يكاد يكون هناك اتفاق علي أن الخلاف حول مواد الهوية في الدستور هو من أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار حالة الاستقطاب والتناحر السياسي بين القوي الحزبية والوطنية. فمنذ بدأت لجنة ال 50 لتعديل الدستور المعطل عملها وهناك حالة من التوجس والتربص بين التيارات السياسية بشأنها وظهر هذا جليا في العديد من المواقف والمناسبات. وكان أولها عندما أكدت قيادات حزب النور فور تشكل لجنة تعديل الدستور المعطل أن بيان القيادة العامة للقوات المسلحة هو ما أعطي شرعية للتعديلات الدستورية. وشددوا علي أن المواد الأساسية في الدستور ليست محلا للتعديل. لأنه قد تم استفتاء الشعب عليها وصوت أغلبية المشاركين في الاستفتاء ولا يجوز الغاء إرادة الجماهير.اعلن وقتها الدكتور طلعت مرزوق. القيادي بحزب النور. أن رؤية الحزب محددة بعدم المساس بمواد الشريعة والهوية وهي المادة الثانية والرابعة والمادة رقم 81 و219. وأيضا المواد الخاصة بحرية انشاء الاحزاب بحيث يقتصر المنع علي الاحزاب القائمة علي التمييز بين المواطنين وليست القائمة علي أساس مرجعية الشريعة الاسلامية. مؤكدا أن الخلافات حول اي مواد أخري يمكن النقاش حولها مع مختلف القوي والاطياف السياسية. بينما رفضت القوي المدنية وجود هذه المواد واصرت علي أن المواد الخاصة بالشريعة الاسلامية تأتي علي رأس المواد المطلوب تعديلها. وتقدمت بقائمة الي لجنة تعديل الدستور. تطالب بتعديل المواد الثانية والرابعة الخاصة بالشريعة الإسلامية. والمادة 219. وحذف كل ما يتعلق برقابة المؤسسات الدينية غير المنتخبة علي عملية التشريع. وحدث ما كان متوقعا من انقسام شديد وغياب تام للتوافق بشأن مواد الهوية. إذ رفضت القوي الإسلامية-حزب النور تحديدا- أي مساس بها خاصة المادة 219 المفسرة للشريعة الاسلامية وهددت بالانسحاب من العملية السياسية. وبادر ممثلو الأزهر في لجنة ال50 بالتأكيد علي أن الأزهر في لجنة الخمسين هو المسئول الأول علي الحفاظ علي الشريعة الإسلامية وعلي الهوية الإسلامية. وشدد الدكتور محمد مهنا. مستشار شيخ الأزهر. علي أنه لا يمكن لأي فصيل أو حزب سياسي أن ينازع الأزهر في الهوية.وقال إنه تم تشكيل لجنة للدراسة والتحليل الشرعي واللغوي لمواد الشريعة بالدستور. موضحا أن رؤية الأزهر سيطرحها ممثلو الأزهر داخل لجنة ال 50 . إذ إن وجود تنازع في الآليات أو الصياغات أمر طبيعي عند اجراء المناقشات والازهر معني بقوة بالمواد الخاصة بالهوية الإسلامية للدولة. وأضاف أنه إذا كانت لجنة الخبراء نصحت بإلغاء المادة 219 التي تنص علي أن مبادئ الشريعة الإسلامية يقصد بها الأدلة الكلية والقواعد الأصولية والمصادر المعتبرة عند أهل السنة والجماعة. فإن إبدال ذلك بالنص بالمادة الثانية علي أن¢ أدلة الشريعة الإسلامية أساس سن القوانين¢ يغني ويكفي بدلا من وضع كلمة مباديء بدون تفسير. وتصاعد الخلاف مرة أخري قبل بدء جلسة القراءة الثانية لمسودة الدستور بين حزب النور والأزهر الشريف من ناحية. والكنيسة من ناحية أخري بشأن المادتين الثانية والثالثة المتعلقتين باحتكام أصحاب الشرائع السماوية الي دياناتهم في قضايا الأحوال الشخصية والشئون الدينية الخاصة بهم وكذلك المادتين الرابعة و219 المتعلقتين بالشريعة الإسلامية. حيث يتمسك ممثلو الكنيسة برفض أي تفسير للمادة الثانية في الدستور. وجري في جلسة السبت مناقشة ضم نص المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية. التي تشمل أدلتها الكلية. وقواعدها الأصولية والفقهية. ومصادرها المعتبرة إلي نص المادة الثانية من الدستور. بحيث يكون نص المادة الثانية: ¢الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيس للتشريع. التي تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة ¢. غير أن حزب النور يصر علي وضع تفسير لمعني كلمة المبادئ في المادة 219. كما أصر ممثلو الأزهر علي نص المادة الثانية كما هو من دون مساس به في دستور 2012 وكما ورد في دستور 1971. وحاول عمرو موسي احتواء الخلاف بالدعوة لعقد جلسة خاصة مع ممثلي حزب النور إلا أنها فشلت في حسمه والانتهاء الي صيغة توافقية حول مواد الهوية. خاصة المادة 219. وكشف الدكتور عمرو الشوبكي. مقرر لجنة نظام الحكم بلجنة الخمسين. عن أن اللجان المصغرة التي شكلت من أجل حل المواد الخلافية لم تصل إلي صيغ توافقية حول هذه المواد. ومن المنتظر عقد جلسات اخري بهدف الوصول لاتفاق بشأنها. ويؤكد صلاح عبد المعبود. العضو بلجنة ال50 الاحتياطي عن حزب النور. إن الحزب طرح خلال اجتماعه مع عمرو موسي. رئيس اللجنة وممثلي الأزهر. عدة بدائل للمادة 219. لإزالة التخوفات من تفسير المحكمة الدستورية لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية. ولتحقيق مقاصده من مرجعية الشريعة دون الإخلال بالقواعد الدستورية. موضحا أن الخيارات المعروضة لا تزيل هذا التخوف بالرغم أننا طرحنا العديد من الخيارات الاخري لانهاء المشكلة. وقال إن حزب النور أبدي مرونة كبيرة حول المادة 219. مبينا أن هناك ثلاثة بدائل للموافقة علي حذف المادة 219 وامكانية استبدالها بشروط. الأول حذف كلمة مبادئ من المادة الثانية. والثاني دمج المادة 219 والمادة الثانية في مادة واحدة. كما جاء في الإعلان الدستوري. أما الحل الثالث فهو أن يضع الأزهر تفسيرا جديدا لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية يتوافق عليه الجميع.