فنان قلما يجود به الزمان, ورغم أن نصيبه من الشهرة لم يبلغ ما يستحقه, لكن أدواره القليلة التي اتيحت للمشاهدة سجلت علامات محفورة علي الشريط السينمائي, هو عبد العزيز خليل (26 مايو عام 1887 – 11 فبراير عام 1969), لعب كثير من الأدوار المختلفة, وكان أشهر ادواره التمثيلية هو دور المعلم "العتر" في "العزيمة" من خلال أداء طبيعي شديد الحرفية وبالغ الحضور. ورغم أن الشخصية التي جسدها لم تكف عن الحاق الأذي بكل المحيطين بها لكنها فاحت بخفة الظل والتلقائية من خلال قدرة بديعة ومتمرسة علي المعايشة في وقت كانت مهنة التمثيل تحبو خطواتها الأولي, بدأ عبد العزيز خليل مشواره الفني مع فرقة سلامة حجازي عام 1905، ثم انضم إلى فرق الهواة في الإسكندرية, كتب الصحفي كمال سعد في جريدة المصور : عندما حضرت سارة برنار إلي القاهرة في عام 1908 لتقديم بعض الاعمال المسرحية, أراد نجيب الريحاني وعبد العزيز خليل وعزيز عيد أن يشاهدوا الممثلة العالمية، وكانوا جميعاً في حالة إفلاس, فذهبوا إلى مدير الفرقة، وقال له نجيب الريحاني: أخصم لنا نص عمرنا وخلينا نشوفها.. فضحك مدير الفرقة، وذهب ليروي القصة لسارة برنار التي طلبت رؤيتهم على الفور, وقررت أن يكونوا ضيوفها في البنوار المحجوز باسمها طوال فترة إقامتها. ولم تكتف بذلك، بل استغلت هوايتهم وأظهرتهم في أدوار صغيرة في بعض فصول مسرحياتها, وقبل أن تغادر القاهرة قالت في حفلة وداعها: (في هذه الزيارة رأيت مجموعة من الشبان المتحمسين لضرورة إيجاد كيان فني في مصر، وأذكر من هؤلاء الشبان نجيب الريحاني وأحمد فهيم وعزيز عيد وعبد العزيز خليل، فهم في رأيي المشاعل التي ستنير للفن طريقه". عمل عبد العزيز خليل ممثلاً ومخرجاً ومدربا للممثلين في أغلب الفرق المسرحية وخرج من تحت يديه اسماء صارت نجوم لامعة. كما كان له باع كبير في دارة الفرق المسرحية التي عمل بها وكانت إدارته تتسم بالحزم والصرامة والانضباط، ومنها: فرقة جورج أبيض، وسلامة حجازي، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة أمين صدقي، وفرقة عزيز عيد، والفرقة القومية، والفرقة المصرية الحديثة. كما شغل عبدالعزيز خليل منصب أول نقيب للممثلين وذلك في عام 1924. يروي عبد الله احمد عبدالله (ميكي ماوس) في كتابه "رادار في الوسط الفني" : في أحد أيام عيد الفطر عام 1931 كانت تعرض مسرحية "محمد علي الكبير" علي مسرح الأوبرا الملكية وتحت رعاية الملكية السامية, وقد تشرف العرض بحضور جلالة الملك أحمد فؤاد الذي جلس في بنواره لتبدأ المسرحية حتي جاء دخول عبد العزيز خليل متقمصا شخصية محمد علي الكبير, شخصيا وما أن أهل بوقار وجلال وهيبة محمد علي الكبير مؤسس مصر الحديثة حتي انتفض الملك واقفا إجلالا واحتراما لجده العظيم. وفوجئ الجميع بوقوف الملك وقد تبعه كل الحاضرين وبمقدرة الفنان المتمكن سيطر عبد العزيز خليل علي الموقف بأن مضي إلي حيث كرسي العرش في صدر المسرح وترك الملك والحاضرين وقوفا حتي جلس واطمأن في جلسته, ثم تفضل وأشار للملك والحاضرين بأن يجلسوا, وجلس الملك يصفق وتبعه الحاضرين, وفي اليوم التالي للعرض جاءه مظروف من السراي الملكية به 200 جنيه تقديرا لأداء دوره.. قدم عبد العزيز خليل اعمالا عديدة في المسرح, ولعب أدوار متميزة في السينما منها: من الجاني, ممنوع الحب, البؤساء, مصنع الزوجات, إلي الأبد , قضية اليوم , شارع محمد على, أحمر شفايف, شهر زاد, الزلة الكبري, المتهمة, الستات فى خطر, محطة الأنس, باب الحديد, سمارة , أثار في الرمال, امريكانى من طنطا, عائشة, مصطفي كامل, .. كانت طلته تثري الكادر السينمائي وتستحوذ عليه في حضرة الكبار بما يملكه من تفاصيل أدائية مبهرة جعلت العيون مشدوهة ناحيته حتي وإن لم يظلل هذا الانتباه إلي شهرة كان يستحقها دون شك..