الله تعالي يوحي إلي رسله بواسطة وبغير واسطة فالأول بواسطة جبريل ملك الوحي وسيأتي بيانه والثاني وهو الذي لا واسطة فيه. 1- منه الرؤيا الصالحة في المنام: فعن عائشة قالت: "أول ما بديء به صلي الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يري رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح" وكان ذلك تهيئة لرسول الله حتي ينزل عليه الوحي يقظة وليس في القرآن من هذا النوع لأنه نزل جمعيه يقظة خلافا لمن ادعي نزول سورة "الكوثر" مناما للحديث الوارد فيها ففي صحيح مسلم عن أنس قال: "بينما رسول الله ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذا أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه مبسما فقلت: ما أضحكك يا رسول الله؟: فقال: نزلت علي آنفا سورة. فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم: "إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شائنك هو الأبتر فلعل هذه الإغفاء هي الحالة التي كانت تعتريه عند الوحي. ومما يدل علي أن الرؤيا الصالحة للأنبياء وحي يجب اتباعه ما جاء في قصة سيدنا إبراهيم من رؤيا ذبحه لولده إسماعيل "فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إن كذلك نجزي المحسنين" ولو لم تكن هذه الرؤيا وحيا يجب اتباعه لما أقدم إبراهيم عليه السلام علي ذبح ولده لولا أن الله من عليه بالفداء. والرؤيا الصالحة ليست خاصة بالرسول فهي باقية للمؤمنين وإن لم تكن وحيا كما قال النبي: "انقطع الوحي وبقيت المبشرات: رؤيا المؤمن".. كما أن الرؤيا الصالحة في المنام للأنبياء في القسم الأول من أقسام التكليف الإلهي المذكور في قوله تعالي "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أومن وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليم حكيم". 2- ومنه الكلام الإلهي من وراء حجاب يقظة بدون واسطة وهو ثابت لموسي عليه السلام "وكلم الله موسي تكليما" كما ثبت التكلم علي الأصلح لرسولنا صلي الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج وهذا النوع هو القسم الثاني المذكور في الآية الكريمة "أو من وراء حجاب" وليس في القرآن الكريم شيء منه كذلك.