كان للجاهلية التي سبقت الإسلام قاموسها الجاهلي... فالحرابة والغارة شجاعة وشطارة... والظلم "شيمة" من شيم النفوس أما العدل.. فضعف يرجع إلي علّة تمنع صاحبها من الظلم.. ومن المعروف أن من أبرز نتائج ¢الغارة¢ خطف النساء الحرائر. وتحويلهن إلي سلعة للتجارة.. وإقامة أسواق النخاسة.. وأماكن الدعارة.. فلما جاء الإسلام ألغي كل ذلك ووضع ضوابط شرعية صارمة. وعندما انتزع الله من المسلمين القيادة الحضارية -بجدارة- وسيطرت الحضارة الأوربية التي قامت علي حرب الدين الكنسي اللاهوتي المصادر للعقل والداعي إلي احتقار المرأة وعدم الزواج» علي أساس أن المرأة رجس من عمل الشيطان... وأنها شرّ لابدّ منه للضعفاء!! بدأ القاموس الجاهلي - في ظل غيبة الإسلام- يعود للسيطرة علي مناهج الفكر والحياة.. وبقدر ما وقع من تقدم في عالم المادة. بقدر ما سيطرت مصطلحات جديدة تؤصل للانغماس في حمأة الرذيلة. وفي إعلان الحرب علي الفضيلة.. فالزنا - حسب القاموس القرآني- أصبح ممارسة للحرية وللحبّ. واللّواط أصبح "زواجًا مثْليًا" مباحًا تحميه القوانين.. واللوطي المجرم المصاب بالإيدز. أصبح مجرد مريض يستحق العطف.. وليس نشازا في السنة الكونية الحاكمة حتي للحيوان... فما عرف "اللقاء المثلي" بين الحيوانات قط.. ولهذا نجحت الحضارة المنحطة في أن تثبت صدق القرآن الكريم عندما تنبَّأ بأن الإنسان سيصل إلي "أسفل سافلين" "إِنْ هُمْ إِلاّ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ سَبِيلاً" "سورة: الفرقان - الآية: 44"... فمعذرةً للأنعام والبهائم عندما نهبط بها ونقارن بين الإنسان وبينها... لقد أصبح "الحيوان" هو الصِّنف الأرقي الذي يعيش بالفطرة. ولا يصنع "الواقي الذكري" - احتقارًا لأنثاه وتماديًا في الضلال بعيدًا عن انتقام الله "بالإيدز الحيواني"!!. سيبقي "الزنا" هو الزنا.. وسيبقي "اللواط" هو اللواط. وستبقي "الفاحشة" هي الفاحشة. وسيبقي الزواج - أو النكاح - لا يطلق إلا علي علاقة رجل بامرأة في إطار شرعي!! أما الزناة.. فهم كما قال الله: "الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً" "سورة: النور - الآية: 3". وسيبقي تحذير الله للمجرمين المروجين للزنا واللواط والفواحش - من خلال مؤتمرات السكان - وغيرها - قائمًا حجةً عليهم إلي يوم القيامة. مهما تكن الشعارات الكذوب التي يخدعون بها المراهقين. ويفرضونها - بالماسونية العولمية الصهيونية - علي دول عاشت علي احترام الأنثي وتقديس الزواج والعفة والشرف والحلال... وقد علَّمنا دينها أن من قتل دون عرضه فهو شهيد...!! سيبقي تحذير الله قائمًا يدعوهم إلي عدم السير في طريق الهلاك المحقق.. كما فعل الله بقوم لوط في سدوم. وكما دمر عشرات الحضارات المنحرفة... يقول الله تعالي مخبرًا ومحذِّرًا: "وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمّرْنَاهَا تَدْمِيراً" قال تعالي: "وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحي وَكَفَيَ بِرَبّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً" "سورة: الإسراء - الآية:16. 17". "وَسَيَعْلَمْ الّذِينَ ظَلَمُوَاْ أَيّ مُنقَلَبي يَنقَلِبُونَ" "سورة: الشعراء - الآية: 227".قال تعالي: "فَذَرْنِي وَمَن يُكَذّبُ بِهََذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ*وَأُمْلِي لَهُمْ إِنّ كَيْدِي مَتِينى" "سورة: القلم - الآية:44. 45".وإنا لمنتظرون صامدون صابرون مؤمنون بأن انتقام الله لا يتخلف."أَنّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرى لأنْفُسِهِمْ إِنّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوَاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابى مّهِينى" "سورة: آل عمران - الآية: 178". نحاول أن نساعد من يريد أن يرفع رأسه ليري النور الباهر والسنا الوضاء ويكشف له طريق العز والظفر في الدنيا والفوز بأعز ما يرجوه مسلم بعد مفارقة هذه الدنيا أن ينجو من عذاب يوم عظيم "مّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذي فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ" "سورة: الأنعام - الأية: 16" "فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدّنْيَا إِلاّ مَتَاعُ الْغُرُورِ""سورة: آل عمران - الآية: 185". وفي ضوء هذا الانهيار الأخلاقي فإن مهمة الإعلام الهادف أن يدل علي النموذج الأمثل لتغيير الواقع إلي الأفضل. لا إلي الهبوط إلي الواقع مهما كان فيه من مثالب لتزجية الفراغ وشغل الناس بما يحبون من شهوات رخيصة في غناء ولهو أو في عراك بين شباب يتنافس علي النيل من عرض فتاة.. أو في إبراز شذوذ في حادثة فردية تقدم علي أنها ظاهرة نتباكي علي وجودها والقصد الحقيقي ان يقلد من يسمع هذا الشذوذ من شبابنا الفارغ من كثير من معاني الدين السامية.. إننا نعجب ممن ينصحنا بألا نتعرض لعذاب القبر أو لأهوال يوم القيامة ويردد القول المأثور: بشروا ولا تنفروا ولم يسأل هذا الناصح لمن تكون البشارة أِلمَن أعرض ونأي بجانبه عن معظم ما يطلبه الدين؟ أم كما قال رب العزة: "إِنّ هََذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" "سورة: الإسراء - الآية: 9". ثم لو كان ذكر العذاب منفراً فلماذا تكرر في كتاب الله وفي سنة رسوله يقوّم به المعوج ويخوّف المغرور ويوقظ النائم. إن الإنسان صنعة الله وهو أعلم بما يصون صنعته ولا نجد غير كتاب ربنا وسنة نبينا منهجا لتلك الصيانة حتي لا يتلف هذا الجسد ولا تنطفيء أشعة الروح..وعلي هذا الدرب نسير في هذا العدد الرابع من مجلة التبيان وعلي الله المعتمد والتكلان.