* يسأل علي نصار من الجيزة: من هو رجل الاقتصاد الأول في الإسلام؟ ** يقول الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: هو عبدالرحمن بن عثمان بن عوف بن عبدالحارث بن زهرة ابن كلاب بن مرة رضي الله عنه يجتمع نسبه مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في جده كلاب بن مرة وأمه الشفاء بنت عوف بن عبدالحارث الزهرية أسلمت وهاجرت كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو فسماه النبي صلي الله عليه وسلم عبدالرحمن شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو أحد الثمانية السابقين إلي الإسلام وأحد الثمانية الذين سبقوا إلي الإسلام وأحد الخمسة الذين أسلموا علي يد أبي بكر الصديق وأحد الستة الذين توفي الرسول صلي الله عليه وسلم وهو عنهم راض وأحد العشرة المبشرين بالجنة. هاجر عبدالرحمن بن عوف إلي المدينةالمنورة مع الرسول صلي الله عليه وسلم وأراد الرسول صلي الله عليه وسلم أن يوطد أركان الدولة الإسلامية الناشئة فبني مسجد قباء الذي كان منارة علمية للمسلمين. وآخي بين قطبي المسلمين في المدينة المهاجرين والأنصار حتي يكون تحرك كل فرد في مجتمع المدينةالمنورة من خلال روح الجماعة وتتلاشي بذلك روح العصبيات الجاهلية وفوارق النسب واللون والوطن والقبيلة. وكان حظ عبدالرحمن بن عوف أن يكون أخاً لسعد بن الربيع وبمقتضي هذا الإخاء عرض سعد علي عبدالرحمن نصف ماله وإحدي زوجاته يطلقها ثم يتزوجها عبدالرحمن بعد انقضاء عدتها ولكن عبدالرحمن قابل هذا الإيثار بالعفاف وعزة النفس فقال: يا أخي بارك الله لك في مالك وأهلك دلني علي السوق. فدله علي السوق فتاجر وربح. وكان علامة ورع عبدالرحمن بن عوف أنه كان ذا حظ وافر في التجارة إلي حد كبير قال هو عن نفسه: لقد رأيتني لو رفعت حجراً لوجدت تحته ذهباً وفضة وكانت التجارة تمثل له عملاً شريفاً يقتات منه هو وأسرته ولم تكن أبداً الجمع المال وكنزه أو للتعالي علي الناس والتكبر عليهم وكان ثراؤه يمثل له في بعض الأحيان مصدر ازعاج وخوف من حساب الله تعالي إياه وقد جئ إليه يوماً بطعام الإفطار وكان صائماً فلما وقعت عليه عيناه فقد شهيته للطعام وبكي ثم قال: استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني فكفن في بردة إن غطت رأسه بدت رجلاه وإن غطت رجليه بدا رأسه. واستشهد حمزة وهو خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة. ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط وأعينا منها ما أعطينا وإني لأخشي أن نكون ممن عجلت لهم حسناتهم!! كما كان من ورعه أنه كان يخاف السلطة ويكره الخلافة لما يري فيها من مسئولية قد لا يكون قادراً عليها فقد كان ضمن الستة أصحاب الشوري الذين جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة من بينهم وأشار الجميع إلي عبدالرحمن بن عوف وعدوه الأحق بالخلافة ولكنه لما علم بذلك قال: والله لأن تؤخذ مدية فتوضع في حلقي ثم ينفذ بها إلي الجانب الآخر أحب إلي من ذلك وتنازل عن حقه في الخلافة وجعل الأمر بين الخمسة الباقين ولم يتأثر بالمنصب ولم تغره أبهة السلطة والحكم. علمه ومعرفته كان ابن عوف له نصيب وافر من حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم تكن التجارة تقطعه عن الحديث النبوي الشريف الذي تعلمه من المعلم الأعظم رسول الله صلي الله عليه وسلم وقد ظهر ذلك جلياً في عام الرمادة والمجاعة في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه. فعن ابن عباس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلي الشام فلما بلغ "سرغ" أخبر أن الوباء قد نزل بالشام فجمع أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستشارهم فاختلفوا فوافق رأيه رأي الرجوع فرجع. فجاء عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه وكان متغيباً في بعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علماً: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إذا وقع أي هذا الوباء بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه. فرحم الله عبدالرحمن بن عوف رحمة واسعة ورضي عنه وعن صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم أجمعين.