لم يكن عشق الفنان والخطاط خضير البورسعيدي لفن الخط العربي منفصلاً عن ولعه بالعمارة والفنون الإسلامية. فقد أثرت فيه ابداعات الحضارة الإسلامية منذ وقت مبكر ودفعته لاكتشاف أسرارها الفنية والهندسية والإنسانية. والمساهمة في تقديم إضافات قيمة لفن الخط تعتمد علي تشكيلات وأشكال هدفها تحقيق الجمال الفني النسبي المبني علي النسبة والتناسب. من حيث الأسس والاشتراطات الكلاسيكية. وجودة العلاقة بين الحروف. والمقاييس والنسب التكوينية. والعلاقات اللونية وكفاءة تكامل التشكيلات. وكانت بدايته مع فن الخط مبكرة في عام 1946 وهو في الخامسة من عمره. ولم يكن قد تعلم القراءة. فقد شغف بالكتابات التي يكلفه بها الثوار إبان مقاومة الاستعمار. حين كانوا يطلبون منه كتابة بعض العبارات مثل "من يتعاون مع الاستعمار له الموت" علي حوائط المباني.. وشوارع بورسعيد. وكان يتخير اللون الأزرق الذي أتقن تركيبه من زهرة الغسيل وبعض قطرات من العسل ليتماسك قوامها عند الكتابة. وظل هذا اللون لونه المفضل حتي عندما تربع علي عرش فن الخط العربي. واكتشف موهبته عندما التحق بالمدرسة الابتدائية. ووجد لديه شغف شديد بالكتابة علي السبورة بالطباشير. حتي لفتت انتباه أستاذ اللغة العربية الذي دفعه لتعلم قواعد الخط العربي.. كما استأجر له ناظر المدرسة محلاً في واحدة من عماراته. ونشرت مجلة "البعكوكة" تحقيقاً تثني فيه علي موهبته الفريدة. ولم يكتفي بالدراسة بل أعطي كل وقته للتجريب والابتكار وتمكن من أحياء مدرسة بصرية قديمة وتقيدية هي "توالد الحروف" وأخرجها من بعدها التعليمي ليكون لها بعد فني اتهرت به لوحاته. كما عني بدراسة الألوان وانتقاء ما يتناسب مع لوحاته غير التقليدية التي تعكس بعداً تشكيلياً حقيقياً تستفيد منه لوحات الخ العربي.. ولنبوغه المبكر شرك في كتابة خر كسوة للكعبة رسلتها مصر للسعودية عام .1962 خلال مشواره الفني دخل البورسعيدي أطوار فنية عديدة كان طابعها المميز التمرد التمرد فنياً والرغبة في صياغة أبعاد جديدة تعتمد علي ادخال حركات الحروف المختلفة من الأنواع المتنوعة للخط العربي في بعضها البعض. ولم يذكر قيمة القوانين التي تحكم فنيات الخط العربي. ولكنه استوعب جيداً في لوحاته فكرة أن الجمال لا يخضع لقانون وأن الخط العربي يتحرك مثل الإنسان ويمكن أن تشده باللين. وتجري معه حواراً تحدد من خلال الوضع الذي يمكن التغيير فيه ونسبه أبعاده. وأقام عشرات المعارض الفنية في مصر وخارجها قدم فيها لوحات يغلب عليها الخط التشكيلي والخط الأكاديمي المدروس وامستخدم فيه الزخارف العربية والتركية. وخط الثلث وغيرها التي كشفت عن مراحل تطور في أسلوبه بالتحديد والابتكار في تشكيلاته المعبرة من خلال روية وحسه الفني وثقافته الواسعة التي ظهرت في عماله وأضافت مقومات وتكوينات وتصميمات لوحدات زخرفية إسلامية. بالإضافة إلي استخدام الأشكال الهندسية كالدائرة والمربع وكذلك الأشكال الحرة في بناء عمله الفني. كما زاوج بين عدة خطوط في العمل الفني الواحد. وكانت الميزة الأساسية في أعماله هو فهمه وتعامله مع معالم النجاح في الطريقة الحروفية وإكسابها رونق الطريقة الكلاسيكية للخط العربي. فكان البعد التكويني للوحة الخط العربي وسهولة إدراك العين لها. وكتب المصحف في سبعة آلاف لوحة 7 مرات. وأسس الجمعية المصرية للخط العربي. وشارك في عضوية لجان تحكيم مسابقات الخط العربي محلياً ودولياً وحصل علي عدد كبير من الجوائز. منها جائزة الكوفة التقديرية في الخط العربي عام 1995. والوسام الذهبي لمهرجان كاظمة العالمي بالكويت عام 1996. وجائزة الصين في الفن الإسلامي عام .199