نواصل حديثنا عن الشبهات التي يثيرها اليهود فنتناول الشبهة الخامسة. حيث تقول فرقة العيسوية اليهودية أتباع عيسي الأصفهاني: لا سبيل إلي إنكار نبوة محمد صلي الله عليه وسلم. لأن الله تعالي قد أيده بالمعجزات الكثيرة القاهرة. ولأن التوراة قد بشرت بمجيئه. ولا سبيل أيضاً إلي القول بعموم رسالته. لأن ذلك يؤدي إلي انتساخ شريعة إسرائيل بشريعته. وشريعة إسرائيل مؤبدة. بدليل ما جاء في التوراة من مثل: "هذه شريعة مؤبدة عليكم ما دامت السموات والأرض". وإنما هو رسول إلي العرب خاصة.. والجواب علي هذه الشبهة من وجهين: "أولهما" أن اعترافهم بأن سيدنا محمد أيده الله بالمعجزات. وجاءت البشارة به في التوراة. يقضي عليهم لا محالة أن يصدقوه في كل ما جاء به. ومن ذلك أن رسالته عامة. وأنها ناسخة للشرائع قبله. حتي شريعة موسي نفسه عليه السلام.. الذي قال فيه فيما رواه الإمام أحمد: "لو أدركني موسي بن عمران ما وسعه إلا اتباعي". أما أن يؤمنوا برسالته. ثم لا يصدقوه في عموم دعوته. فذلك تناقض منهم لأنفسهم. ومكابرة للحجة الظاهرة لهم. "ثانيهما" ان لفظ التأبيد الذي اعتمدوا عليه فيما نقلوه- إن سلمنا بصحة هذا القول- لا يصلح حجة لهم. لأنه يستعمل كثيراً عند اليهود معدولاً به عن حقيقته. والأمثلة علي ذلك كثيرة سنذكرها في الصفحات القادمة. ومن ذلك ما جاء في البقرة التي أمروا بذبحها: "هذه سنة لكم أبدا". وما جاء في القربان "قربوا كل يوم خروفين قرباناً دائماً" مع أن هذين الحكمين منسوخان باعتراف اليهود أنفسهم. علي رغم التصريح فيهما بما يفيد التأبيد كما تري. شبهات النسخ عند النصاري يقولون: إن المسيح قال: "السماء والأرض تزولان. وكلامي لا يزول" وهذا يدل علي امتناع النسخ سمعاً. والجواب علي هذه الشبهة سنعرفه في الأعداد المقبلة بإذن الله.