أيام من القلق عاشتها بلجيكا خوفا علي الأمير (لوران).. وذلك بعد الحادث الذي تعرض له في محطة (ليرموس) للتزحلق علي الجليد بالنمسا.. وذلك عندما كان يقضي إجازة الشتاء مع زوجته الأميرة (كلير) وأطفاله الثلاثة (لويز) (نيكولا) و(إيميرك).. فأثناء تزحلقه اصطدم به أحد المتزحلقين.. في البداية الحادث كان يبدو بسيطا.. لكن بعد فترة شعر الأمير بآلام شديدة في معدته فتم نقله إلي المستشفي حيث كان يعاني من نزيف في المعدة. وقد غضب الملك (ألبير) وزوجته الملكة (باولا) من الأميرة كلير زوجة الأمير لوران لأنها لم تبلغهما بالحادث فور وقوعه.. بل علما به من وسائل الإعلام.. وقد اعتذرت الأميرة عن تصرفها قائلة: بأنها اعتبرت هي والأمير الحادث بسيطا.. وإنها لا تقصد بعدم إبلاغ الملك أي شيء ولم ترد أن تشعرهما بالقلق.. بدليل أنه عندما انتقل للمستشفي ظل الأبناء الثلاثة في محطة التزحلق.. والمشاركة في المسابقة. المهم انتهت الأزمة علي خير.. وخرج الأمير بالسلامة.. لكن أحدا لا يعرف ماذا حدث بين الملك.. والأميرة. وفي مهرجان مونز الذي يتحدث عن الحب بكل صوره كان هذا النموذج الأناني الذي لايري إلا نفسه.. وذلك من خلال الفيلم المغربي (وداعا المغرب) للمخرج (نادر مكناش) هذا المخرج المتميز الذي قدم من قبل ثلاثة أفلام من بينها (تحيا الجزائر) عام 2004، و(حريم مدام عثمان) وهو فيلمه الأول عام 2000 وتقوم ببطولته (لبني أزيال.. وراد يفوجي.. ورالف أموسو). في مدينة طنجة ومع قدوم الخريف يقدم (مكناش) صورة مغايرة للمغرب المرتبطة في أعين الأوروبيين علي وجه التحديد بالشمس والشواطئ والإجازات وكذلك صورة مغايرة للمغاربة خاصة النساء مع خلال (دنيا) امرأة مطلقة لها ولد صغير يعيش مع والده.. بينما هي تعيش قصة حب مع مهندس صربي يشاركها في أحد المشروعات علي الشاطئ.. علاقتها بهذا الصربي تعتبر عارا علي أهلها.. والجميع يقاطعها ماعدا (الأم) بالطبع التي تحاول إثناءها عن هذه الحياة.. حلم (دنيا) أن تأخذ طفلها وتسافر إلي أوروبا لتعيش في مأمن عمن يرفضون تصرفاتها الخاطئة.. والقانون لايعطيها حق أخذ الطفل والرحيل به .. لذا عليها أن تحضر لخطفه وتهريبه.. وخلال الحفر في أرض المشروع يتم العثور علي أيقونات قبطية مما يعني أن هناك أقباطا رومانا جاءوا وعاشوا في المغرب.. تستعين (دنيا) بخبيرة في الحفريات مع مدير المتحف.. ويتم الإعداد لتهريب هذه الثروة القومية.. وفي نفس الوقت يسرق أحد العاملين جمجمة ويحاول بيعها لكن صديقه ينصحه بإعادتها لمعسكر العمل.. وبالفعل يذهب ليضعها مكانها إلا أن الكلاب (تنهشه) وتفتك به.. ويتم الاتصال (بدنيا) التي تأتي علي عجل مع سائقها الخاص الذي تربي معها.. ويأخذان الجريح ويقتلانه حتي لايتم اكتشاف الآثار والحفائر.. وتسوء الأحوال باكتشاف الجثة بعد ذلك عندما تقذفها الأمواج تجاه الشاطئ.. وتتكشف الأمور.. خاصة أن (دنيا) أقامت علاقة مع سائقها لكي يقتل الشاب الجريح.. وإذا كان المسكين الذي راح ضحية لخديعة امرأة باسم الحب يحكم عليه بالإعدام.. فإن المهندس الصربي يعود لبلاده.. بينما مدير المتحف لايخون بلاده ويبلغ عن الآثار المهربة.. فالغريب أن زوج (دنيا) يعفو عنها ربما ليس بدافع الحب.. لكن حفاظا علي ولده الصغير. تري هل تكفي عاطفة الأمومة لتطهير دنيا من أنانيتها وحبها الشديد لنفسها.. لا أعتقد فمثل هذا الصنف من النساء يظل لا مباليا لكل شيء.. غير مهتم سوي بنفسه.. ونادرا ما ينصلح حاله. غريبة هي الصدف في الحياة.. فقد تدفع بالإنسان لتغيير مسار حياته أحيانا للأفضل.. وأخري للأسوأ.. وقد لعبت الصدفة دورا هاما في حياة (إيميلي) بطلة الفيلم الكندي (ليفربول) بأن تجد حب حياتها والشخص الذي سوف يسعدها وتسعد معه.. وأيضا إنقاذ فتاة بريئة من الخطف والقتل حتي لا تلتقي بوالدها الذي لم تعرفه ويقترب من حافة الموت.. وأمنيته الوحيدة أن يراها .. وقتلها يعني باختصار أنها لن ترثه ويذهب الميراث لشقيقها. وقد استطاع مخرج الفيلم (مانون بريان) أن يقدم فيلما جميلا حتي وإن اتخذ شكلا بوليسيا مشوقا.. لأنه استطاع أن يربط أهمية (الإنترنت) واستخداماته بالقدرة علي تحريك الأحداث.. وتغيير الأوضاع.. وهو ماحدث من استخدامات (للنت) في الثورة المصرية.. في التواصل. بطلة الفيلم (إيميلي) تعمل في أحد الملاهي.. مسئولة عن حفظ معاطف المترددين علي الملهي.. وفي إحدي الليالي تفاجأ بأن هناك معطفا به محفظة ومفتاح غرفة في فندق كبير تم نسيانه ولم تتسلمه صاحبته.. تذهب للفندق وتفتح الغرفة لتجد رسالة من والدها المشتاق إلي رؤيتها. وغصبا عنها تغفو قليلا ليأتي أحد الرجال.. ويطلب منها الذهاب معه كما هو متفق.. تخضع له .. تذهب معه.. لتكتشف أنه عليها مقابلة رجل مريض في أيامه الأخيرة أمنيته أن يري ابنته وإن الشخص الذي اصطحبها إليه هو (شقيقها) غير الشقيق.. وتعود مرة أخري للفندق.. ليكتشف هو وأحد رجال العصابة أن هذه الفتاة ليست التي تم استئجارها.. وتنجح هي في الفرار بمساعدة أحد المعجبين بها.. وبعد سلسلة طويلة من الأحداث ينجحان عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي بمشاركة عشرات الآلاف في الوصول إلي الفتاة المخطوفة ومحاصرة الميناء.. والوصول إلي مكان الفتاة قبل أن يتم قتلها خارج البلاد وإلقاء جثتها في البحر.. كما يتم أيضا الكشف عن كمية كبيرة من الممنوعات يتم تهريبها إلي خارج البلاد. الحديث عن اليهود ومعاناتهم والتعذيب الذي تعرضوا له تناولته مئات من الأفلام ومازال إلي اليوم موضوعا مطروحا في السينما لن يملوا من الحديث عنه وعرض مزيد من الأفلام التي تتحدث عنه.. إنهم يحاولون بشتي الطرق وبذكاء منقطع النظير أن يظل التعاطف معهم.. لكي (يبرطعوا) في البطش بالفلسطينيين وسط تعتيم إعلامي غربي كبير. وفي فيلم (نغمة ناقصة) أو (نغمة لم تكتمل) يقدم المخرج اليوغسلافي الأصلي (جوران باسكا لجيفك) حكاية جديدة من حكايات اليهود وماحدث لهم في الحرب العالمية الثانية ومطاردتهم، لكن من خلال إطار شديد الإنسانية وهو ما يجب أن أعترف به.. نجح في خلق حالة من التعاطف.. خاصة أن بطل الفيلم (مصطفي نادر يفبك) أدي الدور ببراعة كان يستحق عليها جائزة أحسن ممثل.. لولا أن لجنة التحكيم كانت تشعر بالضيق من كثرة الحديث عن معاناة اليهود.. والمتاجرة بها عبر أفلام كثيرة. (جوران) موسيقي بارع عجوز.. وأستاذ يدرس الموسيقي.. وقائد للاوركسترا.. يصل لسن المعاش.. تصله هدية عبارة عن صندوق معدني عندما يقوم بفتحه يجد فيه (نوتة موسيقية) غير مكتملة.. وأوراقا تفيد بأنه (يهودي) وإن والديه الحقيقيين قد أودعاه لدي أسرة صديقة حماية له لكي ترعاه وتربيه حتي لايقتل.. وعندما يذهب لشقيقه الأكبر للتحقق من الأمر يخبره بأن الأمر صحيح.. وعندما يسأله لماذا لم تقل لي ذلك من قبل.. يفيده بأنهم عندما أتوا به صغيرا طلبت منه والدته عدم الكلام في هذا الأمر.. ويضيف قائلا: وأنت فعلا (أخي) الذي تربيت معه وأحبه وستظل (أخي) دوما في رحلة البحث عن أبويه يعلم أنه تم حرقهما ودفنهما في مكان مهجور.. يذهب للمعبد اليهودي وهو الذي لايعلم شيئا عن اليهودية.. ليقرر المشاركة معهم في يوم (إحياء الذكري للموتي) بعزف مقطوعة موسيقية مع الأوركسترا. يكمل النوتة الموسيقية التي تركها والده.. وتخذله طالبته التي أخذت مكان راقصة أن تشاركه هي والفرقة العزف لأنهم مرتبطون بأعمال أخري. كذلك ابنه الموسيقار الشهير.. رغم أنه باع البيانو الخاص به ليدفع له أجر الفرقة.. ولايجد أمامه سوي مجموعة من الغجر تربطه بهم صداقة يعلم اثنين من أبنائها العزف علي الكمان.. ليأتوا كفرقة كاملة للعزف أمام (المقبرة) المنسية تخليدا لذكري والديه. الفيلم إنتاج صربي .. كرواتي .. فرنسي.. وهو للحق واحد من أجمل الأفلام التي عرضت في المهرجان وكان يستحق جائزة لكن كما قلت لجنة التحكيم كانت قد (زهقت) تماما من نوعية هذه الأفلام. والمطالبة الدائمة لدفع الثمن وفاتورة مفتوحة.. لن تقفل أبدا.