربة وقائية للإرهاب فى سوريا، نجد أنها مدت يد العون لمصر مع الحكم الجديد الذى وجدت فيه إنقاذا للمنطقة من التطرف والإرهاب، سواء عن طريق مساعدة سوريا فى محاربة الإرهاب أو حتى الحرب المباشرة ضد الجماعات الإرهابية فى ليبيا، ومحاولة المساعدة فى تهدئة الأوضاع فى قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة. أبدت روسيا رغبة كبيرة فى تجديد علاقات تاريخية كانت مصر قد نسجتها مع سلفها الاتحاد السوفيتى فى فترة ستينيات القرن الماضى وأثمرت عن بناء ألف مصنع والسد العالى وغيرها من المشروعات العملاقة وعقدت مع مصر الحالية، الخالية من الجماعات الإرهابية، الكثير من الصفقات الكثيرة سواء فى مجال التعاون العسكرى أو المجال الصناعى والاقتصادى، منها المنطقة الصناعية فى شرق قناة السويس ومفاعل الضبعة لتوليد الطاقة الكهربائية واستثمارات عديدة فى مجال النفط وغيرها من المجالات. يكفى فى نهاية هذا المقال أن أقول إن ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو والرئيس عبدالفتاح السيسى والجيش والشرطة فى مصر لهم فضل كبير على الاستقرار الذى تشهده معظم الأنظمة العربية حالياً، ولا أبالغ إذا قلت أن أوروبا وروسيا قد استفادتا من ثورة 30 يونيو، لأن سقوط مصر فى براثن التطرف والإرهاب الإخوانى كان سينعكس بلا شك على كل الدول المحيطة إن لم يكن بانتهاج نفس الطريق، فإن القلاقل الداخلية ستكون مضمونة، أما روسيا فهى قلقة جداً من وصول التيارات المتطرفة للحكم فى منطقة الشرق الأوسط وتخشى تأثير ذلك على مسلمى روسيا وأنا لا أتحدث عن فرنسا وبريطانيا وأعداد المسلمين فيهما وما يمكن أن يمثله وصول جماعة إرهابية مثل الإخوان للحكم، ومدى تأثير ذلك على المسلمين فى روسيا بالدرجة الأولى، وهى التى تعانى من القلق الآن مخافة وصول طالبان للسلطة فى أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكى. ثورة 30 يونيو أوقفت خطرا كبيرا كان سيلحق بالاستقرار فى روسيا ولذلك كانت روسيا أول المؤيدين والداعمين لثورة 30 يونيو، لأنها بالدرجة الأولى حامية للاستقرار سواء فى أوروبا أو فى روسيا من خطر زحف التيارات المتطرفة والإرهابية التى تحاربها مصر بكل قوة فى الوقت الحالى، وفى اعتقادى مصر تتحمل العبء الأكبر فى محاربة الإرهاب فى الوقت الحالى. وأبرز موقع "أوروآسيا" قول الرئيس عبدالفتاح السيسى "إن ثورة 30 يونيو كانت الرد على ممولى الإرهاب"