من ديوان (سِفر الشهداء) الشاعر الكبير الدكتور/ حسن طلب قليلًا ما رأيْنا الأزهرِىَّ على وُلاةِ الأمرِ يخرجُ رافضًا وعلى طُغاةِ العصرِ يَحتَجُّ! وهذا الأزهرىُّ الحُرُّ لم يكُ مِثلَهمْ حقًّا فما زجَّ اسمَهُ لِيكونَ بين كتائبِ السلطانِ جُنديًّا.. كما زَجُّوا ولا كانت فتاواهُمْ فَتاواهُ.. ترفَّعَ عن سفاسِفِهمْ فلم يأخذْهُ تحريمٌ وتحليلٌ وإحْليلٌ بفِقْهِ الباهِ.. أو فرْجُ! فقال لنفْسِهِ: قد فى غدٍ يتغيَّرُ النَّهجُ! وحين رأى شبابَ الثورةِ: اندفَعُوا إلى ميدانِهمْ زَحفوا وقد هتفُوا: سنُسقِطُ دولةَ الطُّغيانِ.. قال لهمْ: فإنى واحدٌ مِنكمْ وما ترجُونَهُ: أرْجُو وحين رأى الشَّعاريرَ استفاضُوا فى مَديحِ الثورةِ.. انصرفَتْ مَدائحُهمْ إلى الثُّوارِ.. وانصرفتْ أهاجِيهمْ إلى الأغْيارِ.. قال: الشاعِرُ الخِنذِيذُ لا يَمدحُ.. لا يَهجُو ولكنْ كالنبِىِّ أو الرَّسولِ لنا: يَرَى لِنَرَى وإنْ سجَتِ الرِّياحُ على المدينةِ.. أو سجَا ليلٌ طويلُ الهوْلِ.. لا يسجُو! وأفْتَى فى البَنينَ وفى البناتِ معًا.. فقال لهمْ: لِأنَّا نعرِفُ الإنسانَ بالأفكارِ فالثُّوارُ فى كلِّ العصورِ أو الأماكنِ: أُمَّةٌ كُلٌّ سَواسِيَةٌ.. فلا بِيضٌ ولا زَنجُ ولا وَبَرٌ ولا مَدَرٌ.. ولا بدْوٌ ولا حضَرٌ ولا شرقٌ ولا غربٌ.. ولا عرَبٌ وإفرِنْجُ! وقبلَ رحِيلِهِ أفتَى لهُمْ: ميدانُكمْ هذا هو: (البيْتُ الحَرامُ).. وحَجُّهُ فرْضٌ.. إذا ما كانَ فى إِمكانِكُمْ هيَّا إلى ميْدانِكمْ حُجُّوا: وآخِرُ ما سمِعْنا مِن وصيَّتِهِ وقد غدَرَتْهُ فى الصدْرِ الرَّصاصةُ إنْ طغَى حُكَّامُكمْ.. ثُورُوا عليهمْ ثُم أكمَلَ بابتسامٍ شاحبٍ يشْجُو: إذا ثُرتُمْ عليهِمْ.. لا تخافُوا بَأسَهُمْ مَن خافَ لا يسلَمُ.. بلْ مَن فرَّ.. لا يَنجُو ==========