أكثر ما يميزه صراحته الشديدة.. لا تختلف شخصيته في الواقع عن كثير من الأدوار التي تسند إليه، وكأن الفنان القدير هو الذي يختار أدواره لكونه يؤمن من داخله بأن الصدق الفني لا يتناقض مع الصدق الإنساني.. فيرفض ما يتعارض مع طبيعته ويقبل ما ينسجم معها.. وهو منذ بداية ظهوره ممثل مسكون بالأضواء جسد أدوارا عديدة باقية في الأذهان والوجدان فكان أنشودة الشاشة الصغيرة منذ فترة انطلاقه مع الزعيم عادل إمام وسعيد صالح في مدرسة المشاغبين.. بعد تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية.. وقرر أن يطلق العنان لإمكاناته الفنية معتمدا علي التلقائية والبساطة والشفافية.. ومنها صنع مذاقا خاصا لأدوار مؤثرة ومتميزة في أعمال كثيرة منها الراية البيضاء - أنا وأنت وبابا في المشمش - الضوء الشارد - سوق العصر - العصيان - ودور الملك فاروق في مسلسل مكرم عبيد بخلاف أدواره الرائعة في شطرنج - سعد اليتيم - كفر دلهاب - الزئبق - الأسطورة - وعن سر عشقه للأدوار الصعبة والمركبة وابتعاده عن الأعمال التي لا تقدم رسالة - وكيفية تعامله مع شخصيات أعماله وحكاية رحلة السفر معها.. وأي الأعمال يعتبرها نقطة انطلاقه - ورفضه وعتابه للرقابة والنجوم علي إسفاف الألفاظ الخارجة في المسلسلات وأشياء أخري دار الحوار فيها مع الفنان القدير هادي الجيار. أبحث دائماً عن الدور الجيد.. وانتقد أعمالي ولا أكرر أخطائي كل عمل قدمته نقطة تحول في مشواري.. والجمهور فقط هو صانع النجوم يقال إنك لم تستعجل الأدوار المميزة وحققت شهرة متأخرة عن فناني جيلك؟ - بداية أختار أدواري بعناية - ولذا لا أقبل سوي الأدوار المميزة حتي لو تأخرت قليلا - فجميل أن تجد الناس في الشارع يلتفون حولك ويتحدثون معك وهم يعرفونك جيدا.. وتلك تعتبر اللحظة السحرية في حياة الفنان - ولكن بالنسبة للشهرة فيما بعد الأربعين فلابد أن يزداد إحساسك بالمسئولية مع الإعجاب من الجمهور.. وأنا أري أن الشهرة لها مسئولية كبيرة.. فهذا الإعجاب لابد أن تظل تحافظ عليه من خلال أعمال جيدة ومتنوعة وبالتالي لابد أن تكون خطواتك متأنية وقراراتك هادئة، وبالطبع الحكاية سوف تتبلور لرحلة تألق مع كل عمل جديد محترم وذات قيمة إنسانية وهذا التألق يحقق الشهرة للفنان. وما سر ارتباط نجومية الفنان بالصندوق الانتخابي؟ الفنان بلا جمهور لا يساوي شيئا.. فالجمهور هو صاحب الرأي.. وهو الذي يصنع الصوت الانتخابي في الصندوق.. ويختار مرشحه الفني للنجومية. وكيف تتعامل مع شخصيات أعمالك؟ - بصراحة كل شخصية تحتاج مني معايشة خاصة بها - فمنذ قراءتي لسيناريو العمل الجديد - أبدأ رحلة سفر درامية داخل نسيج الورق ولو استمرت وشعرت بأن الأحداث اختطفتني من أول وهلة أوافق علي تمثيل الدور.. أما إذا توقفت الرحلة ونزلت في أول محطة أكون قد شعرت بالملل من السفر، ولم يعد باستطاعتي الاستمرار.. وشخصيتي مثلا في المسلسل الجديد الذي يتم تصويره للعرض في الماراثون الرمضاني المقبل بعنوان »بالحب هنعدي» أجسد فيه شخصية رجل أمن في شركة والشخصية أسعدتني وسافرت معها منذ بداية تشابك خيوط أحداث المسلسل الاجتماعية المثيرة.. وظللت مع هذه الشخصية في رحلة طويلة ولن أنزل إلا في محطتها الأخيرة مع مجموعة النجوم المشاركين في المسلسل ومنهم الفنانة الكبيرة سميرة أحمد وحسن يوسف وعزت أبوعوف - والمسلسل إخراج رباب حسين. كلامك يشير إلي أن كل عمل يحتاج لرحلة سفر؟ - التباين الشديد والاختلاف مع كل شخصية أجسدها تحتاج مني لرحلة سفر طويلة لتساعدني في التعرف علي ملامحها ولبسها ومشيتها وانفعالاتها وحركاتها وأهم مميزاتها وأيضا عيوبها وبعد انتهائي من قراءة السيناريو وتصوري الشخصي لأدائها أدخل في مناقشات مع المخرج والمؤلف وكاتب السيناريو للوصول لكل الملاحظات التي تحيط بالشخصية وارتباطها بالشخصيات الأخري الموجودة بالعمل - وهذا في حد ذاته لا يجعلني أشعر بأي إرهاق وإجهاد لتقديم الشخصية خاصة بعد شعوري بأني صرت أمتلك كل مفاتيح الدخول لعالمها. من بين جميع الألوان الفنية - ما سر اختيارك للدراما التليفزيونية للتواجد علي الساحة؟ - لأنها أكثر شيوعا وانتشارا بين الناس وهي الوسيلة الأسرع للوصول إليهم من خلال شاشة التليفزيون في جميع الأوقات كما أن الأدوار التليفزيونية تستهويني - وتتوافق مع بحثي الدائم عن الجديد.. وتوفر لي الحضور المستمر في ذاكرة المشاهد. وعلي أي الأشياء تعتمد في تطوير أدائك التمثيلي؟ - اعتمد علي الدور نفسه في تطوير أدائي التمثيلي.. فالدور الجيد يعطيني إحساسا لا يمكن وصفه يجعلني أقدم نفسي بصورة مناسبة له تماما وجديدة بالنسبة لي في الوقت ذاته.. وفي تصوري فإن الفنان القدير الراحل يوسف وهبي هو أكثر النماذج وضوحا علي قدرة الفنان الصادق، وبالنسبة لتطوير أدائه التمثيلي فقد استطاع أن يساير أكثر من ثلاثة أجيال متلاحقة اختلفت خلالها أساليب الأداء اختلافات كبيرة وظل هو مقنعا ومتمكنا في جميع الحالات. وما سر غيابك عن الأعمال الإذاعية؟ - للعلم أنا مفتون منذ طفولتي بسماع الإذاعة وتربيت علي دراما أبلة فضيلة وبابا شارو وألف ليلة ومازال حتي الآن يرن في أذني صوت الفنان القديرة الراحلة زوزو نبيل وهي تقول »بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد».. ودراما علي بابا والأربعين حرامي وكوميديا الخواجة بيجو وأبولمعة.. وأعترف بأني تعلمت فن التمثيل والأداء الصوتي في استديوهات الإذاعة بماسبيرو والشريفين علي يد العمالقة الراحلين محمد علوان.. السيد بدير.. ومحمود مرسي.. وجميعهم أثروا وصقلوا موهبتي التمثيلية وأتمني أن يستيقظ الكتاب والمؤلفون ويبدعون في كتابة روائع تمثيلية مماثلة لعواد باع أرضه، أيوب وناعسة، أدهم الشرقاوي.. وأنا سعيد بما قدمته من مسلسلات إذاعية منها زمن العطش - المهرة والخيال - عصفور الحب الوردي.. عريس رغم أنفه.. القاهرة كامل العدد.. ويكمل هادي حديثه ويقول.. ومازلت في انتظار عمل إذاعي متميز أعود به لفن الهمس المسموع وأتمني أن يضيف بصمة جديدة لي في مشواري الفني. وهل يستفيد هادي من أخطائه؟ - بالطبع فأنا أشاهد وأقرأ وأهتم بالنقد بصورة خاصة، لكن هناك فرق كبير بين النقد سواء ثناء أو العكس.. فهو بالتأكيد يخدم الفنان والمخرج والمنتج ولابد من الالتفات إليه، وبين الهجوم بدون داع بهدف هدم الفنان وتصفية حسابات معه وللأسف ما أكثر هذه النوعية في الأوساط الفنية وبطبعي لا التفت إليها وعموما أمتلك ميكروسكوبا خاصا لمراجعة أعمالي وأتعلم من أخطائي ولا أكررها. ما هو جديدك فنيا؟ - لدي ثلاثة أعمال جديدة أولها مسلسل »بالحب حنعدي» ويضم نخبة كبيرة من النجوم والعمل إخراج رباب حسين وإنتاج صفوت غطاس وهناك مسلسل »ولد الغلابة» مع الفنان أحمد السقا وجاري تصويره.. وهناك أيضا مسلسل »قمر هادي» وجاري تصويره، وللعلم أنا لا أخطط للتواجد في الأعمال الرمضانية وإن كنت أتمني لكونه شهر الخير والروحانيات والراحة النفسية. من الواضح أنك تعرف كيف تخطط لتتقدم وتتطور فنيا؟ - دائما ما أكون في حالة بحث عن الأدوار الجدلية التي تسبب حراكا اجتماعيا معينا.. وتبقي في دائرة الطرح لإيجاد حلول لنسيج مشاكلها.. لذا تأتي معظم اختياراتي لأدواري مليئة بالمفاجآت..كون الأدوار كلها تثير حالة جدلية عند المشاهدين والنقاد.. وأؤكد أني أميل إلي تقديم الشخصيات الإشكالية المركبة التي تمر بحالات من التمرد في سياق العمل الدرامي. وهل عرض هذا النوع من الشخصيات الفنية يأتي مصادفة؟ أم بشيء آخر؟ - ربما مصادفة أن يعرض علي هذا النوع من الشخصيات لكن بالتأكيد نجاحي في هذه الأدوار التي قدمتها في العديد من أعمالي الدرامية تتعلق بحضوري الفني وشخصيتي التي تحمل بالفطرة نوعا من التمرد بالإضافة إلي أن خياراتي للأدوار المركبة والمعقدة كانت تتطلب جرأة مني وهذه الجرأة كانت السبيل إلي ترسيخها. ولكن يقال إن الأسطورة - كفر دلهاب - الزئبق ، نقطة تحول في مشوارك الفني؟ - كل عمل قدمته اعتبره نقطة تحول في مشواري الفني خاصة أنها أدوار يشار إليها بالبنان وكأنها زمردة وسط لوحة فنية درامية ومنها علي سبيل المثال لا الحصر صبري العزايزي في الضوء الشارد.. وريس سطوحي في سعد اليتيم - رؤوف في جمهورية زفتي - منعم الضو في المال والبنون.. بدير أبوالسعد جادالله في مازال النيل يجري حسنين في قصر الشوق سيد العربي في الراية البيضا - الحاج برهامي في سوق العصر.. جودة ملك زحلان في السيرة الهلالية - عبدالرحمن في نابليون والمحروسة.. وشاكر في حق ميت.. - وعثمان الغرباوي في العصيان.. ورغم النجاحات التي حققتها هذه الشخصيات، إلا أن تعاطف الجمهور وراء الإبداع التمثيلي هو أحد الأسباب التي دفعتهم للقول إن مسلسلات كفر دلهاب.. الأسطورة.. الزئبق نقطة تحول في مشواري الفني.. وأنا أوافقهم لكوني غيرت جلدي ونجحت فيها بشكل لافت وحضور متميز.. علي التقاليد والأعراف والتغيير الحادث له داخل سياق أحداث مثيرة كانت نقطة تحول في مسلسل الأسطورة الذي شاركت فيه مع الفنان محمد رمضان والفنانة فردوس عبدالحميد وإخراج محمد سامي.. ويضاف لذلك التمرد تغيير جلدي في شخصية أبوالعز شيخ الخفر في مسلسل كفر دلهاب مع الفنان يوسف الشريف.. إخراج أحمد نادر جلال وكذلك تجسيدي لدور اللواء جلال في مسلسل الزئبق مع الفنان كريم عبدالعزيز تأليف وإخراج وائل عبدالله.. وأؤكد أن نجاحي في اختيار أدواري يرجع لكسر القاعدة والتنوع بين كل شخصية، وتقديم شخصيات جديدة من خلال قماشة عريضة لعبت فيها بمناطق لم ألعب فيها من قبل.