أثار انطلاق أول قافلة دعوية أزهرية الي محافظة السويس ردود فعل متباينة لدي أساتذة جامعة الأزهر حيث رأي بعضهم أنها بداية طيبة لعودة المؤسسة الرئيسية للقيام بدورها في مواجهة التطرف في مكانه بنشر الوعي الديني الصحيح.. في حين رأي أخرون أنها مؤقتة وتهدف الي "الشو الإعلامي" فقط ولن يكتب لها النجاح لانها مجرد مسكنات لا أكثر. بداية قال الدكتور عبدالمهدي عبدالقادر أستاذ الحديث بجامعة الأزهر: في حقيقة الأمر أنا لم تتح لي الفرصة لدراسة هؤلاء الذين تشربوا الفكر المعوج في شبه جزيرة سيناء ولم أطلع علي الأسماء التي ستذهب اليهم في قوافل الأزهر التي أعدها وبدأ تنفيذها لكن القاعدة التي أؤمن بها والتي قرأتها كثيراً في سير السابقين تؤكد أن كلمة واحدة صادقة ومقنعة يمكنها فعل المستحيل ولنا في جبير بن مطعم القدوة والمثل فقد كان قبل إسلامه من أشد المعادين للنبي - صلي الله عليه وسلم - وكان يمر عليه يوماً وهو يصلي بأصحاب صلاة المغرب فمع قول الله تعالي: "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" "الطور: آية 52" وبمجرد أن سمع هذه الآية الكريمة وقر الإسلام في قلبه فبسبب آية تحول من الشرك إلي الإيمان.. لذا أؤمن بقيمة الكلمة وسحر وقعها وتأثيرها علي النفوس. أضاف: لابد أن يكون للأزهر باعتباره أكبر مؤسسة دعوية خطة واضحة وممنهجة لمجابهة هؤلاء المتطرفين فكرياً وإن كنت في حقيقة الأمر أبدي تحفظي الشديد علي وصفهم بالمتطرفين فكرياً لأنني لدي اعتقاد راسخ أن الارهاب والتطرف الفكري لم ينشأ في بيئة الاسلام ولم يظهر عند العرب لأن الإسلام يدعو الي السلام ولا يزال مستمراً في ذلك.. لكن فرضاً أن هناك فكراً معوجاً بعض الشيء فمهمة الأزهر أن يقوم هذا الفكر ويهذبه ولكي ينجح الازهر في هذه المهمة الصعبة عليه أولاً دراسة كل طائفة علي حدة وتفنيد افكارها ومواجهتها بالطرق العلمية الصحيحة ولدينا في هذا المجال دراسات لا حصر لها ومن المؤكد ان تكون ثمرة ذلك جيدة ونافعة. واشار الي أن ذهاب قافلة من قوافل الأزهر الي أي مكان من هذه الاماكن ومجالسة الناس ولو لنصف ساعة فقط شيء مفيد فالفكر يمكن تعديله بكلمة واحدة كما أن مؤسسة الأزهر العريقة تعرف جيداً ماذا تفعل. وأوضح أن الامام والداعية صاحب رسالة غالية لهذا فان الائمة يذهبون لاماكن متفرقة لتبصير الناس بأمور دينهم والاجابة عن اسئلتهم واستفساراتهم. وشدد د. عبدالمهدي علي ضرورة مؤازرة الأزهر والوقوف خلفه وتدعيمه خاصة من جانب الاعلام الذي أتمني أن يصبح في أيدي الناصحين المخلصين وأن يدعو للاخلاق الحسنة ويكف عن تدميره للمجتمع واشعال الفتن. شو إعلامي تري الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر أن هذه القوافل ما هي إلا "شو إعلامي" لا تسمن ولا تغني من جوع وأتعجب وأندهش من هذا العلاج الذي يحرر فيه روشتة ويكتب فيه دواء مثير للضحك وكأن التطرف الفكري أصبح مثل انفلونزا الطيور يمر "سيدنا الشيخ" علي صاحبه ويمسح علي رأسه ويتمتم ببعض الكلمات فيتم الشفاء بعد ذلك فهذا شيء مثير للسخرية والضحك في آن واحد. * تساءلت الدكتورة آمنة: هل وصلنا لهذه الدرجة من السذاجة والسطحية في التعامل مع مشكلاتنا الحقيقية والمهدرة فعلاً لأمن واستقرار المجتمع كما أن أصحاب هذا الفكر الذين تشربوه علي مدي سنوات طوال ليسوا بهذه البساطة أن يجلس معهم "سيدنا" لبضع دقائق وبحوله لانسان صحيح رشيد وينزع منه التطرف. واستطردت: الموضوع خطير ويحتاج لدراسة متأنية وعلاج طويل الأمد فلن تستطيع قوافل الأزهر انتزاع هذا الفكر المتطرف من عقول أصحاب ونشر فكرها في بضع دقائق ولا حتي بضع ساعات فنحن نحتاج أولاً لطرق أبواب المساجد بفكر رشيد وخطة طويلة الأمد وتأهيل الائمة والدعاة الذين يتحدثون لهؤلاء. وأكدت علي أن ترهل الأزهر وتخاذله ووهنه هو السبب الحقيقي وراء افتراق الفكر الوافد لعقول ابنائنا. وتساءلت: أين تلاميذ الشيخ شلتوت والغزالي والشعراوي الذين يستطيعون بجدارة منقطعة النظير التصدي لهؤلاء وارجاعهم لصحيح الدين؟ أهل التخصص وتناول خيط الحديث الدكتور عبدالمنعم فؤاد استاذ العقيدة والفلسفة ووكيل بنات الأقصر قائلا: مع بالغ احترامي لكافة علماء الأزهر الاجلاء الا انه ليس كل عالم يصلح للقيام بهذه المهمة والانضمام لهذه القوافل فلابد من الاختيار الدقيق للعلماء ولابد من احترام التخصص والتركيز عليه ويفضل اختيار من له باع في مواجهة الشبهات والتصدي لها وأن يكون من الوجوه المقبولة لدي الآخرين وأن يمتلك من الصبر والمثابرة ما يستطيع به الصبر علي هؤلاء ومناقشتهم وتفنيد آرائهم بالحجة والبرهان ولن يتحقق ذلك في ساعات ولا حتي في أيام انما لابد وضع جدولة معينة وخطط طويلة للتصدي لهؤلاء. وأضاف: أفضل أن تكون مخاطبة علماء الأزهر لهؤلاء المتطرفين فكرياً أمام الجماهير لاظهار ضعف حجتهم وأن يكون الكلام بميزان الكتاب والسنة مع ضرورة الالتزام بالحكمة في العرض عملا بقول الله تعالي: "ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. فهنا الحكمة مقدمة علي الموعظة.. فمن يذهب الي هناك لابد أن يكون حكيماً قبل أن يكون واعظا ولابد أن يكون ملماً بالأساليب البلاغية المتنوعة لينجح في مهمته ولابد أن يعرض الإسلام بطريقة مبسطة بعيدة عن التعقيد وهذا لم يتحقق في ساعة أو ساعتين. واستطرد: هذه الزيارات الخاطفة لقوافل الأزهر ما هي الا افتتاحيات ولن تؤتي ثمرتها المرجوة الا بالتواصل المثمر بصورته الحقيقية التي شوهت طويلاً. وأكد أن ضرورة التحاور بهدوء مع أصحاب هذا الفكر مستشهداً بما فعله علي بن أبي طالب يوم ان خرج عليه الخوارج واتهمون بأنه لا يحكم بكتاب الله فما كان من علي الا ان ارسل اليهم ابن عباس الذي حاورهم وناقشهم بهدوء وحكمة منقطعة النظير وكان ثمرة ذلك أن رجع ثلاثة آلاف من الخوارج الي صفوف ابن عباس من أصل خمسة آلاف وصاروا يدافعون عن الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة ونحن في أمس الحاجة الي دعاة أمثال ابن عباس يعرضون الإسلام بوسطيته واعتدال لا أن يذهب الداعية لقضاء مصلحة هنا أو هناك. استياء شديد أعرب الدكتور عبدالفتاح عبدالغني استاذ ورئيس قسم التفسير بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر عن استيائه الشديد من استبعاد أهل التخصص من اساتذة أصول الدين للانضمام لهذه القوافل مؤكداً أنها الكلية الأم في مصر والعالم العربي للدعوة وبها قسم كبير للدعوة والثقافة الإسلامية لا يمكن تجاهله مما حدث. وأضاف: ماذا ننتظر بعد أن تم استبعاد وتجاهل أهل التخصص فمن يقوم بالدعوة. وأشار الي ان اساتذة الكلية يقومون بواجبهم الدعوي ويجوبون محافظات مصر بشكل تطوعي ومن تلقاء أنفسهم ودون أن نوجه اليهم دعوة من أي جهة كانت.. لكن كانت ينتظر أن يشارك قسم الدعوة بكلية أصول الدين في هذه القوافل التي هي صميم تخصصه ولا أعرف علي أي اساس يتم اختيار اعضاء هذه القوافل. ومن جانبه أوضح الدكتور محمد مختار جمعة عميد كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة والقائم علي أمر هذه القوافل أن الاختيار تم علي أساس الكفاءة الدعوية والتخصص العلمي الدقيق ولن يتم استبعاد أو تجاهل أي أستاذ من أساتذة الأزهر في الدعوة وقد بادر بالاتصال بعميد كلية أصول الدين بالقاهرة وطلب منه أن يرشح عشرة من كبار علماء الكلية لينضموا الي هذه القوافل.. كما قررت كلية الدعوة ليتعاونوا معهم لأن المهمة الأولي الاستفادة من كل الخبرات وانجاح هذه القوافل في نشر الفكر الوسطي المعتدل. أضاف: سوف ننأي بأنفسنا ونبتعد عن كل من له تصنيف حزبي أو سياسي ولن يخرج معنا الا من يكون انتماؤه لله ورسوله. وأشاد بالاستقبال الحافل الذي استقبل به أهل السويس وقاداتها علي كافة المستويات قافلة الأزهر مؤكداً أن الناس في مدن القناة في شوق وظمأ لوجود علماء الأزهر وقد قال لنا مجموعة من العمال بإحدي الشركات "لقد تأخرتم كثيراً علينا" وطلبوا منا التواصل معهم باستمرار وعدم الانقطاع عنهم. أشار إلي أن الموضوع لم يقتصر علي القاء خطبة أو محاضرة فقط بل كان التحاور وفتح باب النقاش والاستماع الي الناس والرد علي استفساراتهم هو الأساس. ونفي توجيه اي اتهام او هجوم علي الأزهر وعلمائه من قبل أهل السويس.