لم تكن جوائز الدوره ال39 من مهرجان القاهرة السنمائى، والتى انتهت مؤخرا، هى الوحيدة المخيبه للآمال لأنها لم تتوافق وتوقعات البعض، أو بتعبير أدق حلق معظمها بعيدا عن تواقعاتهم، بل أن اختيارات أفلام المسابقة الرسمية نفسها لم تنل قبول البعض من جمهور المهرجان الذى غاب عن المشهد هذه الدوره مقارنة بالدورات السابقه، مقابل حرصه على متابعة أفلام البرامج الموازية (أسبوع النقاد، سينما الغد، آفاق السنما العربية) و التى حرص مديرو برامجها على انتقاء أفلام متميزة وبالأخص ما عرض فى أسبوع النقاد. فمثلا من أفلام المسابقه التى حصدت الهرم الفضى "قتل عيسى" من إخراج: "لاورا مورا"، ( كولومبيا، الأرجنتين)، والبرونزى "نينا" إخراج: يوراج ليهوتسكي، (جمهورية سلوفاكيا، جمهورية التشيك) أو جائزة نجيب محفوظ لأحسن سيناريو التى كانت من نصيب فيلم "الكلاب" إخراج: مارسيلا سيد، (تشيلي، فرنسا، الأرجنتين، البرتغال)، لم تكن على المستوى الفنى الذي يتيح لها حصد هذه الجوائز، بل ذهب البعض لأنها لم تكن تصح أصلا للمشاركة فى المسابقه الرسمية لمهرجان بأهمية ومكانة مهرجان القاهرة، وكان من الأفضل عرضها فى أقسام المهرجان الأخرى. بينما أفلام أخرى مثل الهندى "راديو" والذى أبدع مخرجه ساجار فانجارى وبلغة سينمائيه شديدة الخصوصية، كذلك الفيلم الأذربيجانى "بستان الرمان" للمخرج إيلجار ناجاف هو الآخر كان أحق بجائزة السناريو تحديدا لتميز حبكته الدرامية ورسم الشخصيات بصورة شديدة الخصوصية والتميز فى آن، لكن يبقى أن الجوائز اختيارات للجنة التحكيم تعبر عن ذوقها الخاص والذى حتما لا يمكن التوحد حوله، ساهم فى ذلك ضعف الأفلام المشاركة بالمسابقة الرسمية مقارنة بأقسام أخرى قامت بعرض أفلام كانت أكثر تميزًا. أسبوع النقاد رغم أن الدورة الحالية من المهرجان تشهد النسخة الرابعة من مسابقة أسبوع النقاد أحد البرامج الموازية التى تقام ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، والمعنية بعرض الأفلام الروائية والتسجيلية الطويلة، إلا أن هذه الدورة من المسابقه والتى أدارها الناقد رامى عبد الرازق نجحت فى جذب جمهور المهرجان لتميز الأفلام المعروضة والتى لاقت استحسانًا الحضور. الطريف أن معظم أفلام المسابقة تحمل توقيع (نساء) كصناع لهذه الأعمال، إضافة لأن محور الأحداث تدور أو تعتمد على وجود عنصر نسائى، ومن دون أن تقع هذه الأفلام (كشريط سينمائى) تحت تصنيف "سينما المرأة"، فقط دارت حول عالم النساء (عنهن ومن خلالهن) وكانت المرأة فيها هى مفتاح قراءه الفيلم. وكان فيلم "نجوم القرية" الذى حصد جائزة أفضل إسهام فنى من أفضل أفلام المسابقة، وهو تجربة خاصة لمخرجته ريما داس التى تولت أيضا مهمة تصويره ومونتاجه إضافة لكتابة السيناريو وانتاجه، ورصدت من خلاله هموم و أحلام أطفال ونساء وشيوخ قرية هندية فقيرة يعيش بها الكثير من الفقراء على هامش الحياة والأحلام أيضا، وفى ظل ظروف معيشية غاية فى الصعوبة. كذلك الفيلم الأيسلندى"البجعة" للمخرجة آسا هيلغا والذى فاز بجائزة شادى عبد السلام لأحسن فيلم، هو الآخر إستحوذ على إعجاب الجمهور نظرا للغته السينمائية شديدة الخصوصية، ولقدرة مخرجته على رصد الواقع المعاش برؤية تحمل الكثير من العمق. أيضا فيلم "أنا فقط..تشارلى" للمخرجة ربيكا فورتشن أحد أبرز الأفلام التى أثارت الكثير من الجدل نظرا لجرأة الفكرة وحساسيتها، إذ اختارت مخرجته مناقشة فكرة قبول الاخر بكل سلبياته و إيجابياته والتعايش معه، وذلك من خلال "التحول الجنسى" وتقبل المجتمع للفكرة أصلا وللشخص ذاته، كما نجحت إلى حد بعيد فى نقل مشاعر المتحول ومعاناته فى تفهم ما بداخله و جرأة مواجهه المجتمع حوله، وتحمل تبعات اختياره. قضايا ساخنة حظت الكثير من الأفلام التى عرضت ضمن برنامج "آفاق السينما العربية" أحد البرامج الموازية أيضا على إعجاب الحضور، حيث عرضت مشاركات من 6 دول عربية منها المغرب، سوريا، الكويت، تونس، لبنان وفلسطين.. وجاء الفلسطينى"اصطياد الأشباح" للمخرج رائد أنضونى من أبرز أفلام البرنامج حيث ابدع مخرجه فى التعبير عن معاناة آلاف الفلسطينيين الذين خضعوا لأشكال مختلفة من الإحتجاز، والاعتقال فى السجون الإسرائيليّه، كما نجح أنضونى فى اختيار فريق الممثلين ومعظمهم من السجناء السابقين، والذين سرد البعض منهم معاناته ولأول مرة فى حياته أمام الكاميرا التى رصدت انفعالاته وحجم المعاناة ما ترك أثرًا فى الجمهور.