الارتجال في المسرح يماثل الارتجال في أي نوع أدبي أو فني يقوم علي الابتكار اللحظي دون تحضير مسبق ويعني في اللغة العربية الكلام الذي لم يهيأ من قبل وهو إن دل علي شيء يدل علي البديهة الحاضرة والتمكن وفصاحة في القول وسهولة في الإلقاء ويمكن أن يتمتع بهذه الصفات رجل أو امرأة.. وعند تضييق هذا علي المسرح يصبح الارتجال هو ما يقوله الممثل دون تحضير سابق وهو هنا يضيف ابتكارا وعندما يقوله علي المسرح يصبح خروجا علي النص.. ويعرّف الارتجال في المسرح منذ بدايته وفي عروض الممثلين فرحان بلبل في كتابه »شئون وقضايا مسرحية« أن الارتجال ظهر في أداء الفرجة الشعبية في القرون الوسطي في أوربا وأداء المداح والمقلد والحكواتي وغيرها من الأشكال والتقاليد الشعبية حتي ظهرت »الكوميديا ديلارتي« في إيطاليا وانتشرت في القرنين السادس عشر والسابع عشر وهي تقوم علي ارتجال الممثل لدوره كله ثم تبلورت ووصلت لشكل به شيء من التحضير يبدو وكأنه وليد اللحظة ويقوم الممثل فيها بتنويعات علي الدور والمواقف التي يتطلبها وهي تقنية يمتلكها الممثل من تراكم خبراته.. ولقد عاد الارتجال في العصر الحديث بأشكال جديدة ورآه كثيرون خروجا علي النص وعلي إطار العمل العام وارتبطت عودته بعد انحسار الكوميديا ديلارتي أن كثيرا من الأفكار الجديدة التي تعتبر المسرح عملية تحريضية وإعادة إحياء التراث المسرحي بالتراث الشعبي مع المبادئ الجمالية التي ظهرت في بداية القرن العشرين التي تتبني العفوية وأوصلها إلي التفاعل الحي بين الممثل والجمهور والارتجال ليس مقصورا علي المسرح ولقد شدت أم كلثوم بألحان وزادت عليها ارتجالات وهي تغني علي خشبة المسرح وكانت ارتجالاتها سببا في انضمامها لجمعية المؤلفين الموسيقيين في العالم وصارت ارتجالاتها ألحانا تمت إضافتها إلي اللحن الأصلي وينطبق هذا النوع من الارتجال علي العزف والخطابة والمنشد والعازف المنفرد ولهذا فالعرب يعدون من أبرع الأمم في الارتجال.. فالغناء والموسيقي والخطابة ونحن أكثر دقة في صحة استخدام معني الارتجال وانطلقنا وراء الغرب وارتبكنا بمصطلح مطاطي وهو يعد ابتكارا لحظيا التي لم تعد مسبقا من قبل وبعد وما يخرج هو الذي يدفع الممثل أثناء البروفات ليقدم اقتراحه وفهمه للشخصية.. وأن يبتكر الممثل في أثناء العرض ما يشاء فإن كان ارتجاله مؤثرا يجب أن ينهي المخرج هذا فورا.. ويمكن للارتجال أن ينقذ المسرحية في حالة وقوع خطأ ما في العرض.. ويبقي معناه الدقيق في غير هذا يؤذي العروض المسرحية ويدمر العلاقة الإنسانية بين الممثلين ويخلق بينهم أحقادا صغيرة وإن كان هناك من حالات مسرحية لا تضبط إلا من خلال الارتجال الذي يقوم به الممثلون عفوا ويكون وليد لحظتها وغير مقيد بما سبق أو متفق عليه وعادة يكون هذا في العروض الفكاهية وهي الأنسب للارتجال لفكاهتها ولغتها العامية وموضوعها الخفيف.