أواصل معكم حديثي عن الاسراء والمعراج وكيف أن رحلة الإسراء بدأت من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي ورد في صحيح مسلم من حديث أبي ذر أنه صلي الله عليه وآله وسلم: حينما قال له أبو ذر : يا رسول الله! أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ فقال الحبيب المصطفي: المسجد الحرام. قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصي. قلت: كم بينهما. قال أربعون سنة. قلت: ثم أي؟ قال: ثم حيث أدركتك الصلاة فصل فالأرض كلها مسجد. وكما في الحديث الآخر واللفظ لمسلم من حديث أنس : أتيت بالبراق وبكل أسف قرأنا عن البراق هذا. وسمعنا ما يستحي الإنسان أن يردده الآن في أمة ينبغي أن تحترم علمها وقرآنها ونبيها وعقلها. سمعنا أن له عرفاً كالديك. وأن له أجنحة.. وأن.. وأن.. وأن..! البراق بنص الحديث الصحيح. قال عنه المصطفي: دابة وحدد النبي لونه فقال: أبيض وحدد صفته. فقال: فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهي طرفه له سرعة مذهلة! وقف الحافظ ابن حجر عند قوله: البراق فقال: البراق من البريق. أي: من اللمعان» لأن النبي صلي الله عليه وسلم حدد لونه بالبياض. وقال: البراق من البرق. والبرق ضوء. وهذا هذا هو البراق أيها الأحباب! وورد عند الترمذي. والإمام أحمد في المسند. وعبد الرازق في مصنفه. والبيهقي في السنن من حديث أنس : أن النبي صلي الله عليه وسلم لما انطلق ليركب البراق استصعب عليه. فقال جبريل للبراق: ما حملك علي هذا؟ والله ما ركبك أحد من خلق الله أكرم علي الله منه -أي: من محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم-. والحديث رواه أحمد والترمذي وعبد الرزاق في المصنف والبيهقي في السنن وهو صحيح علي شرط الشيخين. ركب النبي صلي الله عليه وسلم البراق وانطلق من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي في هذه الرحلة الجميلة وعنصر الإعجاز في رحلة الإسراء الأرضية هو الزمن. إذ كيف انطلق النبي صلي الله عليه وسلم من مكة إلي المسجد الأقصي في زمن قليل؟! وهذا الذي أنكره المشركون في مكة. فقالوا: نضرب لها أكباد الإبل شهراً من مكة إلي بلاد الشام. وأنت تقول: بأنك انطلقت من مكة إلي المسجد الأقصي إلي السماوات العلي وعدت في جزء من الليل! يقول الله: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلًا [الإسراء:1] وليلاً عند علماء اللغة. أي: في جزء من الليل ولم يقل: ليلة. ولنقل إن الإسراء قد استغرق ليلة بكاملها لا. بل استغرق جزءاً من الليل: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَي بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَي الْمَسْجِدِ الأَقْصَي الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]. وختمت الآية بقوله تعالي: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وكان من السياق: إنه علي كل شيء قدير. إنه عزيز حكيم ليظهر عظمته وقدرته. وإنما قال إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أي: الذي سمع قول قومك لك. ورأي فعل قومك بك فأراد أن يكرمك وأن يشرفك. والإسراء معجزة ليست تأييداً للدعوة وإنما هي تأييد في المقام الأول لصاحب الدعوة صلي الله عليه وسلم. أيها الأحباب! إننا أمام معجزة فريدة. ليست تأييداً للدعوة بقدر ما هي تأييد لصاحب الدعوة. بأبي هو وأمي صلي الله عليه وسلم. الصراع بين المسلمين واليهود صراع عقيدة إن الصراع بين المسلمين واليهود صراع عقيدة ووجود وليس صراع أرض وحدود. فلو كانت القضية قضية دولة وقضية أرض لانتهت منذ مئات السنين. ولكنها قضية اعتقاد.. قضية وجود لهذه الأمة أو لا وجود. المسجد الأقصي الآن يداس بأنجس الأرجل!! الحفريات تحت جدران المسجد الأقصي من كل ناحية مستمرة إلي يومنا هذا. وهذا معلوم للقاصي والداني. وللصغير وللكبير فالحفريات تحت جدران المسجد مستمرة. بحجة التوسعة وبحجة الترميم! ليسقط المسجد الأقصي. وليقيم إخوان القردة والخنازير عليه ما يسمونه بهيكل سلميان. إنها حقائق لابد أن ترسخ في القلوب والعقول. الصراع بين اليهود وبين المسلمين صراع عقائدي. ولن ينتهي إلي قيام الساعة. ابتداء رحلة المعراج من بيت المقدس إلي سدرة المنتهي بدأت الرحلة من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي ودخل النبي صلي الله عليه وسلم المسجد الأقصي وصلي ركعتين. وبعدما خرج وجد جبريل يقدم له إناءين: إناءً من لبن. وإناءً من خمر. فاختار النبي صلي الله عليه وسلم اللبن. فقال له جبريل: قد أصبت الفطرة يا محمد! ثم تبدأ رحلة المعراج. وهنا نرجع مرة أخري إلي حديث أنس في صحيح البخاري . يقول: ثم انطلق بي جبريل حتي أتي السماء الأولي فاستفتح. فقيل: من؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم. ولا تفهم أخي قوله: أوقد بعث إليه أي: هل هو رسول مبعوث من قبل الله؟! وإنما المراد: أوقد بعث إليه ليصعد إلي الملأ الأعلي. أوقد بعث إليه؟ قال: نعم. قيل: فمرحباً به فنعم المجيء جاء. يقول: وإذا آدم عليه السلام. فيقول جبريل: هذا أبوك آدم فسلم عليه. فيقول المصطفي: فسلمت عليه في السماء الأولي فرحب بي. ورد علي السلام. ودعا لي بخير وقال: مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. يقول: ثم صعد بي حتي أتي السماء الثانية فرأيت عيسي ويحيي ابنا الخالة. فقال جبريل: هذا يحيي وعيسي سلم عليهما. فسلم النبي عليهما فردا عليه السلام. وقالا له: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح ودعيا للنبي بخير. يقول: ثم صعد بي حتي أتي السماء الثالثة يقول: فإذا يوسف. فقال جبريل: هذا يوسف فسلم عليه. فسلم النبي عليه وقال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح إلي آخره. ثم قال له إدريس في الرابعة مثل ذلك. ثم قال له هارون في الخامسة مثل ذلك. ثم قال له موسي في السادسة مثل ذلك. ثم قال له إبراهيم في السابعة. مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح. وللحديث بقية في العدد القادم ان شاء الله