دخل الفرس البلاد المصرية بقيادة فارسها قمبيز سنة 525 قبل الميلاد وظل بها محتلا أرضها سارق خيرها مستعبدا شعبها حتي جاء الاسكندر المقدوني بجيوشه الجرارة ليخلصها من هذا الاحتلال سنة 300 قبل الميلاد واستبدل الاحتلال الاغريقي بالاحتلال الفارسي ولاتساع رقعة البلاد التي احتلها البلاد في ذلك الحين وضع الاسكندر علي رأس البلاد المصرية أحد قواده بطليموس ورثها من بعده من أطلق عليهم البطالمة الذين ظلوا بمصر يسيمونها سوء العذاب ويأكلون زرعها ويستعبدون رجالها ونساءها حتي جاء الرومان 31 قبل الميلاد لتقوم حرب ضروس بين آخر ملوك البطالمة كليوباترا التي عشقت القائد الروماني انطونيو وانهزم جيشها هزيمة نكراء ولكنهم أوهموا الشعب المسكين انهم انتصروا انتصارا هائلا وذلك علي غير الحقيقة ويصور أمير الشعراء أحمد شوقي في مسرحية مصرع كليوباترا ذلك الخداع وهذه الهزيمة قائلاً: وبذلك اندحر المصريون تحت سنابك الخيل وأساطيلهم ولم يتخلصوا من حكم البطالمة والإغريق إلا علي يد الرومان الذين ظلوا بالأراضي المصرية ينهشون في بدنها ويحصدون زرعها وينهبون كل أخضر ويابس حتي قيل ان ما يطلق عليه الوادي الجديد الآن كان يطلق عليه حينئذ سلة الغلال للدولة الرومانية والآثار الموجودة بمنطقة الوادي الجديد والموميات التي يعثر عليها في تلك المنطقة تدل دلالة قاطعة علي انها كانت بمنطقة عامرة بالبشر ولم يتخلص المصريون من الرومان الذين أذاقوا أقباط مصر كل شر وتدمير ولجأ الرهبان ورجال الدين المسيحي بعد دخول المسيحية مصر واعتناق أهلها المذهب الأرثوذكسي علي خلاف الدولة الرومانية التي اعتنقت الكاثوليكية لجأ رجال الدين من المصريين إلي الجبال والصحاري يتعبدون فيها هربا من الاضطهاد والمهانة والعذاب. ولم يتخلص الأقباط المصريون من هذا الاضطهاد وذلك العذاب إلا بدخول العرب المسلمين مصر علي يد عمرو بن العاص في النصف الأول من القرن السابع الميلادي واعتنق المصريون الدين الاسلامي وانتقلت السيطرة بعد ذلك إلي حكومات متعددة نحن في غني عن ذكرها حتي جاء المماليك بداية من شجرة الدر ثم قطز والقصة المعروفة في حرب التتار وانتصار المسلمين في معركة عين جالوت وظل المماليك يحكمون مصر حتي سنة 1517 ورغم انهم حققوا انتصارات عديدة إلا ان كتب التاريخ امتلأت بصور الظلم واستعباد المصريين عشرات السنين وعان الشعب معاناة شديدة في العيش والحياة ولم تتخلص البلاد من حكمهم إلا علي يد محتل آخر هو سليم الأول الذي دخل مصر سنة 1517 بعد أن هزم قنصوه الغوري في معركة مرج دابق نتيجة الخيانة من بعض قواده فمات تحت سنابك الخيل ثم دارت معركة الريدانية وانتصر فيها العثمانيون أيضا وتم القبض علي طومان باي وتعليقه علي باب زويلة مع فرحة المصريين بمن خلصهم من المماليك. ولم يكن العثمانيون أحسن حالا وأفضل حكماً من غيرهم ولم يتخلص الشعب من حكم العثمانيين إلا علي يد الفرنسيين الذين جاءوا إلي مصر بقيادة نابليون سنة 1798 وبخروج الفرنسيين سنة 1801 جاءت الفرصة الذهبية للمصريين أن يحكموا أنفسهم ويعينوا حاكما من بينهم إلا ان عمر مكرم والمشايخ والأعيان اختاروا جنديا كان ضمن الحملة استطاع بذكائه الخارق أن يقفز إلي مكان متقدم بين جنود الحملة العثمانية التي اشتركت في طرد الفرنسيين وقرأ الرجل الشعب المصري جيدا وتقرب اليه وانحاز إلي جانبه وتمكن محمد علي بذلك أن يكسب ثقتهم فاختاروه حاكما سنة 1805 دون غيره من أي منهم. وظل الرجل وأسرته يحكم البلاد حتي قامت ثورة يوليو سنة 1952 وجاء الآوان أن يحكم البلاد مصري بعد رحلة طالت مئات السنين منذ 525 قبل الميلاد وكان الرئيس المظلوم محمد نجيب هو الحاكم المصري الذي أراد أن يكرم المصريين ويضع الأمور في نصابها ويعود الجيش إلي ثكناته ويتولي أمر البلاد السياسيون من الأحزاب والمفكرين وليتمتع كل بحريته دون الإخلال بالوطن والمصلحة الوطنية وينعم الجميع بمظلة الروح المصرية الأصيلة بدءا لعهد جديد وعصر منير إلا ان المصريين أبوا أن ينعموا بذلك فانقلبوا علي الرجل وحددوا إقامته وتخلوا عنه بعد أن رفعوه إلي أعلي عليين وكانت معظم مواليد الذكور في الفترة من 23 يوليو 1952 حتي اقالته وتحديد اقامته سنة 1954 تسموا باسم محمد نجيب تيمناً باسمه وعشقا له ثم انتقلت البلاد إلي حكم ضاعت فيه حرية الناس إلي أن تحطمت أحلامهم في الخامس من يونيه سنة .1967