في وقت يعز فيه العمل والإنتاج.. دخلت هيئة الأوقاف بكل عزم وإصرار في مجال الاستثمار بكل المحافظات من أجل إعادة توظيف أموال الوقف والأراضي المملوكة لها من أجل استغلالها بصورة جيدة واليوم تقوم الأوقاف بزراعة مائة فدان بشتلات نبات الجاتروفا في وادي العلاقي بأسوان كمرحلة عاجلة تمهيدا لزراعة حوالي 10 الآف فدان جنوب المحافظة علي مياه الصرف الصحي المعالجة، لاستخراج الوقود الحيوي كبديل لمشتقات البترول . قامت هيئة الأوقاف منذ عدة أشهر بتوقيع بروتوكول تعاون مع محافظة أسوان لإنشاء عدد من المشروعات التنموية منها زراعة الأشجار المنتجة للوقود الحيوي وهي الجاتروفا والجوجوبا والتي تروي بمياه الصرف المعالجة، وهذه الأشجار ذات عائد استثماري كبير كما توفر إمكانية للتخلص الآمن من مياه الصرف إلي جانب اتاحة فرص عمل عديدة لأبناء المحافظة. في البداية يقول الشيخ سلامة عبدالقوي المتحدث الإعلامي لوزارة الأوقاف: أن معظم المحافظات قد استعرضت كل مواردها وإمكانياتها المتاحة في صورة مشروعات تريد تنفيذها من خلال هيئة الأوقاف والتي تقوم حاليا بدراسات جدوي للعديد منها، لاختيارالمناسب منها للاستثمار والذي يستوعب أكبر عدد من العمالة في كل محافظة بما يخدمها ويساهم في استغلال مواردها وإمكانياتها بشكل كبير . وقد قامت الوزارة بعقد عدة بروتوكولات مع عدد من المحافظات مثل شمال سيناءوجنوبسيناء والبحر الأحمر والمنيا وأسيوط والقليوبية والوادي الجديد لإقامة عدد من المشروعات بها أما أسوان سيتم فيها زراعة 10 الآف فدان بالجاتروفا لاستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي، وهدف المشروع مستقبلا زراعة حوالي 200 ألف فدان منها . وسنبدأ اليوم في زراعته علي مياه الصرف المعالجة حتي نحافظ علي مياه نهر النيل عند المصب، حيث كان يلقي فيها مخلفات المصارف، وكانت وزارة المرافق ومياه الشرب والصرف الصحي منذ 3 أشهر قد افتتحت محطة معالجة لمياه الصرف وأقامت أحواضا وبرك تنقية كبيرة، وبجانبها استصلحنا أراضي تمهيدا لتحويل هذه المياه إليها لزراعتها بالجاتروفا وهو نبات يتحمل أقسي أنواع الجفاف والملوحة، وينتج ثمارا بذرية غنية بالزيت الذي عند احتراقه يطلق خمس (أي واحد من خمسة) من ثاني أكسيد الكربون بالمقارنة مع مشتقات البترول. ويتابع عبدالقوي: ولذلك المنظمة الدولية للطيران المدني وقعت اتفاقية بعدم دخول أي طائرة لأوروبا عام 2020 إلا إذا كانت تستخدم الوقود الحيوي، إذن الاتجاه العالمي يسير نحو الطاقة الحيوية المستخلصة من النباتات مثل الجاتروفا والجوجوبا، ونحن نستصلح الأراضي الصحراوية لزراعتها بها خاصة أنها تحتاج لبيئة جافة ويمكن ريها بمياه الصرف المعالجة. ويضيف عبدالقوي أن أشجار الجاتروفا تبدأ في الإثمار بعد عام ونصف العام من زراعتها، وكل ثلاثة أشهر تثمر من جديد، وعمرها يقدر بحوالي 50 عاما. وقد قام الخبراء عندنا من شهرين بزراعة بعض الشتلات، ثم تواصلنا مع بعض الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج الوقود الحيوي، وقد وافقت إحداها علي إقامة مصنع بالكامل في أسوان وأخذ كل الإنتاج وتسويقه في الأسواق . ويوضح عبدالقوي أن أي مشروع تقيمه الأوقاف في محافظة يتم بالتنسيق معها حتي نضمن تشغيل العديد من الأيدي العاملة من أبنائها، في حين تتكفل هيئة الأوقاف بتمويله من مال الوقف المستأمنين علي استثماره والذي يصب في صالح واقف الوقف المستفيد الأول من ذلك بما يعود عليه وعلي الوطن بالخير . وأكد عبدالقوي أن وزارة الأقاف بمثل هذه المشروعات تحاول تغيير الصورة الذهنية عند المواطن والمعروفة عنها أنها معنية بالمساجد فقط، حيث بدأنا نهتم بالوقف واستثمار أمواله، موضحا أن الوزارة تعكف حاليا علي دراسة عدة مشروعات ضخمة، سوف تدار من خلال أموال الوقف، وبذلك نبث في الناس الأمل والتفاؤل . ومن جانبه يقول الدكتور أسامة المراغي مستشار وزارة الأوقاف لشئون الاستثمار الزراعي، اليوم نبدأ في زراعة نبات الجاتروفا الذي يعظم الاستفادة من مياه الصرف وهذا توجه سليم من جانبنا لإنتاج الوقود الحيوي والأخشاب والحد من انتشار الأمراض الخطيرة مثل فيرس الكبد الوبائي والسرطان نتيجة التلوث . ويتابع الدكتور المراغي موضحا أن هذا النبات موجود في مصر منذ سنوات ولكن في طي التجارب، ووزارة الزراعة قامت بزراعته مع كوريا والصين وغيرها علي مساحات بحثية وبمجرد انتهاء البحث، ينتهي الموضوع، فيموت المشروع وكأنه خلق بلا هدف. لكن وزارة الأوقاف وهيئتها تتحمل المسئولية وتأخذ المشروع علي محمل الجد، ليعطي ثماره العظيمة، حيث أن مصر تعاني مشكلة خطيرة في كل عناصر الطاقة (الكهرباء والبنزين والسولار وغيرها )، وليس لدينا بدئل أخري لمصادر الطاقة حتي نستطيع أن نقول أننا يمكن أن نسد بها 5 أو 10 في المائة من العجز. وهذا أحد الأسباب الملحة لنا لاستكمال المشروع علي النطاق القومي وليس المحلي فقط، فالوقود الأخضر والطاقة الحيوية الخضراء من نبات الجاتروفا وغيره هي الحل. ويشير الدكتور المراغي إلي أن هناك قوانين دولية صدرت وسيتم تطبيقها بداية من 2020، فطبقا للقانون الدولي للطيران المدني لن يسمح لأي طيران أن يدخل أوروبا إلا إذا كان يتم تموينه بالوقود الحيوي حتي يمكن الحفاظ علي نسبة الكربون علي سطح الأرض، كعنصر من محددات البيئة . ولذلك نحن نصر علي زراعة النبات المنتج له ليس لأنه بديل للطاقة فقط ولا كمنتج مصري ولكن كمحكم دولي، ويتساءل الدكتور المراغي: ماذا إذا جاءت سنة 2020 ولم يوجد لدينا بديل للطاقة الحيوية التي اشترطتها المنظمة الدولية المنوط بها الطيران المدني؟ مجيبا، يومها سيكون عندنا أحد الاختيارين أما تحرم مصر للطيران من دخول أوروبا نظرا لعدم استيفاء هذا الشرط أو سنضطر لاستيراده من الخارج من أجل ذلك وهي نفس القصة المتكررة، ولذلك بدأنا نعمل دراسات جدوي علي كل المحافظات التي يوجد فيها محطات صرف صحي عملاقة ثم أخذنا في مخاطبة جميع المسئولين من أجل اقامة مشروعات استثمارية تتبني فكرة إنتاج الوقود الحيوي ولمعرفة مدي استعدادهم لمشاركتنا فيه، وكانت محافظة أسوان هي الرائدة في هذا المجال حيث اشترت هيئة الأوقاف 5 آلاف فدان بها، بسعر رمزي وهناك 5 آلاف أخري تساهم بها المحافظة نظير نسبة من العائد وبذلك سيتم التعامل مع 10 آلاف فدان فيها . ويستعرض الدكتور المراغي ميزات هذا المشروع من حيث إنه سيفتح آفاق عمل جديدة أمام الأسوانيين إلي جانب تعظيم الاستفادة من مياه الصرف المعالجة للحصول علي زيوت ذات جدوي اقتصادية عالية. ومن أجل ذلك وضعت الهيئة آلية جديدة حيث نبدأ من الآن في التعاون مع مصنع أو شركة عالمية لبناء مصنع لاستخلاص الزيوت، من أجل نشر ثقافة بدائل الطاقة بين المصريين، وبالفعل أرسلنا عينات لهم من أنواع البذور التي تنمو في مصر، وأيضا عينات من الزيوت المستخلصة بعد عصرها بطريقة أولية، لمعرفة مدي قبولها، وكانت النتيجة أن شركة هولندية أرسلت خطابا إلي هيئة الأوقاف بأنها مستعدة لشراء كافة الكميات من البذور التي ستنتج من الجاتروفا والجوجوبا بل أبدوا استعدادهم لتوريد مصنع بالمجان لاستخلاص الزيوت وإعادة تصديرها نظير شرائها بالسعر العالمي . ويتابع الدكتور المراغي لكن كان هناك أمر ناقص، وقد اتصلت بالشركة الهولندية لاستكماله وهو عقد دورات تدريبية من جانبها لأهالي أسوان لتعريفهم بأهمية المنتج ومدي الاستفادة من زراعته وحصاده وغيرها من الأمور حتي أخلق كوادر مصرية مدربة وبذلك أقضي علي الجهالة بهذا المنتج ومن خلالها أستطيع التوسع في المشروع وتحويله لمشروع قومي من أجل سد الفجوة في مصادر الطاقة في مصر . ويقول الدكتور المراغي إن المرحلة الأولي من المشروع ستكون علي مساحة ألف فدان، بمتوسط تكلفة من 8 إلي 10 آلاف جنيه للفدان، تشمل عمليات تسوية التربة وإقامة الأحواض وشبكة الري وقيمة الشتلات من نبات الجاتروفا حيث إن نسبة البروتين به في حدود 40 و45 بالمائة، كما يمكن إنتاج علف حيواني (بعد إزالة السمية من أوراقه (وقد أثبتت التجارب نجاحه في تغذية المواشي وهذا شيء مبشر وأفضل من فول الصويا .