ظن بعض الناس أن بإمكانهم محو الإسلام من الوجود. بتشويه صورته بالفهم الخاطئ الجهول أو المتعمد بشن حملة شيطانية ضد التراث أحياناً. وضد ثوابت العقيدة أحياناً أخري. متخيلاً- وخياله مريض- أن ذلك سوف يضعه في مصاف المفكرين وبين المستكشفين لما لم يستطع أحد أن يصل إليه. اتهم التراث بأنه فكر الجهلاء. واصفاً علماء الأمة بالنصابين. والأفندية. أو البكوات الجهلة. قاصداً إثارة الضحك علي شفاة مستمعيه .. يقول إن الائمة الأربعة خارج نطاق الزمن. وعلي رفوف الخرافات والحكايات التي لا قيمة لها. محترقاً من جوانياته من الإمام البخاري والإمام مسلم. ومن الإمام الفقيه العالم ابن تيميه. ناسياً أو جاهلاً متعمداً مجهودهم العلمي. وسعيهم الخالص في الدفاع عن هذا الدين دين الإسلام. وأنفقوا حياتهم في سبيل العلم. مجتهدين. لهم أجر عند الله حتي لو أخطأوا. وأجران إن أصابوا. الثابت أن الإمام البخاري. والإمام مسلم. كل علي حده جابا البلاد الإسلامية بحثا عن مصادر الحديث. ودراسة رجاله. واتصال السلسلة حتي تصل إلي سيدنا رسول الله. مطبقين قواعد علم الجرح والتعديل. وعلم مصطلح الحديث. ينتقل العالم منهما من بلد إلي بلد ومن مكان لآخر. حتي يصل إلي النتيجة التي يطمئن إليها من اتصال السلسلة براوي الحديث الناقل عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. والسنة أو الحديث قد يكون قولاً للرسول أو فعلاً أو تقريراً لواقعة حدثت أمامه. وقد يكون ما روي عن رسول الله فعلاً فعله وهو مصاحب لواحد أو لجمع كبير أو بين أهله في بيته. وقد يكون القول لواحد أو لاثنين أو لثلاثة أو لجماعة من المسلمين. وقد يكون تقريره لفعل أحد من الصحابة يتناسب وظروفه الشخصيية. وقد يكون تصرف جمع من المسلمين. ولكل حكمة.. فمثلاً قيام الليل بالنسبة لسيدنا رسول الله يؤتيه وهو في منزله حتي لا يلزم به أحداً من المسلمين .. كثرة طعامه من اللبن والتمر. فإن ذلك يتناسب مع حياة الرسول وقدرته علي الإنفاق. لا يلزم به المسلمين. فكل ملزم ببأن يكون طعامه حلالاً من حلال وفقاً لحياته المادية وقدرته المعيشية.. نصيحته لأي من الصحابة لفعل معين أو بصفة معينة لعمله أن السائل علاجه هو توجيهه وفقا لما أمره به الرسول صلي الله عليه وسلم. اتفق اللعلماء والفقهاء علي أن بعض الأحاديث تعرض علي كتاب الله ما توافق معه أخذ به. ومن تعارض معه يطرح جانباً دون المساس بقيمة ومجهود أئمة الحديث. وقد يعرض علي ما هو ثابت حسن صحيح. فإن وافقه أخذ به. وإن لم تكن فلندعها دون أن يتطرق أحد منا إلي سب وشتم المحدثين الكبار أمثال البخاري ومسلم. ولا ننسي أن الكتب قديما كانت تكتب باليد. ويتناولها التلاميذ ومحبو العلم. بالنسخ يدوياً قبل اختراع الطباعة. وقد يكون الناسخ صادقاً في اتجاهه. فينقل بأمانة وصدق. وقد يكون مغرضاً سئ الطوية فيضيف بعض الإسرائيليات إلي الأصل. وقد يكون علمه غير مكتمل أو صحيح. فيظن أن فكرة في ذهنه يمكن أن تضيف علماً دون أن يدري أن ذلك تزوير ممقوت. ومن ثم يتعين علي علماء الأمة التصدي لتحقيق كثير من الكتب. والوقوف علي الأصل وما طرأ عليه من زيادات. وأعتقد جازما أن ذلك مجهول لا يقوي عليه أفراد وحدهم. وإنما يتعين علي الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والأزهر والأوقاف أن تتبني هذا العمل بلجان خاصة من كبار علماء الأمة والعالم الإسلامي لتحقيق التراث ورده إلي أصله. والحفاظ علي ثروتنا العلمية التي نفخر بها ونسعي للحفاظ عليها. ولعل الجامعات تلعب دوراً في ذلك بتوجيه طلاب الدراسات العليا لتسجيل رسائلهم في تحقيق كتب التراث وإحياء ذلك العلم من جديد الذي هجره العلماء مما أضر بتراثنا العظيم. وأعلم أن أصولاً كثيرة من كتب التراث موجودة في مكتبات مصر وسوريا وتركيا وألمانيا وليدن بهولندا ومكتبة الكونجرس بأمريكا. مثلما يجد المهاجم الجهول من يعنيه علي افتراءته يجمعون له ما يظنون أنه هدم للتراث علي حد قوله "أنا بهدم التراث وبطلب من المستمعين أن يهدموه في نظرهم". فلابد - أيضاً- للمدافعين عن التراث من لجان متعددة أن تتعاون للدفاع عن التراث وتنقيته مما لحق به من اضافات النساخ وأعداء الدين إني علي يقين أن هذا المتحدث وراءه من يشجعه ويموله ويدفعه إلي تعميق جهله. ناسياً أن مثل ذلك يعد عملاً إرهابياً بامتياز إذ أنه يثير الناس. ويشعل الفرقة والغيرة في نفوسهم. ومنهم العاقل. ومنهم من لا يحسن التفكير أو التصرف. ومن ثم فإن المتحدث الجاهل يهاجهم الأمة في مقتل وهو عقيدتها. ويساعد علي الإرهاب ويحث عليه لم يقتصر هذا الشخص علي تناول التراث بسخرية وسب وقذف له ولعلمائه. وإنما يتطرق إلي عبادة من أهم العبادات في الإسلام. وأول ركن من أركانه الخمسة وهي الصلاة. فالصلاة في نظره حركات جسدية لاغير. وأن القراءة والتسبيح يأتيها الإنسان أو لا يأتيها ولا أثر لها في صحة الصلاة. لم يصل عقله المخرب إلي أن الصلاة في الإسلام حركة عقلية وروحية وجسدية. يسبقها وضوء يتهيأ به المسلم للصلاة. وفي الوضوء كأنه يعاهد الله علي أن يديه لا تلتقط حراماً. ولسانه لا ينطق فحشاً. ولا يتجه وجهه إلا إلي ما يرضي الله. ولا تسير قدماه إلي محرم يتجه إلي القبلة للصلاة وقد تهيأت روحه إلي مولاه. يستحضره ويطلب منه القبول. فتلك هي الحركة الروحية. ويقرأ الفاتحة وما تسير من القرآن. يتدبر كل ما يقرأ فيكون ذلك حركة عقلية. ويسبح الله ويحمده ويستغفره في ركوعه وسجوده. ويكون ذلك كله حركة جسديية. والأهم في ذلك كله هي الحركة الفكرية أو العقلية والحركة الروحية. دليل ذلك أن المريض لم يطلب منه الوقوف أو السجود أو الركوع إذا كان لا يستطيع ذلك. إذا يكفي أن يصلي وهو جالس أو هو مسلتقي علي ظهره. ولا حرج عليه في ذلك. فكيف يتنطع الجاهل ويري أن الصلاة نجرد حركات جسدية لاغير. لا يهم فيها القراءة. أعجب أشد العجب أن تفتح أبواب الفضائيات وأماكن أخري لذلك الجهول دون رادع أو مانع بدعوي حرية الرأي. ولا شك أن هذه الأقوال شأنها شأن من يعرض الدين بتشدد. مشتركاً معه في عدم الفهم. مما يؤدي إلي بث الفتنة والفرقة بين أبناء الأمة. ناسين أن الدول تعمل ليل نهار علي الحفاظ لمقدرات هذا الوطن. ونزع الفتنة. والقضاء علي كل متنطع أو جاهل.