برامج الصباح، وآه منها برامج الصباح حين ننتظر منها أن تعطينا طاقة إيجابية من خلال حدث جديد له صدي فى الشارع، أومبادرة جميلة تلهم الناس بسلوك إيجابي أو.. أو.. لكننا غالبا ما نلبس الوجه الجدي صباحا لأسباب عديدة، اولها أننا فى أول النهار ولدينا أخبار اليوم الجديد إلى جانب أخبار الأمس، والتي تتم إعادتها بدون أي أضافات. أما الامر الثاني فهو هذا الكورس الاجباري لبرامج الامس، اي التوك شوز الرئيسية لنجوم القنوات، والتي يلزم إعادتها صباحا قبل ان نعرف برامج اليوم. لا اعرف من الذي وضع هذه القاعدة ولكنني متأكدة أنها قاعدة غير حميدة، فلكل يوم أحداثه وآفاقه ولابد ان يكون لبرامج الصباح أهميتها مثل المساء، بل لابد ان يشعر ملايين المصريين فى بيوتهم بأنهم اكتسبوا أشياء مهمة وعرفوا ما يضيف اليهم من مهارات حتي ولو لم يكونوا من موظفى الحكومة، أو من العمالة المنتظمة. المهم ان جولتي الصباحية مع الريموت كونترول أفلحت فى اكتشاف برنامج يعطي لفترة الصحيان قدرها، وهو برنامج «صباح النور» على شاشة قناة «سي تي ڤي»، وهي قناة تجمع بين الاهتمام بالدِّين المسيحي وبين الاهتمام بالوطن بكل أطياف مواطنيه، وفِي البرنامج كانت اول صورة رأيتها لفتاتين ضيفتين، واحدة ترتدي الحجاب والثانية بدونه «نادية ومريم»، والثالث رجل كان مقدم البرنامج يناديه ب «المحارب» واسمه طلعت منصور صاحب مبادرة باسم «المصريين أولى» وملخصها دعوة مفتوحة لكل من يجد لديه رغبة وإرادة لتعلم صناعة الاحذية الكوتشي، والشنط المدرسية والشبابية التي يتم استيرادها غالبا من الصين، وقد بدأت مبادرة السيد طلعت- ككل المبادرات- بورشة صغيرة توسعت وكبرت الان بفضل الإقبال عليها من الناس الذين يريدون تعلم صنعة وتوفير أموال لا يمتلكونها لشراء مستلزمات المدارس لاولادهم وبناتهم، نسيت أن أذكر أن الضلع الرابع فى الاستديو كانت تحتله تشكيلة رائعة من الاحذية والحقائب بألوان مختلفة وموديلات متنوعة، وهو ما مكن مقدم البرنامج ذا الحضور القوي والاداء الطبيعي «واسمه أسحاق» مكنه من استعراض منتجات المبادرة، وتقريبها للمشاهدين ودعوة ضيوفه للتعليق عليها، والاستعلام عن فرق الأسعار بينها وبين المنتجات الصينية الذي يصل الي 50 ٪ فى بعضها وأكثر من هذا فى البعض الاخر، أما الأهم من هذا فهو الحوار الذي عرفنا منه أن النساء المصريات كن الاكثر إقبالا على هذه الدعوة للتعلم خاصة وان صاحبها وفريق العمل معه أعلنوا بوضوح «من خلال موقعهم على جوجل» ان التعليم متاح للجميع من تمتلك ماكينة خياطة منزلية، او لا تمتلك ومن يريد تعلم كل مراحل الحرفة الأربعة، او مرحلة واحدة فقط ذلك لان صناعة الكوتشي تحتاج أربع مراحل. ويؤكد المحارب «كما يفضّل هذه الكنية» أننا لابد وان يساعد بعضنا البعض، وأنه وجدها- اي المبادرة- فرصة لتدريب وتعليم الاخرين مجانا، بل ان التدريب تطور الي تعليم حرف أخري كما تقول «نادية شحاتة»، مثل تفصيل الملابس والكروشيه والخيامية وغيرها من الحرف المصرية العريقة. بينما تؤكد زميلتها «مريم ماجد» أن أصحاب محلات بيع الخامات قالوا لها إن المبادرة خلقت لهم مستهلكا جديدا من فئات المتعلمين الجدد الذين تحولوا الي صناع سواء فى بيوتهم، او انضموا لورش قديمة. أخيرا فإننا امام تحد جديد يعلنه هذا الرجل- اي المحارب- عبر البرنامج، بأن تصبح النساء هُن صانعات كل ما يرتديه اولادهن ومجتمعهن من أحذية حديثة، وان «صناعة الاحذية فى مصر طول عمرها رجالي، ولكنها الان تتحول» موجها شكره لمن وثق فى تجربته وتعلم، وللتجار الذين ساندوا المبادرة باعطاء الخامات وتأخير الدفع، مؤكدا انه بإمكان المتعلم ان يصنع عشرين حذاء يوميا بمكسب قد يصل لألف جنيه. ولينتهي اللقاء بطاقة ايجابية كبيرة سواء كنت مشاهدا فقط أو باحثا عن فرصة عمل ورزق، أو مستفزا من أسعار الاحذية والشنط المستوردة من الصين الشقيقة.
