بدأت في الآونة الأخيرة الكثير من الفتيات الإقبال علي ممارسة إحدي الألعاب والتي كانت معروفة في السابق بأنها لعبة القوة والعنف ألا وهي لعبة "الكاراتيه" فم يعد غريباً أن تري فتيات وبنات في عمر الزهور ومختلف الأعمار السنية يتدربن ويمارسن هذه اللعبة سواء في الأندية الكبري أو مراكز الشباب وأحيانا في المنازل في يد أقرانهن المتعلمات والممارسات للعبة في محاولة منهن لامتلاك سلاح بأيديهن للدفاع به عن أنفسهن في مواجهة أي شكل من أشكال الاعتداء عليهن من قبل أي فرد خاصة مع انتشار جرائم الاعتداء والتحرش المقرون في كثير من الأحيان بمد الأيدي أو اعتراض الطريق والتطاول "البجح" من بعض الشباب المستهتر. حول هذه الظاهرة يقول الدكتور عمرو عبدالحق رئيس نادي النصر الرياضي سابقاً: بالفعل رصدنا ظاهرة إقبال الفتيات ومن أعمار مختلفة علي هذه اللعبة التي كانت في السابق شبه مقصورة علي الفتيان فقط وكان من النادر بل المستغرب وجود أو مشاهدة فتاة تقبل علي مثل هذه اللعبة باعتبار أنها تغير من طبيعة وسيكولوجية الفتاة من حيث الأنوثة والرقة المفترضة في سلوك الفتاة لكن يبدو أن ما تتعرض له الفتيات في الفترة الأخيرة من اعتداءات ومعاكسات قبيحة دفعهن إلي التوجه لحمل سلاح بين أيديهن غير ظاهر وغير معاقب عليه قانونا لأن هناك فتيات يضطررن إلي حمل دبابيس أو "سبي" معين لاستعماله حال تعرضهن لمثل هذه المعاكسات ويبدو أنهن رأين ذلك السلاح "موضة" قديمة وغير فعالة خاصة إذا سقطت منها أو حالت الظروف دون استخدامها وبالتالي كان الحل العملي والرادع هو ذلك "السلاح الناعم" إذا جازت لنا تسميته. يلتقط خيط الحديث الكابتن محمد سعد مدرب فريق الكاراتيه قائلاً : بالفعل أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر نسبة إقبال الفتيات علي هذه اللعبة "قد تزيد عن 70% أحياناً" ومن كل المراحل العمرية وقد تنزل حتي 4.5 سنوات وإلي أي سن تشاء وإن كانت اللعبة يصعب ممارستها لكبار السن ولكن هناك فتيات في أواخر العشرينات والثلاثينات يلجأن إلي من يعرفن أو تعلمن اللعبة ليتدربن علي أيديهن حتي في المنازل كي يكون لديهن علي الأقل معرفة بأسسيات وأوليات "الكاتا" لاستعمالها في الدفاع عن أنفسهن حتي وإن كان ذلك لوقت معين حتي تأتيها المساعدة أو الغوث من أي أحد يراها. يستطرد كابتن سعد والحاصل علي عدة جوائز وشهادات تقدير وبطولات محلية ودولية في اللعبة قائلاً: منذ عشر سنوات تقريباً كان من الغريب مشاهدة فتاة تتدرب علي هذه اللعبة التي بدأت علي استحياء في بعض الأندية الكبري ثم تدريجياً انتشرت في كل الأندية ومراكز الشباب حالياً والجميل هو ذلك الفهم والقبول بل الرغبة من قبل أولياء الأمور لتعليم بناتهم هذه اللعبة. تأثير سلبي ومن أولياء الأمور تقول خيرية صابر كاتبة وشاعرة: بالفعل كنت مترددة في بداية الأمر من فكرة تدريب ابنتي علي مثل هذه اللعبة التي تتسم بالعنف والقوة لكنها أحبتها خاصة وأنها كانت تخرج إلي مدرستها والنادي وحيدة فكانت بحاجة لوجود سلاح حتي وإن كان "ناعماً" للدفاع به عن نفسها إذا تعرضت لأي مكروه وتفوقت وأحرزت بطولات وميداليات ومراكز أولي ولكن وما أدراك ما لكن هذه حيث انعكس ذلك علي سلوكها في حياتها العادية لدرجة أنها أصبحت معروفة بالقوة وعدم استسلامها أو قبولها للضعف والاستكانة من أي شخص مهما كان وقد اذاها ذلك كثيراً فهي الآن تجاوزت الثلاثين ولم تتزوج مثل زميلاتها وقريناتها لأن كثيراً من العرسان المتقدمين يصطدمون بشخصيتها القوية وأعتقد أن أنوثتها تأثرت كثيراً من طبيعة هذه اللعبة ولو أن الزمن عاد بنا ثانية لما وافقتها علي ممارستها لأن حياة الأمومة وحنانها لا شك يداعب كل فتاة وأنا أشعر بمعاناتها. سلاح مفيد علي عكس هذا الرأي تؤكد نادية عثمان مدرسة ابتدائي أن ممارسة البنت لأي لعبة أو رياضة تنفعها كثيراً خاصة في هذه الأيام التي نسمع فيها عن كثير من الممارسات والافعال غير اللائقة التي تصدر عن بعض الشباب الذين لم "يتربوا" ولا يوجد من يردعهم أو يقف في وجههم عن اعتراضهم طريق إحدي الفتيات فالجميع يقول: وأنا مالي! والبنت هي السبب! ويظلون يلقون بالتهم والافتراءات الباطلة علي البنات مثل الملابس أو الخروج بمفردهن وغير ذلك من الحجج الواهية. تضيف قائلة: كنت اتمني أن أجد ابنتي تمارس إحدي هذه الألعاب التي تستطيع بها الدفاع عن نفسها ولكن هناك ظروفا كثيرة حالت دون تحقيق هذه الرغبة وأذكر أنني كنت ألعب الجمباز أيام شبابي فأنا الآن قاربت علي الخمسين من العمر وتعرضت ذات يوم للص سلاسل ذهبية خطف مني السلسلة وجري بسرعة الصاروخ ولم اتركه وظللت أطارده حتي لحقت به و "شنكلته" من الخلف في قدمه فوقع علي وجهه وجلست عليه وأخذت أصرخ وأعانني عليه الناس حتي اقتيد إلي قسم البوليس فتخيل لو لم أكن رياضية أياً كان نوع الرياضة لما استطعت الدفاع عن حقي وممتلكاتي. هذا السبب ما يشجع أيضاً بعض الأمهات علي الدفع ببناتهن لتعلم أي لعبة من ألعاب القوي المعروفة بالجري أو الوثب وخلافه كما يري الكابتن محمد منطاوي مدرب ألعاب القوي الذي يري الإقبال من الفتيات علي ممارسة الرياضة بصفة عامة أصبح غير ذي قبل وقد يرجع هذا في أغلبه للانفتاح والإعلام الذي يبرز أهمية ممارسة الرياضة وأيضاً ارتفاع نسبة الوعي بين الناس العاديين بأهمية الرياضة بالنسبة للجميع وليس الأولاد فقط ففعلاً لم تعد هناك تفرقة كبيرة بين البنات والصبيان في المعاملة من قبل أولياء الأمور خاصة بعد تميز البنات في كثير من المجالات وإثبات الذات فكان المقابل من الآباء والأمهات مزيداً من التأييد والدعم والمساندة. سلاح شخصي جداً وفي لقاء مع بعض المتدربات علي هذه اللعبة "الخشنة" قالت ياسمين أحمد: هناك مجموعة صبيان في بعض المدارس أو الشارع يتعرضون لنا بالمعاكسات وما يخدش الحياء وللأسف لا تجد كثيراً من الناس يعترضون علي تلك التصرفات الطائشة من أولئك الشباب والصبية خوفاً من أن يكون معهم سلاح أو الرد عليهم بكلمات جارحة وغير مؤدبة وبدلاً من أن تتعرض الواحدة منا لمثل هذه السخافات كان لزاماً علينا حمل "سلاح" ندافع به عن أنفسنا. تتفق معها زميلتها ريم محمد إبراهيم . وسما حسام . وفرحة محمد حسن بقولهن : أن تصبح الفتاة قادرة علي الدفاع عن نفسها ضد أي متطفل فهذا أمر جيد ويجعلها تسير في طريقها وهي شبه آمنة علي الأقل لبعض الوقت من هؤلاء الصبية غير المحترمين. نفس المعني تؤكده سلمي لطفي . ورميساء محمد . ونادين علاء . ومريم مصطفي بقولهن: إننا نمارس لعبة الكاراتيه من باب حبنا لها ورغبتنا في الشعور بالقوة والقدرة علي التصدي لأي أعمال صبيانية غير محترمة أو حتي لاعتداء من إخواتنا الذكور حتي ولو كان علي سبيل استعراض القوة والرغبة في فرض سيطرتهم علينا. ويبدو أن محاولات فرض سيطرة الإخوة الذكور علي البنات في البيت أيضاً كانت دافعا من قبل بعض البنات للتوجه إلي تعلم الكاراتيه للدفاع عن الحق كما تقول مي محمد . ورهف مدحت . وروان حسان. وتقول حنين مصطفي: أحببت أن أتميز في لعبة فاتجهت إلي ألعاب القوي وحصدت المراكز الأولي علي مستوي القاهرة في عدة دورات متتالية فهي لعبة مناسبة لي كفتاة وفي نفس الوقت تتيح لي فرصة التكوين الجسماني والبدني السليم والحمد لله فهي لا تؤثر علي دراستي بل علي العكس فأنا أيضاً متفوقة في مدرستي وأحصل علي المركز الأول كل عام حتي الآن بفضل الله تعالي. وزيادة علي ذلك التحقت بالتدريب في لعبة الكاراتيه وحاصلة الآن علي الحزام الأصفر أيضاً للدفاع عن النفس عند اللزوم. حل غير تقليدي ويعلق الدكتور منتصر محمود مجاهد الأستاذ بكلية التربية جامعة قناة السويس علي ذلك بقوله: بداية ليس هناك ما يمنع الفتاة من ممارسة أي لعبة ترغب فيها طالما أنها لا تتعارض مع طبيعتها وتكوينها ولا تضرها وطالما أنها كانت في إطار من الاحتشام والوقار مع ضرورة غرس القيم والأخلاق الرياضية وروح التسامح وتقبل الهزيمة بصدر رحب وتوسيع مدارك الفتاة فالعقل السليم في الجسم السليم والمؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير وهذه الفتاة تستطيع حماية نفسها والدفاع عن حقوقها ولا تستسلم ولا ترضخ للظلم وقد تفشت في كثير من مجتمعاتنا العربية والمسلمة الانحرافات الخلقية والسلوكية مما يستلزم إيجاد حلول غير تقليدية لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة ومن ذلك بالطبع السلاح الناعم.