أقام منتدى الشعر المصري الجديد، إحتفالية بالذكرى السابعة للشاعر حلمي سالم شارك فيها الشعراء د. حسن طلب ود. محمود نسيم وعيد عبدالحليم ومحمود قرني وزيزي شوشة والمفكر نبيل عبدالفتاح وأدارها الشاعر على عطا، وفى أثناء الاحتفالية تم الإعلان عن تدشين جائزة باسم الشاعر الراحل تمنح سنويا لأفضل ديوان يقدم للمسابقة الخاصة بذلك. فى البداية أكد الشاعر على عطا أن حلمي سالم كان متسامحاً بغير التنازل عن المبدأ، كان بمثابة الأب الروحي، وكان ذا قدرة فائقة على أنسنة الحياة، وكان شجاعاً فى مراجعات الذات. ومن هنا كثرت اشتباكاته مع نصوص شتى ومن أجيال مختلفة. وتحدث د. نبيل عبد الفتاح قائلا: الشعر يحاول فك شفرات الوجود، الشعر الفذ وتجاربه الاستثنائية يدور فى ممالك اللغة السحرية. الشعر الخلاق هو فعل تجاوز وبناء الأبنية وعلاقات وأنسجة لغوية مغايرة، ومن هذا التصور أتحدث عن حلمي سالم وعن جيله الذي حاول مع أبناء جيله تجاوز اللغة الشعرية التي كانت سائدة قبل ذلك، ومن ثم كانت أعمال حلمي محاولة جسورة للقطع مع التجارب الشعرية السابقة، مثل صلاح عبدالصبور، وحجازي وأبو سنة. خرج حلمي سالم وصحبه بجسارة ليؤسسوا رؤية جديدة فى القصيدة العربية القدرة على التجاوز والقلق أحد المراجع المهمة فى تجربة حلمي سالم الشعرية، واكتشافاته عبر اللغة التي جاءت تعبيرا عن إبحاره فى عالم اللغة، فجاءت لغته التي شكلت نقلة مهمة فى قصيدة النثر مع جيله أمثال حسن طلب ومحمود نسيم وأمجد ريان وجمال القصاص. حتى فى مؤلفاته النثرية التي تعبر عن همومه وإنشغاله بالهم العام مثل كتاب " حكمة المصريين" و"الحداثة أخت التسامح"، و"هيا إلى الأب" وغيرها، و"ثقافة كاتم الصوت". حلمي كان شخصاً ودوداً حسن المعشر، قابلته لأول مرة عام 1984، وكانت لقاءاتنا حالة من التواصل المستمر. إعلان الجائزة ثم قرأ نبيل عبدالفتاح بيان جائزة حلمي سالم، والذي جاء فيه: إنه وفاءً لاسم الشاعر الكبير "حلمي سالم" فإن منتدى الشعر المصري يسعده أن يكون أول المبادرين بالسعي إلى تعزيز حضور شاعر لن يغيب عنا أبداً، وذلك بإطلاق اسمه على جائزة للشعر الجديد، فكل أعضاء المنتدى وبين تلامذته، ومحبيه ومن المتأثرين به وبجيله، ولاشك أن التركة التي خلفها حلمي سالم واحدة من كنوز شعريتنا المعاصرة، وقد كانت مساهماته النظرية والإبداعية محط تقدير كبير من الأطياف كافة فى ثقافتنا العربية، ولا شك أن تجرية إضاءة " 77 التي كان حلمي سالم أحد أركانها، واحدة من أهم التجارب التي عززت كسر طوطمية الشعريات التليدة التي جثمت على الصدور واعتقدت أنها احتكرت الحقيقة، كما كانت نضالات حلمي سالم على المستويين السياسي والاجتماعي واحدة من أبرز تمايزاته لاسيما وأن معظم شعرائنا لم يبلغوا أبداً قيمة وفضيلة وأهمية العمل السياسي بالنسبة للشاعر. وقد ترك لنا حلمي سالم عشرات القصائد التي تعكس انحيازاته الطبقية والإنسانية، وهي بلاشك واحداً من معالم مفهوم الالتزام بمعناه المتجدد صاحب الوعي الجذري بمشكلة الإنسان فى أي مكان. عاش حلمي فقيرا إلا من موهبته الكبيرة ومن حريته التي كان ينشدها فى كل الأصقاع. لقد عاش حلمي سالم طرفاً من ثورة الخامس والعشرين من يناير وكان فرحة بها شيبة فرحة بنص لم يكتبه بعد.. وهانحن نستعيد حلمي بتلك الجائزة التي تشرف بأن تحمل اسمه من أجل الشعر الجديد الذي كان يمثل إنحيازه الأول وخياره الأخير. ويتكون مجلس أمناء الجائزة من الناقد د. شاكر عبدالحميد والناقدة فريدة النقاش والمفكر نبيل عبد الفتاح والشاعر د. محمود نسيم. وتتضمن شروط الجائزة أن يكون الديوان غير منشور، وألا يكون قد حصل على جائزة أخرى، وأن يرسل المتقدم ثلاث نسخ ورقية من الديوان مع نسخة الكترونية، وأن يفتح باب التقدم للمسابقة فى أول أغسطس 2019 إلى الأول من مارس 2020، وسوف يتم إعلان فى الأول من مايو من العام نفسه، وسوف يتم إرسال الأعمال المشاركة فى المسابقة إلى مقر مجلة "أدب ونقد" حزب التجمع 1 شارع كريم الدولة ميدان طلعت حرب القاهرة، بأسم الشاعر عيد عبدالحليم، وتحدث الشاعر د. حسن طلب قائلا رحيل حلمي سالم كان صدمة لنا جميعا، ولي بشكل خاص لأنه كان أعز أصدقائي، ولم أفق من الصدمة لفترة، لكن بعد فترة أفقت وكتبت عنه قصيدة لكنها طالت مني لتصبح ديواناً شعرياً، وأنا لم أكتب هذه القصيدة لأرثيه، لأنني أشعر دائماً أن يجيء " أحاوره ويحاورني. ثم قرأ د. طلب مقاطع من قصيدته " كلانا لاعب". حوار دائم وقدم الشاعر د. محمود نسيم التحية للقائمين على منتدى الشعر الذي خصصوا جائزة باسم حلمي سالم وأضاف د. نسيم قائلا: حلمي سالم شعريا فى تصوري يصمد فى رهان الزمن، وهذا هو الفن الحقيقي، الذي يبقى لأجيال متغيرة، نحن أذن أمام تجربة تحاور أزمان متعددة، حلمي حاضر، بشكل أو بأخر فى تجارب أخرى. والصمود أمام الزمن رغم الغياب الجسدي لصاحبها، فى الأيام القادمة سنشهد قراءات متجددة لشعر حلمي سالم وسيظل قابلا لقراءات مختلفة، وهذا أسمى ما يملكه شاعر أن يكون ذاكرة لأمته.. نحن إزاء شعرية حوارية، حلمي شاعر الحوار الشعري والفكري، هو دائم الحوار حتى مع شعراء يختلف معهم مثل أمل دنقل، ومع أبناء جيله حيث كان أحد أكثر المشايعين لأبناء جيله، كان يدعم هذه التجربة، مع أنه كان ينتقد بعض تجسداتها. حلمي شاعر تجريبي بامتياز، ليس الخروج عن الشكل، ولكن التجريب بمعناه الأعمق بمعنى التغيير الاجتماعي كان يرى أن هناك ضرورة اجتماعية للتغيير لابد وأن يواكبها الشعر.. التجريب عنده ضرورة معرفية وجدلية، وربما نلاحظ القفزات فى تجربته الشعرية، كان دائم المغادرة لمعطيات جمالية مختلفة. ثم قرأ د. محمود نسيم قصيدة تحت عنوان "موتة وصباه وأيامه وهواه متواليات شعرية فى صحبة حلمي سالم ". وقرأ الشاعر محمود قرني قصائد من ديوان "الشفاف والمريمات" لحلمي سالم كما قرأت الشاعرة زيزي شوشة مجموعة من قصائده، وقرأ قرني قصيدة مهداة لحلمي سالم تحت عنوان " تسلخات صيفية. خصائص فنية وتحدث الشاعر عيد عبدالحليم قائلا: كانت القصيدة عند حلمي سالم متعة وحياة وقلق واصطياد للعبارة من بحر متلاطم الأمواج، الشعر عنده يمتلك روح المفاجأة قدر امتلاكه للمفارقة والكشف عن المسكوت عنه فمنذ قصيدته الأولى أدرك أن الحياة هي مايؤسسه الشعراء فأخلص للشعر فأعطاه أكثر من عشرين ديواناً، كل واحد منها عالم مختلف ورؤية جديدة، كان يلبس دائما ثوب المجرب دون حساب للتجربة أو النتائج، مغامر شرس شراسة اللغة التي تنتجها التجربة، مجازفا إلى حد الذوبان فى المجازفة، عايش حروباً عدة على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام، وفى كل حرب خرج فائزاً بديوان شعر، وأضاف عبدالحليم أن حلمي سالم تميزت شعريته بعدة خصائص منها أنه شاعر عابر للحظة يمتلك التحول من بنية النشيد الرومانسي إلى بنية السرد الفجائعي الجارح، كذلك التمرد على فكرة الشكل والمضمون فتجربته قوس مفتوح على العالم وعلى التجريب الشعري، كذلك التناص مع التراث الثقافى العربي والعالمي، مما يعطي لشعره مرونة من تعدد روافده. كذلك شعرية التشكيل البصري، من خلال تعدد مستويات الرؤية، وهذا ناتج عن تلاحق الصور وتدفقها. وقد شهدت الاحتفالية عدة مداخلات فتحدث الأديب الليبي أحمد الفيتوري قائلا: عرفت حلمي سالم من خلال صديقي الشاعر الليبي الراحل محمد الفقيه صالح ونحن فى السجن فى ليبيا لمدة عشر سنوات، حيث كان يحكي عنه كثيرا ويقرأ أشعاره. فى عام 1989 جئت للقاهرة، من ضمن من بحثت عنهم حلمي سالم فجمعنا الهم العام فى صداقة طويلة استمرت لسنوات تجربة شعراء السبعينيات تجربة عربية وليست تجربة قطرية فالشعر يخترق الأماكن والحواجز، مما جعل العلاقة تتوطد بيننا.. شعره يندمج فى شخصيته، هناك تداخل فى التجربة الشعرية والفكرية والإنسانية لديه. أما يسري سالم شقيق الشاعر الراحل فقال: حلمي كان قلب فى شكل رجل، قلب أبيض مفتوح على البشرية كلها، وإعلان جائزة باسمه رد اعتبار له كشاعر ومبدع. وأكدت الفنانة حياة الشيمي: الجائزة رد اعتبار لحلمي سالم فقد كانت خياراته كانت صعبة لكنها كانت تعبر عنه، قضيته الأولى كانت الشعر.