فرضت تطورات قضية سد النهضة الإثيوبي، نفسها على الساحة، خلال الفترة الاخيرة، وكثرت الانباء حول وساطات عدة لتقريب وجهات النظر بين اطراف الملف الثلاثة "مصر والسودان واثيوبيا"، والتى كان اخرها، استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسي، امس الاول، في قصر الاتحادية الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي يحل ضيفًا على مصر في زيارة عمل لمدة ثلاثة أيام، الزيارة التى تأتى عقب زيارة مماثلة أجراها للعاصمة الإثيوبية أديس بابا شهر مايو الماضي، بالإضافة إلى زيارة ثالثة قام بها منذ عدة أيام للسودان، ما يعطي إشارة قوية إلى وجود تحركات لتقريب وجهات النظر في الملف المعقد، فيما يعتبرها متخصصون في الشأن الإفريقي، ذات دلالات عدة، خاصة في الوقت الراهن، حيث مازالت مصر والسودان وإثيوبيا يبحثون عن مخرج لأزمة السد الاثيوبى، مشيرين الى أن الحديث عن الوساطة حول السد قد يكون مطروحا بين الرئيسين، لأن الملف له تداعياته على القارة الإفريقية ككل، موضحين ان إريتريا تستطيع أن تكون لاعبا رئيسيا في هذا الملف، خاصة وأن مصر شريكة لإريتريا في تأمين المجري الملاحي للبحر الأحمر، في إطار التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب، وان كان الامر كله فى النهاية متروكا لوساطة الاتحاد الإفريقي. ورغم ان الخلاف مازال موجودا حول سد النهضه بين الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، على المستويين الفنى والقانونى، الا ان القاهرة اكدت انها ستظل تعقد المناقشات فى هذا الشأن لتقريب وجهات النظر والمساعدة على الوصول لتوافق، كون التعاون المشترك هو مبدأ مصر على مدى التاريخ، فهى غير معتدية على حقوق الآخرين بل أنها دائماً ما تدعم الدول بشكل عام، وبناء على ذلك جار عقد الاجتماعات الثنائية بين المراقبين والدول كل على حدة، بالتزامن مع اجتماعات الفرق القانونية والفنية بوجود هؤلاء المراقبين ايضا، فيما تواردت أنباء حول بدء اديس ابابا في عملية ملء السد بشكل غير معلن بالرغم من سير المفاوضات حاليا بشرط عدم اتخاذ إجراءات أحادية من أي جانب قبل التوصل إلى اتفاق، الامر الذى استبعدته القاهرة ،مؤكدة على انه لا يوجد جديد حتى الوقت الراهن، وان الامل مازال موجودا بأن " تخرج الاجتماعات الحالية بشيء . ولليوم الخامس على التوالى، تواصل الدول الثلاث المفاوضات بحضور المراقبين من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب إفريقيا، وممثلي مكتب الاتحاد الإفريقي ومفوضية الاتحاد الإفريقي، والخبراء القانونيين من مكتب الاتحاد الأفريقي، الامر الذى يراه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية "نبيات جيتاتشو"، لا علاقة بينه وبين عملية بدء ملء بحيرة السد، مشيرا الى ان عملية التعبئة جزء من سير أعمال السد، بينما المفاوضات هي للتوصل إلى اتفاق شامل لآليات التشغيل على المدى البعيد، التصريحات التى تعكس عدم توافر ارادة سياسية لدى اديس ابابا حتى الان للتوافق، علاوة على غياب حسن النوايا لديها فيما يخص التفاوض. على جانب آخر، أعلن الجانب السودانى أن "الخلافات محدودة"، مقدما شرحا لوجهات نظره والمحطات الرئيسية للمفاوضات بين الدول الثلاث، واثر السد على الخرطوم والدول الأخرى، وعرض القضايا القانونية المعلقة، الى جانب النقاط الفنية المختلف عليها، وأكد إمكانية تجاوزها بالتفاوض، مقدما مقترحات لحل هذه القضايا، وذلك خلال لقائه مع فريق المراقبين من طرف الاتحادين الأفريقي والأوروبي والولاياتالمتحدة، فيما اكدت القاهرة ان المفاوضات كشفت عن تباين في وجهات النظر مع إثيوبيا، وإن مسألة النيل وجودية، وأنه "لا توافق حتى الآن". من جانبه، يرى دكتور" أيمن سلامة" ، أستاذ القانون الدولي العام، إن الدفوع الإثيوبية الواهية لسيادتها المطلقة علي نهر النيل الأزرق، وإنها دولة المنبع المالكة للنهر هى مجرد "أكاذيب "، وإن تجاهل وإنكار إثيوبيا لحقوق دول الجوار وخاصة مصر دولة المصب لنهر النيل ما هو إلا تجاهل وإنكار شاذين، فهذه الحقوق فى كل المعاهدات الدولية والأحكام القضائية الدولية سواء أكانت أحكام صادرة عن محكمة العدل الدولية أو لهيئات التحكيم الدولي، فضلا عن آراء كافة فقهاء القانون الدولي دون استثناء، هى حقوق خصها القانون الدولي لعوامل عديدة أهمها العامل الجغرافى، لذلك فإن المزاعم الإثيوبية لا تعدو إلا أن تكون مرسلات من دون عمد أو أساس، موضحا ان الزعم الإثيوبى بأن الاتفاق الفنى النهائي المرتقب الشامل لتشغيل السد ، يجب ألا يكون اتفاقا ملزما فهذا أيضا هو " مرفوض"، ووفقا لسلامة، فإن أي صك دولي تعقده الدول ذات السيادة وينشئ حقوق وواجبات دولية علي أطرافه، أيا كانت تسميته فهو بمثابة معاهدة دولية ملزمة، مشددا على أن الأمر كلهُ، متوقف على التكيف الحصري لمجلس الأمن، الذي يختلف من حالة إلى حالة ومن ظرف إلى ظرف، في تحديد أن نزاع ما يهدد السلم والامن الدوليين. جدير بالذكر، ان اجتماعات امس، تمت على التوازى للفرق الفنية والقانونية، ثم يلي ذلك مرة أخرى عقد الاجتماعات الثنائية بين كل دولة على حدة على مستوى المراقبين، حيث عرضت كل دولة وجهه نظرها في كل من الشقين الفني والقانوني، ونقاط الخلاف مع تقديم بعض البدائل والصياغات للوصول إلى تفاهمات بشأنها، إلا أن الخلافات ما زالت جوهرية في كلا المسارين حتى الان.