حين يطالع القارئ هذه السطور، نكون قد بدأنا أول انتخابات رئاسية في تاريخ مصر، لم نمارس نحن المصريين من قبل اختيار الفرعون، لأول مرة منصب الرئيس علي المحك، لا يستطيع أحد أن يدعي الآن، أن لديه القدرة علي أن يتنبأ باسم الرئيس القادم، من قبل كان الحاكم يفرض علينا، وعلينا كشعب أن نرضي وأن نوقع علي بياض، كم من الحكام مروا علينا، ولم يكن لنا ناقة ولا جمل في اختيارهم، اليوم نحن من نختار، حاول المغرضون أن يوهمونا أن استطلاعات الرأي ترشح فلانا في المقدمة وتضع آخر في الذيل، نسي هؤلاء أن مثل هذه الاستطلاعات لا تعبر عن نبض المصريين، الثورة قام بها الشباب، هذا صحيح، لكن من الذي حسم المعركة، الأغلبية الصامتة، الحزب الوحيد الفاعل، الحزب الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام، حزب الكنبة، ورغم قناعتي الشخصية أن الانتخابات لا تأتي بأفضل العناصر من المرشحين، فالكل في الانتخابات يرفع شعارات براقة، والكل يطلب من الناخبين أن يمنحوه أصواتهم، فالصوت أمانة، لا تعطيه إلا لمن يستحقه، والغلبة في كثير من الأحيان، تكون لمن يستطيع أن يكسب الناخبين، بشعاراته، أو بإنفاقه، إلا أنني موقن بأننا يجب أن نسير بخطي ثابتة نحو المجتمع الديمقراطي، وتحقيق الديمقراطية يكون بالانتخابات، وما تحتمه الديمقراطية، قبول النتيجة والتسليم بها، رغم أنها قد لا تحمل في طياتها نموذج العدل والحق، بل ربما تعبر عن الزور والبهتان أحيانا، صحيح أن نتيجة الانتخابات تحقق رغبات البعض دون آخرين، ولكن علينا أن نقبل بها، الرئيس الفرنسي المهزوم ساركوزي بمجرد إعلان النتيجة، خاطب أنصاره قائلا: اولاند هو الرئيس وعليكم أن تحترموه، فارق الأصوات أقل من 2٪ وهو ما يعني أن نصف الناخبين ليسوا مع الرئيس الجديد، ولم يتحدث أحد عن أن المجتمع الفرنسي منقسم علي نفسه، ولم يحاول أحد النزول للميدان مدعين بأن الانتخابات قد زورت، إنها الديمقراطية التي تلتزم بما تفرزه صناديق الاقتراع، نتيجة الصندوق هي الفيصل، لأنها تعبر عن رأي الشعب الذي هو المرجعية، وهو مصدر السلطات، وبعدها علينا انتظار القائد والربان، الذي لديه القدرة والخبرة،علي قيادة بلد بحجم مصر، وشعب بقامة المصريين، شعب يحمل حضارة سبعة آلاف سنة.