»لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين« هذه المجموعة التي تأسست بعد الثورة للمطالبة بالإفراج عن المدنيين المحاكمين عسكريا.. وبدأ نضالها بوقف المحاكمات العسكرية للمدنيين منذ يوم 26 فبراير 2011 بعد أن وصل عددهم إلي 12 ألفا، هذا الرقم الذي فاق عدد المحكوم عليهم عسكريا في عهد مبارك بعد أن استخدم المجلس العسكري هذه المادة عقب ثورة يناير بدعوي مواجهة الانفلات الأمني وأعمال البلطجة والترويع، لكن بعد مرور عام علي المحاكمات العسكرية في غياب العدالة والحق في محاكمة طبيعية للمدنيين أخيرا تقدم المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمجلس الشعب بمشروع قانون لإلغاء إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري وقد رأي المستشار محمود الخضيري إرجاء مشروع هذا القانون لبحث الأسلوب الأمثل لإلغاء الأحكام العسكرية للمدنيين.. وما إذا كان يمكن أن تحيل النيابة العسكرية مالديها من دعاوي إلي النيابة العامة وموقف الدعاوي المنظورة أمام المحاكم العسكرية هل تظل مختصة بها حتي صدور حكم باتُّ فيها أم يتم إحالتها للقضاء العادي؟! منذ أن تولت المؤسسة العسكرية السلطة وأي شخص كان عرضة للمحاكمات العسكرية ولعل أول شخص نعرف من خلاله إحالة المدنيين أمام القضاء العسكري هو عمرو بحيري كأكبر رمز لإحياء قضية إلغاء المحاكمات العسكرية، مما أدي إلي تأسيس مجموعة لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين التي عوقبت من أجل مساندتها لعمرو بأن تم الحكم عليه بخمس سنوات ويتم تأجيل النظر في القضية أكثر من مرة كأحد السجناء السياسيين المستمر سجنه بعد محاكمة عسكرية بعد أن قبض عليه ضباط الجيش مع ثمانية آخرين علي الأقل في ساعات الصباح الأولي من يوم 26 فبراير 2011 بعد إخلاء ميدان التحرير من المتظاهرين بالقوة وقاموا بالقبض عليه وإحالته للمحكمة العسكرية واكتشف أهله اعتقاله من الجرائد وبأنه قد حكوم وحكم عليه في 28 فبراير في غياب محاميه ويقضي البحيري عقوبة 5 سنوات في سجن الوادي الجديد وقد حددت محكمة الاستئناف العسكرية موعد جلسة للطعن علي الحكم الصادر ضده بتاريخ الأول من مايو القادم.. وهناك متظاهر آخر هو معطي أبو عرب (21 عاما) مازال حبيس سجن الوادي الجديد واعتقله الجيش في فبراير 2011 من ميدان التحرير ونقل إلي السجن الحربي ثم أحيل إلي محكمة عسكرية حكمت عليه بالسجن 5 سنوات بناء علي اتهامات بكسر حظر التجوال والبلطجة. ولعل أشهر القضايا السياسية هي قضية المدون مايكل نبيل والناشط علاء عبدالفتاح، وردا علي تزايد الدعوات الشعبية لوقف أي محاكمات عسكرية للمدنيين من خلال تنظيم العديد من المسيرات التي أخذت تجوب الشوارع إلي مكتب النائب العام والوقفات الاحتجاجية التي نظمها الناشطون أمامه.. فقد أصدر المجلس العسكري بيانه رقم 68 معلنا فيه أن المحاكم العسكرية تقتصر فقط علي ثلاث فئات من الجرائم هي البلطجة والاغتصاب والاعتداء علي الشرطة وحوكم بعد ذلك إسلام حرب (16 عاما) بعقوبة وصلت سبع سنوات بعد محاكمة عسكرية لإدانته بالاعتداء علي مسئول عام. وفي مؤتمر صحفي عقد في سبتمبر الماضي قال اللواء عادل المرسي رئيس هيئة القضاء العسكري إنه في الفترة من 28 يناير إلي 29 أغسطس حاكمت المحاكم العسكرية 11871 مدنيا أدانت 8071 شخصا بينهم 1836 نزلت بهم أحكام مع إيقاف التنفيذ وأدين 1225 شخصا آخرون ينتظرون تصديق المؤسسة العسكرية علي أحكامهم.. وقالت هيومن رايتس ووتش تعقيبا علي ذلك أن المحاكم العسكرية برأت 795 شخصا فقط من بين 12 ألف قضية نظرتها أي أن معدل الإدانة بالقضاء العسكري هو 93٪ من إجمالي القضايا المنظورة.. حتي أصبح من الضروري أن تنهي المؤسسة العسكرية محاكمة المدنيين عسكريا ولابد أن يقتصر اختصاص القضاء العسكري علي الجرائم العسكرية حيث قال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش إن الإصرار علي استخدام المحاكمات العسكرية للمدنيين هو تجاوز لالتزامات مصر الخاصة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان حتي فاجأنا المجلس الأعلي للقوات المسلحة بمشروع قانون يتضمن تعديل بعض أحكام قانون القضاء العسكري الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 حيث اتفق أعضاء اللجنة التشريعية بمجلس الشعب علي ضرورة إلغاء المادة السادسة من قانون القضاء العسكري التي كانت تتيح لرئيس الجمهورية إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري تلك المادة التي قال اللواء ممدوح شاهين إن المجلس العسكري قد استخدمها عقب ثورة 25 يناير في ظل انتشار الانفلات الأمني لمواجهة البلطجة ضد المواطنين، بينما اختلفت وجهات نظر أعضاء اللجنة التشريعية في الأحكام القضائية التي صدرت وعما إذا كان يتم إعادة محاكمة من صدرت ضدهم أحكام عسكرية أمام المحاكم العامة من عدمه. رأي المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية أنه لم يسمح بمشروع قانون لإلغاء حكم قضائي صادر لأحكام عسكرية وأن هناك إشكالية تتطلب مخرجا قانونيا صحيحا ولايمكن النظر في هذه الأمور بعجلة ودعا إلي إرجاء التصويت علي مشروع القانون لبحث الأسلوب الأمثل لإلغاء الأحكام العسكرية. لكن لماذا تمت المطالبة بإلغاء هذه المادة الآن؟ وهل كان من حق المجلس العسكري أن يطبقها بعد الثورة خاصة أن هذه المادة كانت مفروضة عليهم من الرئيس السابق وكثيرا ما طالبوا بإعادة النظر فيها أو إلغاءها وإيجاد البديل لها لإعفاء القضاء العسكري من النظر في قضايا المدنيين؟ فيجيب المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض سابقا: أن القضايا التي صدرت في حقها حكم عسكري لايمكن أن يتم إلغاؤها أو إعادة النظر فيها أو إعادة المحاكمة فيها إلا بعد أن يصدر بها عفو أو قرار إعادة المحاكمة من الحاكم العسكري وهو رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة فيما عدا ذلك فإن الأحكام التي صدرت في تلك القضايا هي أحكام نهائية ولايمكن أن تنظرها المحاكم العادية.. أما فيما يخص القضايا الجديدة فسوف تحال إلي القضاء العادي للفصل فيها فالقانون رقم 25 لسنة 66 خاطئ وضار بالعسكريين أنفسهم فحتي لو استطعنا أن نحاكم العسكريين أما القضاء العادي كان خيرا لهم لأن القضاء العسكري يفتقد إلي ضمانات المحاكمة العادية للمتهم سواء كان عسكريا أو مدنيا ومن مصلحة العسكريين أن يلغوا قضاءهم ليفوزوا بحقهم في المحاكمة العادلة وهذه المطالب كانت أحد أهم توصيات مؤتمر العدالة الذي عقد منذ عام 86 ولازال هذا رأيي بأن لايخضع للقضاء العسكري إلا في الجرائم العسكرية البحتة والانضباطية التي يرتكبها العسكريون. فيما يري عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض أنه ما كان ينبغي علي المجلس العسكري أن يطبق القانون العسكري علي المدنيين موضحا أن تطبيق القانون العسكري كان أمرا شاذا وغير طبيعي وتم به تصفية حسابات مع خصوم سياسيين ولكن بهذه الخطوة تعتبر خطوة إلي الوضع الطبيعي ونبذ هذا الوضع الاستثنائي الذي ترافعنا ضده وطعنا عليه وكان مطروحا أمام المحاكم الدستورية العليا منذ سنة 2002 ولم يتم البت فيه.