حسمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولي بالبحيرة صباح أمس برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة قضية تجديد الخطاب الديني في العالم العربي والاسلامي وأصدرت حكما اكدت فيه علي ان الدعوة الاسلامية هي دعوة ملهمة لتطهير الروح والعقل والنفس والوجدان ضد التكفير والتعصب المذهبي والطائفي والعنف الدموي ومحاولات تلويث ساحة الافتاء وايدت فيه قرار وزير الاوقاف السلبي بالامتناع عن تجديد تصريح الخطابة الممنوح لاحد المنتمين الي التيارات الدينية المتشددة بمحافظة البحيرة استنادا الي السلطة التقديرية المعقودة لوزير الاوقاف المحددة لاساليب تجديد الخطاب الديني وأكدت فيه علي اختصاص وزارة الاوقاف بالقيام بالنشاط الدعوي الديني في مصر والعالم العربي والاسلامي لتبيان صحيح الدين وحظرت المحكمة علي غير المتخصصين والجهلاء والمغرضين إفتاء الناس في أمور الدين لما فيه من اساءة للاسلام الصحيح وقصرت المحكمة تجديد الخطاب الديني علي الفروع فحسب دون ثوابت الدين. فراغ تشريعي وفجرت المحكمة مفاجأة من العيار الثقيل بان المشرع الوضعي لم يضع تعريفا للمجتهد بما مؤداه ان هناك فراغا تشريعيا وليس شرعيا في هذا الشأن. ودعت المشرع الي ايجاد تنظيم تشريعي عاجل لعملية الافتاء في المجتمع المصري لتلافي الآثار السيئة وإحداث البلبلة في نفوس العامة واناطت المحكمة بعلماء الاوقاف والأزهر الشريف تجديد الثقافة الاسلامية وتجريدها من اثار التعصب الديني الناجم عنه الانحراف في الفكر المذهبي والسياسي وان الاسلام لم يعرف ما يسمي بالفريضة الغائبة في تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين. كما اشارت المحكمة الي انه في المسائل الخلافية التي تتعدد فيها آراء العلماء لا يجوز ان ينفرد فيها فقيه واحد. وان السبيل الوحيد هو الاجتهاد الجماعي لترجيح الآراء وانتهت المحكمة الي تحديد 9 ركائز أساسية يجب علي علماء الاوقاف والازهر الشريف علاجها تدور حولها أساليب وآليات تجديد الخطاب الديني وان دورهما يتكاملان ولا يتنافران. وأكدت المحكمة أنه إن لم تتحد الدول الاسلامية والعربية خاصة الخليجية منها مع مصر في العمل علي تجديد الخطاب الديني الصحيح والاصطفاف معها فسوف ينالها لا محالة قدر من هذا التطرف والإرهاب فهو بلا وطن وحتي ينكشف للأمة الإسلامية والعربية من يريد بها سوءا ومن ينقلب علي مصر فلن يضر الله بها شيئا. آليات التجديد وذكرت المحكمة ان اساليب واليات تجديد الخطاب الديني التي يتعين انتهاجها في العصر الحديث لمواجهة ظاهرة الارهاب يجب ان تجمع ولا تفرق تبشر ولا تنفر تصلح ولا تفسد تيسر ولا تعسر تصون ولا تبدد وان يأتي علي القمة من اولوياتها اهم تسع نقاط تالية تحتاج الي معالجتها من العلماء المتخصصين بوزارتي الاوقاف والازهر الشريف علي النحو التالي: أولا: تجديد الخطاب الديني يقوم علي السلام والاسلام لا يعرف ما يسمي بالفريضة الغائبة في تكفير المسلم وقتل البشر باسم الدين ثانيا: التجديد يقتصر علي الفروع فحسب دون ثوابت الدين والدين عقيدة لكل انسان وعلم قاصر علي العلماء واحتكارهم لتجديد الخطاب الديني لا يعني انغلاقهم عن المجتمع فلا قداسة في الاسلام وانما بتفاعلهم مع المجتمع. ثانيا: إن التجديد يقتضي اعادة فهم النصوص علي ضوء واقع الحياة وما تستحدثه البيئة المعاصرة بحيث تتناسب من روح التطور وهي سنة الحياة فلا تظل قابعة في البيئة التي صدرت بها منذ 1436 عاما مع عدم المساس بثوابت الدين نفسه من نصوص قطعية الثبوت وقطعية الدلالة فيجب ان يكون اسلوب التجديد في الفروع فحسب ليكون مواكبا للأحداث الجارية ومتأثرا بها محددا ما هو حق منها. ثالثا: تجديد الخطاب يجب أن يعالج "مفهوم الوطن" في ضوء حقيقة مفهوم "الفكر السياسي الاسلامي" وهما المعضلة الشائكة. ثالثا: يجب ان يكون علي القمة في عناصر تجديد الخطاب الديني كذلك معالجة مفهوم "الوطن" في ضوء تحديد حقيقة مفهوم "الفكر السياسي الاسلامي" وهما المعضلة الشائكة والمسألة المشكلة التي لا يهتدي لوجهها للمخاطر التي تواجه الامة. رابعا: التجديد يجب أن يكون عالميا يتعدي حدود الاقطار الاسلامية والعربية وعلي تلك الدول الاصطفاف مع مصر لمواجهة الارهاب لانه بلا وطن وحتي ينكشف للامة من اراد بها سوءا. خامسا: تجديد الخطاب يجب ان يعتمد علي الاعتدال ووسطية المنهج وهو ما يؤكده الاعجاز العددي للقرآن في سورة البقرة. سادسا: يجب أن يتناول التجديد طريق الوصول عبر تكنولوجيا العصر وأن يقيم وزنا في أدواته لشبكة المعلومات الدولية "الإنترنت" التي أضحت لغة العصر لتوجيه كافة المجتمعات البشرية إلي الحق والعدل والسلام وبدون لغة العصر المشار اليها سيضيع جهد المخلصين والمجتهدين اذ تواجه تربية النشء صعوبات جمة في عصر العولمة وتضاءلت دور الأسرة في اصلاح الابناء نتيجة التأثير السحري لوسائل الاتصال المتطورة والكون الفضائي المفتوح. سابعا: التجديد يقتضي مواجهة الفكر بالفكر والأزهر بيت العلماء وساحة التداول الفقهي بلا سلطة أو قداسة والأوقاف ديوان المعرفة وواحة الفكر ومركز تبليغ الناس بأصول الدين الوسطي والعمود الفقري القادر علي أن ينهض بالقيام بمهمة التجديد علي خير وجه. ثامنا: التجديد يعتمد علي ان الدين ليس للعبادة فحسب وانما المعاملة فالأمة الاسلامية عانت من التخلف الحضاري بسبب الاستقطاب المذهبي المتنافر. تاسعا: تجديد الخطاب الديني في الفكر المرتبط بتطور الحياة وليس في الدين ذاته فلن تجد لسنة الله تبديلا.