في الاحتفال بالذكري الرابعة والستين لإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أكد بان كي مون الأمين العام للجمعية العامة للأمم المتحدة علي حق كل إنسان علي وجه البسيطة في أن يعرب عن رأيه ويشكل القرارات التي تؤثر في مجتمعه لأن هذا الحق من أهم الحقوق التي كرسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما أنه من الحقوق المكفولة في مواد القانون الدولي ولاسيما في المادة 52 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.. ومن الجدير بالذكر فإنه طبقا للدراسات والاستقصاءات التي أجرتها المنظمة الدولية فإنه علي مدي القرن الماضي تم إحراز تقدم لا يمكن إنكاره علي الطريق المؤدي إلي مراعاة حقوق الجميع ولكن هذا لا ينفي وجود عوائق وعقبات ماثلة أمام ممارسة هذه الحريات في بعض المجتمعات ومن أهم الفئات التي تتعرض لبعض التهميش نجد السكان الأصليين في بعض الدول بخلاف الأقليات الدينية والعرقية وأحيانا المرأة وجماعات المجتمع المدني.. وفي حقيقة الأمر فإن الأمين العام للأمم المتحدة قد أكد في كلمته التي وجهها للمجتمع الدولي بهذه المناسبة علي أن جماعات المجتمع المدني الناشطة من السبل الرئيسية التي تمكن من تدعيم فاعلية ممارسة الحقوق والحريات ومن ثم فإن المنظمة الدولية تعرب عن استيائها لأي تدابير تتخذ لقمع المجتمع المدني ومن خلال الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان تشدد علي الحق في المشاركة والحقوق المرتبطة بها ألا وهي حرية التعبير والرأي والتجمع السلمي وتشكيل الجمعيات.. إن القانون الدولي واضح في هذا النطاق.. إن رأيك يهم بغض النظر عمن تكون أو أين تعيش ولذلك فإن الأممالمتحدة في هذا اليوم تدافع عن حق الجميع في الإعراب عن آرائهم.. الحق في المشاركة التامة علي مدي الأعوام القليلة الماضية.. وكما أوضحت »نافي بيلاي« مفوضة الأممالمتحدة السامية لحقوق الإنسان فإن الملايين من المواطنين قد انتفضوا في الشوارع في بلدانهم في جميع أنحاء العالم يطالبون بحقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. ومما لا شك فيه فإن ثورات الربيع العربي التي شهدتها مصر وتونس واليمن وليبيا تندرج تحت هذه المسميات.. وبعد فإن بيلاي تري أن هؤلاء الثائرين عبر أنحاء العالم لم تقتصر مطالبهم علي الحق في حرية التعبير والرأي ولكنهم كانوا يطالبون أيضا بحقهم في المشاركة التامة في القرارات والسياسات الهامة التي تمس حياتهم اليومية وعلي الأصعدة الدولية والوطنية والمحلية بعد أن سئموا معاملة قادتهم لهم بازدراء وتجاهلهم لاحتياجاتهم وطموحاتهم ومخاوفهم ورغباتهم.. وفي حقيقة الأمر فإن هؤلاء المواطنين يطلبون في الواقع ما كان حقا مشروعا لهم منذ أكثر من 06عاما بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تم بلورته فيما بعد في معاهدات دولية أخري ملزمة.. وقد انتهزت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الفرصة لتحية كل من عانوا كثيرا من أجل الحصول علي ما هو حق مشروع لهم وكل من يقولون بطريقتهم الخاصة سواء كانوا في سانتياجو أو القاهرة أو أثينا أو موسكو أو نيويورك أو نيودلهي لنا صوت ونريد أن نشارك في الطريقة التي تدار بها مجتمعاتنا واقتصاداتنا لأن هذا هو ما ينبغي.. عاملان أساسيان ومن هذا المنطلق احتضنت القاهرة مائدة حوار إقليمية حول »الإدماج والمشاركة في المنطقة العربية من أجل إنجاح تجارب الانتقال الديمقراطي« علي مدي يومي 32 و42 من ديسمبر.. حيث تم تنظيم مائدة الحوار بالتعاون بين مركز الأممالمتحدة للإعلام بالقاهرة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان قسم شمال أفريقيا والشرق الأوسط.. وقد هدفت مائدة الحوار التي شارك فيها مجموعة من الخبراء والمدافعين عن حقوق الإنسان من مصر وتونس وليبيا ولبنان والكويت والسعودية والبحرين وموريتانيا واليمن والمغرب والجزائر إلي رفع الوعي بأهمية إدماج جميع أطياف المجتمع ومشاركتهم في الحياة العامة وإبراز الأهمية القصوي لبعدي الإدماج والمشاركة في إنجاح الانتقال الديمقراطي.. وقد أكد المشاركون في المؤتمر من خلال أبحاثهم أن التهميش والإقصاء كانا عاملين أساسيين وراء انبعاث الحراك والثورات التي تنادي بالديمقراطية والكرامة الإنسانية في المنطقة العربية حيث أدي تراكم الحرمان واليأس علي امتداد السنين إلي احتجاجات ومظاهرات كبري في العديد من المدن والعواصم الكبري للمطالبة بوضع حد للإقصاء وأن يكون لهم صوت ودور في الحياة العامة.. ومن ثم وطبقا لما تم مناقشته وبحثه في مائدة الحوار فإن بعدي الإدماج والمشاركة يكتسبان أهمية كبري في جميع الخطوات التي يجب أن تتخذها السلطات الجديدة في مراحل الانتقال الديمقراطي لأن التحول الديمقراطي لا يمكن أن يكتب له النجاح في غياب مشاركة الجميع سواء تعلق هذا الأمر بصياغة الدساتير أو بوضع خطط التنمية أو تنفيذها فإنه لم يعد من الممكن تناسي حقوق وتطلعات أولئك الذين عانوا لزمن بعيد من الإقصاء والتهميش وعلي رأسهم فقراء الأرياف والمدن والشباب والنساء والفتيات والأشخاص ذوو الإعاقة وغيرهم.. وقد أكد المشاركون في المؤتمر علي أن فلسفة الحكم الرشيد تقوم علي دمج حقوق الإنسان في نظام وأسلوب الحكم وأن الديمقراطية لا تعني فقط صندوق الانتخابات أو حكم الأغلبية بل تعني أيضا أن تحترم الأغلبية حقوق الأقلية وتعمل علي عدم إقصائها وتمكنها من المشاركة وتحقيق التنمية في المجتمعات الديمقراطية الوليدة لا تقتصر فقط علي تحقيق التنمية الاقتصادية بل تعني أيضا التنمية الإنسانية والاستثمار في البشر وحتي تنجح تجارب التحول الديمقراطي لابد من وجود بيئة مناسبة وإطار عملي قانوني وسياسي يسمح بمشاركة جميع أفراد الوطن في إطار هياكل ممثلة ومجتمع مدني نشيط والأهم من ذلك كله أن يتم العمل علي تنمية وعي الجماهير بحقوقها وواجباتها بما يساعد علي تفعيل قدراتها في ممارسة هذه الحقوق وتحمل المسئوليات في ظل هذه الأجواء يتم رسم خارطة الطريق السلمية لنجاح تجارب التحول الديمقراطي.