عم محمود أثناء تصنيع الفخار .. وأمام فرن صناعة الفخار صناعة الخزف والفخار أهم مايميز قرية تونس التابعة لمحافظة الفيوم والتي يتفنن أهلها في تزيين منازلهم بمنتجات الفخار، وتعتبر صناعة الفخار هي المهنة الرئيسية لأغلب سكان القرية وساهمت الطبيعة الساحرة للقرية في جعلها مركزا لتجمع الفنانين والموسيقيين والأدباء والرسامين من جنسيات مختلفة، وبعضهم اهتم ببناء منازلهم علي طراز حسن فتحي في عمارة الفقراء إلا أن هناك منازل أخري بناها أصحابها علي الطراز الإيطالي والسويسري حيث نقلوا إلي القرية جانبا كبيرا من معالم الريف الأوروبي. وفي أثناء زيارتنا للقرية قابلنا عم محمود الشريف صاحب أحد ورش تصنيع الفخار في القرية الذي أكد أن السيدة إيفيلين فنانة الخزف السويسرية صاحبة الفضل الأكبر فيما وصلت إليه القرية الآن مشيراً الي أنها قامت بإنشاء مدرسة لتدريب أطفال القرية علي فنون صناعة الخزف والفخار وأطلقت علي المدرسة اسم جمعية "بتاح" التي اكتسبت شهرة عالمية مع الوقت نتيجة كثرة المعارض التي تم تنظيمها في العديد من دول العالم وخاصة أوروبا. وأشار الي أن السيدة إيفيلين تقيم في القرية منذ 40 عاما وهي سيدة سويسرية الأصل وكانت متزوجة من الشاعر سيد حجاب الذي كان مدعوا في أمسية شعرية بالقرية فاصطحبها معه وعندما رأت هذا الجمال غير العادي الذي تتصف به القرية قررت أن تبقي في هذا المكان فانفصلا عن بعضهما وعاشت إيفيلين في القرية بمفردها باديء الأمر ثم اصطحبت معها فيما بعد عددا من أصدقائها وبدأت تمارس هوايتها المفضلة في صناعة الخزف. وأشار محمود إلي أنه تعلم صناعة الفخار والخزف منذ مايقرب من عشرين عاما وأصبحت المهنة الرئيسية له مشيراً إلي أنه يشارك في عدد من المعارض في إيطاليا وفرنسا وألمانيا وأبو ظبي ودبي مشيراً إلي أن بضاعته تلقي رواجاً كبيراً في مختلف دول العالم. وأوضح أنه يستخدم في صناعة الفخار طيناً خاصاً عبارة عن تراب أحمر مشبّع بماء المطر (لا الماء العادي) يؤخذ من منطقة خاصة بعيدة عن النخيل أو المساكن وبعيدة أيضاً عن وطء الأرجل أو وصول الناس أو الحيوانات. وقال إن صناعة الفخار تتم من خلال عجلة تُثبت داخل حفرة في الأرض حيث تشكل الأواني وبعد ذلك يتم إدخالها في أفران حرارية مصنوعة من الحجر الناري التي تتحمل درجات حرارة عالية. وأضاف أنه بعد إخراج الطين من الأحواض يتم عجنه بواسطة آلات خاصة للعجن أما قديما فكانت تعجن باليد أو الدهس بالأقدام ويتم إزالة أية شوائب قد تكون عالقة بالطين وبعدها تكون العجينة طيعة وجاهزة لمرحلة التصنيع حيث تؤخذ الكمية المناسبة من الطين للقطعة المراد تصنيعها وتوضع علي دواليب الصناعة الحديثة ويتم تشكيل الآنية المراد صنعها وتزخرف حسب الطلب والحجم المراد وتدار هذه الآلة بواسطة الكهرباء. أما قديما فكانت تدار من خلال دولاب دائري يحرك بالقدم ليتحرك في الوقت ذاته الدولاب في الأعلي ولتتم الصناعة ببطء، أما الآلات الحديثة فساهمت في سرعة إنجاز العمل وتعقب هذه المرحلة مرحلة تجفيف الأواني وتجميعها قبل القيام بمرحلة الحرق وبعد جفافها وجاهزيتها توضع الأواني في الفرن الخاص بعملية الحرق وتشعل الأفران وتستمر عملية الحرق إلي أكثر من ثلاثة أيام وتصل درجة الحرارة داخل الفرن إلي أكثر من ألف درجة مئوية، بعد التأكد من انخفاض درجة حرارة الفرن لأقل من 50 درجة مئوية يتم إخراج الأواني وعرضها للبيع بينما تخضع أوان أخري لعملية التلوين بالأصباغ وإدخالها مرة أخري في فرن مخصص لهذا الغرض.