دائماً ماكانت علاقة الإخوان بالأمريكان تثير كثيرا من التساؤلات والشكوك، وكان هناك من يؤكدها وآخرون ينكرون وجود مثل هذه العلاقة بين الولاياتالمتحدة التي من المفترض أنها راعية الديمقراطية في العالم وبين تنظيم مثل الإخوان المسلمين. لكن بعد ثورة 30 يونيو تحول الشك إلي يقين، الرئيس باراك أوباما وإن كان لم يبد صراحة حزنه وغضبه من الثورة الشعبية الثانية التي حدثت في مصر التي قلبت الموازين والحسابات الأمريكية ودمرت مشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة إلا أنه أبدي قلقه من التطورات التي حدثت في الثورة المصرية، وطالب بضرورة عودة مصر إلي طريق الديمقراطية. بينما من الناحية الأخري سلطت القنوات الإخبارية الأمريكية التي تقع تحت سيطرة المصالح الخاصة بالإدارة الأمريكية خاصة قناتي فوكس نيوز وCNN الضوء علي الأحداث في مصر باعتبارها انقلاباً عسكرياً كاملاً وحجبتا أعينهما عن رؤية الملايين الذين نزلوا للشوارع في 30 يونيو مطالبين برحيل محمد مرسي. في حين تركز قناةCNN كاميراتها طوال الوقت علي ميدان رابعة العدوية وتخصص أوقاتا كثيرة جداً للحديث مع جهاد الحداد القيادي الإخواني الموجود خارج البلاد والذي أصبح حالياً مثل نجوم السينما فيCNN يظهر في كل نشراتها وتحليلاتها الإخبارية. ولعل لقاء ال CNN مع الدكتور محمد البرادعي الأخير لخير دليل علي هذا الانحياز الواضح حيث كان من المتوقع أن يكون حواراً مطولاً كحوارات سابقة أجرتها القناة مع الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكنه كان لقاء قصيرا جداً استمر حوالي 5 دقائق في برنامج استمر أكثر من ساعة خصص أغلب وقته للحديث عن الانقلاب العسكري والقفز علي الديمقراطية الذي حدث. وإن كان الدكتور البرادعي قد استطاع في وقت قصير جداً أن يوجز الرسالة التي أراد أن يبعثها وأن يؤكد علي أن ماحدث في مصر هو ثورة شعبية وليس انقلاباً علي الشرعية. محمد هيكل أحد مؤسسي حركة تمرد قال: إن الضغوط التي تمارسها الإدارة الأمريكية علي مصر غير مقبولة بأي حال من الأحوال وإن كانت متوقعة بعد الصفقة التي وقعتها الإدارة الأمريكية مع الإخوان ومع المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي والتي أدت إلي انحراف الثورة المصرية عن مسارها. وقال هيكل إن حركة تمرد دعت المصريين لوقفة سلمية أمام السفارتين الأمريكية والبريطانية للتأكيد علي أن الشعب المصري لايقبل التبعية للأمريكان ولايقبل أن يتحكم في مصيره أي كائن من كان" واعتبر هيكل أن الإدارة الأمريكية واهمة إذا كانت تفكر أنه بالإمكان عودة محمد مرسي مرة أخري "عليهم أن يعرفوا أن هذا مستحيل وأن عقارب الساعة لن تعود للوراء مرة أخري وأن الشعب المصري اختار طريق الحرية وطريق الاستقلال الوطني وإعلاء المصالح العليا للبلاد علي أي حسابات إقليمية أو دولية" أما عبير سعدي وكيل مجلس نقابة الصحفيين فقالت "إن مايحدث من الإعلام الأمريكي وخاصة CNN أمر غير مقبول شكلاً وموضوعاً "هذه القناة لاتمارس العمل الإعلامي بحيادية واحتراف، هذه قناة مسيسة وغير منصفة، وتقوم بنقل الأحداث في مصر من وجهة نظر واحدة هي وجهة نظر الإخوان المسلمين وتصر علي استخدام لفظ "انقلاب عسكري" في كل تقاريرها الإخبارية، وتجاهلت الرغبة الشعبية الجارفة وال30 مليون شخص الذين نزلوا للشوارع يوم 30 يونيو مطالبين بشيء واحد فقط هو رحيل مرسي وجماعته من الحكم" واعتبرت سعدي أن مايحدث من CNN له عواقب وخيمة "هم لا يدركون خطورة مايقومون به من تأجيج غضب الشارع المصري، وهو ماقد ينعكس علي كل الإعلاميين والصحفيين الأجانب الموجودين في مصر، وقد وصلتنا في نقابة الصحفيين بالفعل مؤشرات خطيرة، حيث طردت مراسلة قناة RTL الألمانية من ميدان التحرير لأن بعض الأشخاص اعتقدوا أنها أمريكية وهي ليست كذلك. وقالت الدكتورة ماجدة غنيم عضو لجنة التخطيط الاستراتيجي بالتيار الشعبي "أوباما في موقف صعب الآن بعد أن تعالت الأصوات في واشنطن بفشل المشروع الذي كان ينفذه بتدعيم الإخوان مادياً وسياسياً مقابل تنفيذ مشروع أمريكي إسرائيلي في المنطقة يعتمد علي خلق صراع طائفي سني وشيعي يمتد لسنوات وجعل البلاد العربية تعود إلي العصور الوسطي مما يعزز الأمن الإسرائيلي لمئات السنين القادمة، لذلك فأمريكا الآن عبر سطوتها الإعلامية تحاول أن تشوه الثورة المصرية وأن تجعلها تظهر بمظهر الانقلاب العسكري ربما أملاً في عودة الإخوان المسلمين إلي الساحة مرة أخري وهذا لايمكن أن يحدث". فيما أشادت د. ماجدة بموقف الاتحاد الأوروبي المؤيد للثورة المصرية الثانية والمتفهم للمصير المحتوم الذي كانت ستصل إليه البلاد في حال استمرار مرسي علي كرسي الحكم، الاتحاد الأوروبي حاول أكثر من مرة التوسط بيننا وبين مرسي للوصول إلي حلول وسط تحقق مطالب المعارضة وتصل بالبلاد إلي بر الأمان وإلي حياة ديمقراطية صحية سليمة لكن مرسي رفض كل طلباتنا التي كانت تنقلها كاترين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد وبرنادينو ليون المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي لشئون جنوب المتوسط. وكان عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية كاليفورنيا ورئيس لجنة العلاقات الخارجية إد رويس، وعضو الكونجرس عن ولاية نيويورك إليوت أنجيل قد أصدرا بيانا مشتركا يدعمان فيه تدخل الجيش لعزل الرئيس السابق محمد مرسي بعد تظاهرات يوم 30 يونيو الحاشدة. في حين لم يهاجم الاتحاد الأوروبي التغيير الذي وقع في مصر ودعا إلي عودة سريعة إلي الديمقراطية في مصر.