قصةُ أولِ شاتمي للرسول صلي الله عليه وسلم .. وكيف كانت نهايتُه عبرةً لكل من أساء لنبينا وحبيبنا صلي الله عليه وسلم؟! فبعد ثلاث سنوات من الدعوة سرا. صدر الأمر الإلهيُّ لنبينا صلي الله عليه وسلم .. بالجهر بالدعوة وإنذارِ الأقربين. فسارعَ نبيُّنا لتنفيذ أمر ربه. فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي البطحاء يوما وصعِد جبل الصفا. ونادي: واصباحاه! فاجتمعت إليه قريش. فقال لهم: أرأيتم إن حدثتكم أن العدوَّ مصبحُكم أو ممسيكُم أكنتم تصدقوني؟ قالوا: نعم. قال: فإني نذير إليكم بين يدي عذاب شديد. فقال له عمُه أبو لهب: ألهذا جمعتنا ؟! تبا لك .فتوعده الله بالتباب والخسارة بسورة المسد.. وهذا ما حدث. حيث مات علي الكفر ليخلد في النار في الآخرة. كما كانت خسارتُه بانتصار دعوةِ محمدي صلي الله عليه وسلم وانتشارِها.وكذا عقوبتُه بهذا التشهيرِ بسورة تتلي في ذمِّه والدعاءِ عليه إلي يوم القيامة. وكانت نهايتُه في الدنيا بئيسةً خاسرة. حيث رماه الله بمرض تسميه قريشى ¢العدسة¢.. وهي بثرةى تشبه العدسةَ. ولعله مرضُ الجدري. وكانت قريشى تتقي هذا المرضَ. كما تتقي الطاعون. ويرون أنه يعدي أشد العدوي. فلما أصابت أبا لهب تباعد عنه بنوه. وما أغنوا عنه شيئا. وبقي بعد موته ثلاثةَ أيام لا تقرب جثته. ولا يحاول أحدى دفنَه. خشيةَ العدوي. حتي أنتن في بيته. فلما خاف أبناؤُه سبَ الناسِ لهم اضطروا إلي غسلِه قذفا بالماء من بعيد. مخافةَ عدوي العدسة. ثم ألقوه في مكان وقذفوا عليه الحجارة . وفي رواية أن أبناءَه لما خافوا العار. استأجروا بعضَ الناسِ فاحتملوه ودفنوه . وفي رواية أخري أنهم حفروا له حفرةً ودفعوه بعود حتي وقع فيها. فقذفوه بالحجارة حتي واروه. وهكذا كانت نهايةِ أولِ شاتمي لنبينا صلي الله عليه وسلم .. نهاية الابن كان الابن ¢عتبة بن أبي لهب¢ من أشد المتطاولين علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مكة. وقد بلغ من جرمه وعدوانه أنه كان مع والده أبي لهبي قد تجهزا في تجارة إلي الشام... ... فقال عتبة ابن أبي لهب: والله لأنطلقن إلي محمد ولأوذينه في ربه... "سبحانه" فانطلق حتي أتي النبيَ صلي الله عليه وسلم... وقال له أنه يكفر بالذي دني فتدلي. فكان قاب قوسين أو أدني. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ¢اللهم ابعث إليه كلبا من كلابك¢ ثم انصرف ابنُ أبي لهب ورجع إلي أبيه فقال أبو لهب لابنه: يا بني. ماذا قلتَ له ؟ فذكر له ما قاله للنبي صلي الله عليه وسلم. قال: فما قال لك ؟ قال: قال: ¢اللهم سلط عليه كلبا من كلابك¢. قال: يا بني. والله ما آمن عليك دعاءَه. قال الراوي : فسرنا حتي نزلنا الشراة. وهي مأسدة. ونزلنا إلي صومعةِ راهب. فقال الراهب: يا معشرَ العرب. ما أنزلكم هذه البلاد ؟ فإنها تسرح الأُسد فيها كما تسرح الغنم؟! فقال لنا أبو لهب: إنكم قد عرفتم كبرَ سني وحقي. وإن هذا الرجلَ قد دعا علي ابني دعوةً - والله- ما آمنُها عليه.. فطاف بهم الأسد. فجعل عتبة يقول: يا ويل أمي! هو والله آكلي كما دعا محمد عليَّ. قتلني محمد وهو بمكة وأنا بالشام. لا والله ما أظلت السماء. علي ذي لهجة أصدق من محمد . ثم وضعوا العشاء فلم يدخل يده فيه ثم جاء النوم. فحاطوا أنفسهم بمتاعهم ووسطوه بينهم. وناموا فجاء الأسد يهمس يستنشق رؤوسهم رجلا رجلا. حتي انتهي إليه . وقال هبار: فجاء الأسد فشم وجوهنا فلما لم يجد ما يريد تقابض ثم وثب. فإذا هو فوق المتاع فشم وجهه ثم ضربة ضربة ففضخ رأسه فقال وهو بآخر رمق: ألم أقل لكم أن محمدا أصدق الناس ؟! ومات» فقال أبو لهب: ألم أقل لكم أني أخاف عليه دعوة محمد ؟ قد والله عرفت أنه ما كان لينفلت من دعوة محمد. " ابن حجر العسقلاني في فتح الباري . والصنعاني في سبل السلام . والشوكاني في نيل الأوطار" امرأة أبي لهب عن ابن عباس قال: لما نزلت: " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبي " جاءت امرأة أبي لهب ورسول الله صلي الله عليه وسلم جالس ومعه أبو بكر. وفي يدها فهر. وهي تقول: مُذَممًا أبَينَا. ودينَه قَلَينا. وَأمْرَه عَصَينا. فقال له أبو بكر: لو تَنَحَّيت لا تُؤذيك بشيء. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ¢إنه سَيُحال بيني وبينها » إنها لن تراني¢. وقرأ قرآنا اعتصم به. كما قال تعالي: "وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا " الإسراء : 45 . فأقبلت حتي وقفت علي أبي بكر فقالت: يا أبا بكر. هجانا صاحبك. فقال أبو بكر: لا ورب هذه البنية ما نَطَق بالشعر ولا يتفوه به. فقالت: إنك لمصدق. فلما ولت قال أبو بكر. رضي الله عنه: ما رأتك؟ قال: ¢لا ما زال ملك يسترني حتي ولت¢. " تفسير ابن كثير" أما نهاية امرأة أبي لهب. فالجزاء من جنس العمل. فقد كانت تأتي كل يوم بحزمة كبيرة من الحسك " نبات له ثمرة ذات شوك تعلق بأصواف الغنم. وهو السعدان" فتطرحها في طريق النبي. فبينما هي حاملة ذات يوم حزمة. إذ أَعْيَت. فقعدت علي حجر لتستريح. فجُذبت من خلفها. وقد كانت تحتطب في حبل تجعله في جيدها من ليف. فخنقت به فهلكت. وهو في الآخرة حبل من نار. سبحان ربي ماتت بحبل من ليف في الدنيا علي حزمة الشوك الذي تؤذي به الحبيب صلي الله عليه وسلم. وهو حبل ممتد لها في الآخرة لكنه ممدود بالنار . وهكذا يسدل الستار علي بيت قرابة وعمومة ومصاهرة لكنه بيت سوء كان أفراده قد أعلنوا العداوة لهذا الدين وأهله حقداً وحسداً. أعلنوا الاستهزاء بالنبي ودينه. لكن الله كان لهم بالمرصاد.