* يسأل جابر عبدالرحمن من السيدة زينب: أقسم رجل بحق الله عز وجل وبحق هذا المصحف كلام رب العالمين أني لا أفعل كذا وسأل الله تعالي إذا هو فعله أن ينتقم منه في الحال حتي لا يعود إليه. ثم بعد مدة فعل ما أقسم علي عدم فعله ثم أسرع بالتوبة. فهل تجب عليه الكفارة بهذا الحنث؟ ** يجيب الشيخ حسنين محمد مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق: الحق من اسمائه تعالي ومن صفاته العلية. والمصحف ما كتب فيه القرآن الكريم الذي هو كلام الله رب العالمين. وقد تعارف الناس الحلف بذلك. فيقولون: وحق الله تعالي. يريدون بالحق الاسم أو الصفة علي معني والحق الذي هو اسم لله أو الذي هو الله أو والحق الذي هو وصف لله أو يريدون والله أو والقرآن مع اقحام كلمة حق للاشارة إلي ان لله وللقرآن حقا علي العبد ويقولون: "وحق المصحف الشريف" يريدون ما بين دفتيه من كلام الله تعالي. كما يقولون: "وحق القرآن" يريدون كلامه تعالي المنزل علي رسوله المقروء بالألسنة. المحفوظ بالصدور. المكتوب في المصاحف. فهي ايمان مشروعة عند الأئمة الثلاثة وجمهور فقهاء الحنفية. ففي الفتاوي الخانية والظهيرية ان قول الحالف "وحق الله تعالي" يمين. وقد اختاره صاحب الاختيار كما في الدر المختار. وفي شرح العيني "لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه وقال: وحق هذا المصحف. فهو يمين لاسيما في هذا الزمان. الذي كثرت فيه الأيمان الفاجرة. ورغبة العوام في الحلف بالمصحف" أ ه وأقره صاحب النهر. والمراد الحلف بما فيه من كلام الله تعالي. وقال الكمال: "إن الحلف بالقرآن متعارف الآن فيكون يميناً" أ ه. والأيمان مبنية علي العرف. وإذا حنث الحالف وجبت عليه الكفارة. وهي كما قال تعالي: "فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم". وما في السؤال من قوله: إنه سأل الله تعالي ان ينتقم منه إذا أتي هذا الفعل فهو ليس بيمين شرعاً. بل هو دعاء علي نفسه ولا يتعلق ذلك بالشرط كما يؤخذ مما نص عليه فقهاء الحنفية فيمن قال: "إن فعله فعليه غضب الله وسخطه إنه ليس بيمين شرعاً للعلة المذكورة". والدعاء علي النفس بالشر متجزأ أو معلقاً منهي عنه كما يشير إليه قوله تعالي: "ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا". وفي حديث جابر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا تدعوا علي أنفسكم. لا تدعوا علي أولادكم. لا تدعوا علي أموالكم. لئلا توافقوا من الله تعالي ساعة فيها إجابة فيستجيب لكم" أخرجه أبوداود والبزار. وما أخرجه الواقدي عن عائشة رضي الله عنها من دعائه صلي الله عليه وسلم عليها في حادثة الأسير الذي هرب منها بقوله: "قطع الله يدك" فليس القصد منه الدعاء عليها. كما ذكره الآلوسي في تفسير هذه الآية. وإنما هو نمط مما جرت به عادة العرب في وصل الكلام به بلا نية مثل: "تربت يمينك ورغم أنفك" ونحوه. والله أعلم.