صبيحة عيد الفطر.. أرادوها مذبحة لا تقل بشاعتها وعدد ضحاياها عن حادثة مسجد الروضة، فتصدى لهم بفدائية جنود أرادوا لنا عيدا آمنا، فتقبل الله من دمهم الفداء. حديث عن مذبحة كبرى أرادتها داعش فى سيناء صبيحة عيد الفطر، ومنعتها قوات الأمن بقوة وفدائية، وحديث آخر حول شواهد الإنتقام وحالة من الجنون أصابت التنظيمات الإرهابية بعد تسليم هشام عشماوي للسلطات المصرية، ولم لا وهو المتهم فى 52 قضية متعلقة بالإرهاب، ويتخطى عدد شهدائها 500 فرد بين مدني وعسكري، فضلًا عن كونه مخزنا كبيرا للمعلومات حول الجماعات الإرهابية ومصادر تمويلها والداعمين لها من مختلف البلدان. تواريخ ودلالات الاستهداف… تحدث الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، منير أديب، عن تاريخ الاعتداء على الأكمنة فى محافظة شمال سيناء، حيث يتزامن الاعتداء الأخير مع ذكرى النكسة عام 1967 وتحديدا فى 5 يونيو، وأوضح أديب أنه غالبا ما تختار التنظيمات المتطرفة ذكرى الإنتصارات والهزائم لترتكب فيها جرائمها، سواء كانت تواريخ ذات مغزى ديني مثل غزوة بدر 17 رمضان أو تواريخ لها دلالة سياسية على معارك عسكرية فى العصر الحديث، وهو ما انطبق على ما حدث صبيحة عيد الفطر وذكرى هزيمة يونيه عام 67. وقال أديب إن اختيار ذكرى عيد الفطر وربما توقيت الاعتداء، وهو ما قبل موعد صلاة العيد بدقائق قليلة، وسرعة تنفيذ العمليات الإرهابية وتوقيتها المتزامن، جاء بهدف إرباك قوات المواجهة والتأمين، موضحا أن اختيار الوقت والمكان المناسبين جزء من إستراتيجية التنظيمات المتطرفة عند تنفيذها للعمليات المسلحة، مشيرا الى أن أغلب العمليات النوعية التي صادفت هذا الاختيار نالت نصيبا من النجاح، مؤكدا أهمية التركيز فى اختيار الوقت مع عنصر المفاجأة وحالة الإرباك التي تصنعها العناصر المتطرفة، وأن هذه عناصر لازمة تستخدمها فى كل عملية مسلحة تقوم بتنفيذها. وأشار الباحث فى شئون الجماعات المتطرفة إلى ضرورة استعداد القوات فى الأوقات غير المتوقعة والأيام التي يضعف احتمال تنفيذ هجوم فيها، فضلا عن تأهيلها لصد أي هجوم مهما كان ومهما كانت الأسلحة المستخدمة فيه «ثقيلة أو خفيفة»، كما أكد ضرورة تدريب قوات التدخل السريع والدعم لكل الكمائن، بحيث لا يتجاوز أكثر من 5 دقائق على أقصى تقدير. تأمين الكمائن… وطالب «أديب» بتأمين كل الكمائن الموجودة بمثلث الصراع فى رفح والشيخ زويد والعربش، وذلك من خلال وسائل جديدة ومبتكرة، مضيفا أن وظيفة الكمائن الحقيقية هو التأمين، ولكن لا يمنع ذلك من تأمينها بما يُنهي على قصة الاعتداء المتكرر عليها، فأرواح الجنود والمقاتلين أغلى بكثير من مجرد وضع خطة للحفاظ على أسلحة ومعدات هذه الكمائن. وقال «أديب» إن استهداف كمائن محافظة شمال سيناء دليل على نجاح أجهزة الأمن فى التعامل مع التنظيمات المتطرفة فى المحافظة الحدودية، وذلك لعجزها عن مواجهة المراكز الشرطية وأفراد الأمن ومعسكراتهم كما كان يحدث فى السابق، موضحا أن هذا الأمر يرتبط بقدرة عمليات التأمين من ناحية، وقدرة أجهزة المعلومات فى الحصول على المعلومات التي من شأنها إحباط أي هجوم قبل أن يحدث من ناحية أخرى. وأضاف : «لابد أن يُدرك الجميع أن الاعتداء على الكمائن أمر متوقع وربما يكون أبسط المتوقع فى ظل صراع المواجهة مع جماعات العنف والتطرف والتمرد وبخاصة الموجودة منها فى سيناء، وأن الانتصار فى معركة الإرهاب يرتبط بما تقدمه أجهزة الأمن من تضحيات غالية وثمينة، وهو ما يحدث بالفعل، وهذا دليل قوة وليس دليل ضعف أو هزيمة أو انكسار». وطالب منير أديب، بإعادة النظر فى عمليات التأمين بصورة عامة وتأمين الكمائن على وجه الخصوص، موضحا أن كل خطط التأمين فى العالم تخضع للمراجعة وقراءة العدو أو المهاجم، وهنا تبدو أهمية قراءة ذهنية داعش العسكرية والفكرية، وذلك على اعتبار أن الأفكار والحماسة قد تحرك ولاية سيناء فى الكثير من العمليات العسكرية؛ مؤكدا أن هذه القراءة تفيد وتُساعد كثيرًا فى عمليات التأمين، كما أنها توفر المعلومات وتؤدي ذات الغرض. كما أشار إلى ضرورة وجود عدة كمائن متجاورة ووجود عدد أكبر من قوات التأمين قريبة من الكمائن، لا يفصلها عن هذه الكمائن أكثر من 5 دقائق، وأن يوجه بوجود قوات تأمين سرية وسط المناطق السكنية، وأن تزرع كاميرات مراقبة سرية على أكثر من 10 كيلو مترات فى محيط الكمين الواحد، بحيث ترصد حركة المتطرفين ويتم التعامل معها من خلال سلاح الجو بشكل مباشر. كما طالب أديب بقراءة قوة تنظيم داعش فى سيناء بصورة دقيقة وملامسة للواقع، وأن تحدث هذه القراءة بشكل دوري حتى يتم تأهيل واستعداد القوات وفق المتوافر من المعلومات بشأن قوة العناصر التكفيرية. وأكد أديب أن الخسائر التي تحدث فى الأرواح فى الحقيقة هي ليست خسائر وإنما هي ضريبة مواجهة للإرهاب، مؤكدا أن المعركة سوف تنتهي بالقضاء على هذا الإرهاب، ولكن بتضحيات وشهداء، فدماء هؤلاء الشهداء هي التي تسطر معركة النهاية فى حياة تنظيمات العنف والتطرف.. على حافة مذبحة… فدائية… تحدث عنها العميد خالد عكاشة، مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، حيث أكد أنه لولا بسالة أبطال كمين البطل 14 واحباطهم مخطط الجماعات الإرهابية فى الوصول إلى المدنيين بمدينة العريش صبيحة عيد الفطر المبارك، لشهدنا مذبحة كبرى مثل ما حدث بمسجد الروضة، موضحاً أن هدف العملية التى نفذها المجرمون صباح العيد كانت تستهدف أهالى العريش، وهم يتبادلون التهانى فيما بينهم والاحتفال بعيد الفطر. وأوضح «عكاشة» أن شهداء الكمين كانوا حائط صد للعملية الإرهابية الغادرة التى كانت تستهدف سكان مدينة العريش، مؤكدا أن احترافية الأمن فى التعامل مع هذا الحادث طوقت الإرهابيين ومنعتهم من العودة إلى الجبال مرة أخرى بفضل التمشيط الذى قام به الطيران المصرى، فأجبروا على التسلل مثل الفئران إلى أحد المنازل المهجورة بمنطقة حى المساعيد، وتوصل الأمن اليهم خلال وقت قصير. وأضاف مدير المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الجهود الأمنية والتأمين عالى المستوى قادة رجال الأمن إلى مجموعتي دعم للمجموعة التى نفذت عملية الكمين والتى تم على إثرها قتل 8 إرهابيين داخل مزرعة الزيتون بمنطقة العبور و4 آخرين فى منطقة أبو عيطة بالعريش صباح اليوم، وتابع: «وللعلم العملية الأمنية لم تنته بعد، وما زالت العمليات الأمنية مستمرة حتى الآن». هشام عشماوي… بينما أشار الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق بتنظيم الجهاد، إلى تورط عناصر من حركة حماس والإخوان المسلمين فى العمليات الإرهابية التي تحدث فى سيناء، مؤكدا أن هناك عدة دول تقدم الدعم للعناصر المتطرفة فى سيناء وذلك بمساعدة الحركة فى غزة، مشيرا إلى حالة الغضب التي انتابت الجماعات الإرهابية بعد تسليم هشام عشماوي للسلطات المصرية، والذي وصفه البعض بالصيد الثمين والصندوق الأسود لجماعات الإرهاب والتطرف بالمنطقة. بينما قال ماهر فرغلي، الباحث فى شؤون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان المسلمين وعناصرها الهاربين فى الخارج حولوا هشام عشماوي الي بطل وليس ارهابيا ارتكب العديد من الجرائم الإرهابية، وكان يهدف لإعادة عمل تنظيم القاعدة فى مصر مرة أخرى. مشيرا من ناحية أخرى إلى أن العملية الإرهابية التي قام بها تنظيم داعش الإرهابي جاءت بمثابة إثبات وجود للجماعات الإرهابية فى شمال سيناء بعد مقتل جميع قادة التنظيم داخل وخارج مصر، مضيفا أنها ليست الأولى من نوعها التي تعمل بشكل ممنهج لاستهداف الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية دون تمييز. لندن مأوى الإرهاب… بعد أيام قليلة من تسليم الإرهابي هشام عشماوي للسلطات المصرية، طالب المتطرف هاني السباعي، بالإفراج عن الإرهابي هشام عشماوي، فى موقف أعاد طرح التساؤلات عن العلاقة التي تربط بريطانيا بأجندات القيادات المتطرفة. وفى خطبته الأخيرة، دعا السباعي علنا للعنف والقتل فى مصر، وحرض على شن هجمات إرهابية ضد الجيش المصري. وحاول السباعي أن يضع رأيه المتطرف والمحرض على الإرهاب فى إطار الفتوى، مستخدما الدين ومتحدثا باسمه فى تطبيق للنهج الإخواني. ومن على المنبر البريطاني، وصف السباعي الإرهابي المصري هشام عشماوي بالمعارض السياسي، مطالبا بالإفراج عنه.