أحاديث ساخرة علي »فيسبوك« عن مصل للوقاية من فيروس الترشح د.حمدي الفرماوي: الأهم الاطمئنان علي سلطات الرئيس القادم التنافس بين المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية تجاوز الأسماء المعروفة إلي فضاء أوسع ضم أسماء كثيرة مجهولة، حتي بات "الهوس" هو العنوان الأبرز لوصف عملية سحب الاستمارات التي بدأت الأسبوع الماضي متجاوزة الثمانمائة حالم بكرسي الرئيس. ورصدت كاميرات الإعلام صوراً لمجانين الشهرة والواهمين الذين ظنوا في أنفسهم أنهم الأقدر علي قيادة البلاد في الفترة المقبلة، فكان من بينهم اللص التائب ومن ضبط بحوزته لفافة بانجو ومن وصف نفسه ب"آخر سلالة آدم وجد عيسي بن مريم عليه السلام".. وغيرهم من النماذج الغريبة، لينفتح المشهد علي كم كبير من أصحاب هذه الأجواء بعثت علي السخرية ودفعت الكثيرين للتندر من هذه التفاصيل. منصب رئيس الجمهورية هو أرفع منصب في البلاد ولا يجب التعامل معه علي أنه فرصة عمل أو وظيفة يتقدم لها الجهلة والعاطلون وعديمو الخبرة وكأنهم يتقدمون لشركة تطلب مندوبي مبيعات برواتب مجزية وتوفر الإقامة لأبناء الأقاليم ولكن هذه المرة في قصر الرئاسة!! هذا ما جعل "فيسبوك" كالعادة الموقع الأكثر تعليقاً ورصداً لرأي الشارع في طبيعة المرشحين للرئاسة، وعددهم الكبير حتي كتب عضو علي إحدي الصفحات السياسية "الآن في مصر.. رئيس لكل مواطن"، بينما كتب آخر علي جروب "كلنا صحفيين" متهكماً علي العدد الهائل للمرشحين في شكل خبر عاجل: "وزارة الصحة تقرر تعميم مصل الوقاية من فيروس الترشح للرئاسة بعد انتشاره في كل محافظات مصر"، أما أطرف تعليقات تم نسخها وتداولها بين مستخدمي الموقع الاجتماعي فكانت علي شاكلة "إلقاء القبض علي مواطن في شبرا هارب من خدمة الترشح للرئاسة"، و"ليه تنتخب رئيس إذا كان ممكن ترشح نفسك؟! معلقاً علي المستوي الهابط والأداء المترهل للمرشحين الذين تبارت وسائل إعلامية في استضافتهم للتحدث عن برامجهم وطرح رؤاهم للمستقبل.. قال مراد يوسف من جروب "الرئيس المرتقب" بأسلوب ساخر: ابني عنده 81 سنة، ونفسه موت يعدلوا قانون الترشيح.. بيقول إشمعني أنا.. علي الأقل أنا طالب متفوق وعندي قدر من الفكر والرؤي السياسية أفضل بكثير من نصف المترشحين! واكتفي إسلام عبدالحميد (82عاماً) بتعليق قصير علي صفحته الخاصة علي "فيسبوك" مقدماً اقتراحاً لتقليل عدد المرشحين قائلاً "أقترح منع ترشيح اثنين ساكنين في نفس العمارة"! بينما ظهرت تعليقات "فيسبوكية" أخري ساخرة تبادلها الشباب علي الصفحات المختلفة كان أبرزها "بعد الإقبال الشديد علي سحب ورق الترشح للرئاسة قررت اللجنة العليا للانتخابات فتح باب الترشح للأجانب". لكن أمير جوهر بدا أكثر تفاؤلاً حينما اعتبر العدد الكبير فرصة لاختيار الأفضل: "العدد الكبير للمرشحين الكتير هيخلي الناس قليلة الوعي تتلخبط، يعني بالبلدي هيحطوا أبو قرش علي أبو قرشين.. مش عارف ده مقصود ولا إيه، لكنه يزيد من التحدي حول ظهور الأفضل للناس. واعتبر البعض أن المشكلة لا تكمن في اختيار رئيس للبلاد وإنما في تغير الشعب المصري نفسه وثقافته وتطلعاته وحتي طريقة تفكيره، فكتب البعض علي فيسبوك بلهجة عامية تلقائية: "مليون مواطن حضروا فيلم الراقصة دينا وسعد الصغير الأخير، ومليون ونصف فقط اللي حضروا انتخابات مجلس الشوري! لما تكون مصر مش لاقية حد يسلفها 3 مليارات لإنقاذ الاقتصاد، وشعبها صرف 21 مليارا علي العمرة خلال سنة، و21 ملياراً علي المخدرات.. لما يكون الشعب واقف في طوابير علي العيش والأنبوبة والبنزين، وهو نفسه اللي صرف 008 مليون علي حلاوة المولد النبوي الأخير.. ولما نائب عن الشعب من قيادات حزب ديني يدعي إنه تم الاعتداء عليه وانسرق وهو بيعمل عمليه تجميل.. لما كل ده يحصل يبقي مصر مش محتاجة مجلس شعب أو شوري أو رئيس جديد، مصر محتاجة شعب جديد عنده ضمير". قمنا برصد أسبوع كامل من بداية الإعلان عن الترشح للرئاسة لنجد العديد من المرشحين غير المؤهلين لهذا المنصب، مع العلم أن ترشحهم هذا يكفله الدستور والقانون، بداية رصدنا سحب الدكتور علاء عبد الفتاح الحاصل علي دكتوراه في إنفلونزا الطيورلأوراق الترشح، يحمل عبدالفتاح ما يقرب من 40 ألف توقيع لدعمه للترشح للرئاسة باسم حزب عباد الرحمن من مرضي الدخان لكل الأديان. وعن برنامجه الرئاسي أشار علاء إلي أن له مخططا بغض النظر عن الرئاسة يتبناه حزب المدخنين الذي يسعي لتأسيسه بفرض ضريبة جنيه علي كل علبة سجائر أي أن المدخن يتبرع لبلده بسجارتين يتم استخدامهما لزواج 600 ألف من شباب مصر في سيناء وإعطاء كل واحد فيهم شجرة زيتون تنتج لهم 125 ألف جنيه سنويا وبدل بطالة لكل زوجين لحين إنتاج مزرعة الزيتون ثمارها لهم ورفع المعاشات الي آخر مربوط وتوجيه أموال الزكاة لسداد ديون المواطنين. علي سيف .. مصور ومرشح للرئاسة أكد أن مصر في حاجة إلي رئيس "دكر" وأنه كذلك قوي وصاحب فكر ولا أحد علي الساحة يستطيع منافسته، وأضاف أن منصب رئيس الجمهورية أبسط منصب في مصر ولو هناك منصب أكبر من كده فهو يطمع فيه لأنه يشعر أن بدلة الرئيس "ضيقة" عليه وكشف سيف عن أنه سيتخذ عضو مجلس الشعب زياد العليمي نائبا أول له، بينما سيكون محمد أبو حامد النائب الثاني، والنائب عصام سلطان مستشارا قانونيا، ويسري فودة مستشارا إعلاميا، بينما محمد الصاوي مستشار ثقافي، والمذيعة ريم ماجد مستشارة لشئون الشباب،مؤكدًا أنه لم يتحدث إلي أحد منهم ولكنه يري أنهم متوافقون معه فكريا ويستطيع أن "يسخرهم" للعمل من أجل مصر، وفي حال رفضهم سيستعين بآخرين. وأضاف سيف أن الثورة قامت علي أكتافه وأنه نزل الميدان يوم 24 يناير وأقسم علي عدم الخروج منه حتي سقوط حسني مبارك ونفذ القسم، وعاد إلي بيته بعد التنحي وهو مصاب ب"التهاب رئوي"، مشيرا إلي أنه يرسم "سيناريو" الثورة منذ 15 عاما وكان يشارك بمداخلات هاتفية لمدة 3 ساعات مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" وأخبرهم في إحداها أن الثورة هتقوم يوم 25 يناير وتعهد سيف بكتابة خطابه الأول للشعب بعد فوزه بالانتخابات بنفسه، مشيرا إلي أنه غير حاصل علي أي شهادة ولكنه تعلم القراءة والكتابة علي "المصطبة". وأضاف سيف أن بإمكانه حل أزمة مصر في ثلاثة أيام، ويستطيع جمع "اصطباحة" 6مليارات جنيه، عن طريق بيع الأراضي التي بني عليها الفلاحون ب300 جنيه، وأنه يشعر أن مصر كلها تصفق له الآن بهذا القرار وأكد أنه سيجعل من الفقراء أسياد فترته الانتخابية، وأنه لا يحتاج إلي دعم الأغنياء، وسيمول حملته الانتخابية بتبرع 25 قرشا من كل فقير، لافتا إلي أنه سيلغي خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي وسيترك رقم تليفونه للشعب حتي يتحدث معه بعد فوزه بالانتخابات. ومن جانبه تقدم المرشح محفوظ العسلي ببشري لكل أصحاب الكيف ومدمني المخدرات فهو ينوي تأسيس حزب الحشاشين والمافيا المصرية، وأكد أن مؤيديه من الحشاشين سيساندونه حتي النهاية ليفوز برئاسة الجمهورية . أضاف العسلي أنه يتعاطي الحشيش منذ زمن بعيد، كما أنه لو تولي رئيسا لمصر ، سيسمح للبيع العلني للمخدرات، وأعلن العسلي أنه يهاجم بشدة أفكار الإخوان والسلفيين ويتهمهم بالتشدد والغطرسة، مؤكدًا أنه من عائلة سنية ولكنه انحرف عن مسار العائلة المحافظ ليكون حراً طليقا أمام الكيف . ولم يتوقف ماراثون الرئاسة عند المدخنين والحشاشين فهناك من اتخذ الدين وسيلة لكسب تعاطف الشعب وهذا ما اعتدنا عليه ولكن مع اختلاف الطرق والتيارات فنجد رجل الأعمال أحمد عطا من المرشحين للرئاسة ولكنه بنكهة مختلفة يدعم حملة الإخلاص إلي الله مؤكدًا أن مصر لن تنتصر ويقوي اقتصادها إلا إذا أعلنا التوبة الي الله والإخلاص له ويتعهد كل المرشحين لرئاسة الجمهورية بأن الهدف الأساسي من ترشحهم هو خدمة الوطن وليس حسابات شخصية . وأكد عطا أنه لن ينتصر المسلمون حتي يكون عددهم في صلاة الفجر كعددهم في صلاة الجمعة ففي هذا الوقت يتجلي الله إلي السماء الدنيا ويسأل هل من سائل فأعطيه .. لذا أدعو كل مرشحي الرئاسة لصلاة الجمعة في ميدان التحرير لإعلان التوبة وإخلاص النية لله تعالي والتعاهد علي أن الناجح من المرشحين سيتقي الله في الشعب ويخلص النية لله في عمله. أما عن المرشح السيد عبدالله " ظاظا " مدرس تربية رياضية، ويبلغ من العمر 41 عامًا، تخرج في جامعة الأزهر، فقد زعم أنه تم تأييده من قبل الرسول صلي الله عليه وسلم ليكون رئيسا لمصر بعد أن وضع النبي يده الشريفة علي كتف ظاظا لمؤازرته في رؤيا صادقة علي حد قوله، مؤكدا أنه من شباب ثورة 25 يناير. ولم يختلف برنامج "ظاظا " عن غيره كثيرًا فهو يطالب بمحاكمة رموز النظام السابق وزيادة رواتب الموظفين الي 2000 جنيه كحد أدني و 5000 جنيه كحد أقصي و تطوير كافة المجالات الحكومية، واستعادة كرامة المصري بكافة دول العالم ورفع المستوي الثقافي وزيادة مساكن الشباب ورفع الإنتاجية المصرية و العمل علي وصول الدعم لمستحقيه. أما عن السيدات اللاتي قمن بالتقدم لسحب أوراق الترشح فهن حوالي 6 سيدات إلي الآن ومنهن نادية نافع رئيسة عدد من الجمعيات الخيرية بالقاهرة، وأكدت نافع أن لديها القدرة علي قيادة البلاد، مضيفة أن زوجها لم يعترض علي ترشحها للرئاسة لإيمانه القوي بقدرتها علي قيادة البلاد بعد ثورة يناير وأيضا عدم قناعتها بالمرشحين الذين أعلنوا ترشحهم للرئاسة مؤكدة علي أنها لا تري أي منافس لها في الانتخابات القادمة، وأكدت أن الجمعيات الخيرية التي ترأسها ستقف بجوارها وتدعمها في الانتخابات وستوفر لها كامل الاحتياجات من الدعاية والتمويل وغيرها من مستلزمات الانتخابات . كما تقدمت الحاجة سلمية محمد صالح، أمينة نظافة بنادي النخيل بجسر السويس للترشح في الانتخابات الرئاسية. الخبير النفسي المعروف د.حمدي الفرماوي رئيس الجمعية المصرية للدعم النفسي تجاهل كرنفال المرشحين الذي تعيشه مصر حالياً وفضل الحديث عما أسماه ب"الدستور التوافقي" معتبراً أنه الأهم حيث يقول: مازالت الأغلبية من المجتمع المصري تدور مناقشاتها حول موضوعات ليس لها الأهمية التي تناسب المرحلة أو تلائم ما قمنا به من ثورة، وما يناسب هذه الثورة من تغير في التفكير والممارسة. ذلك لأن هناك مجموعة من البشر تستولي علي الإعلام لا تنزع إلي استقرار أو محاولة تعديل تفكير هذا الشعب العظيم، فإذا كنا ندرك أننا قمنا بثورة وأن هذه الثورة من بين أهدافها العظمي بناء نظام ديمقراطي سليم.. فهل يتناسب مع هذا أن نكون في قلق شديد علي من يتولي منصب الرئيس.. أم نسعي للاطمئنان علي سلطات الرئيس القادم؟ وبالتالي يتطلب الأمر أن نحدد أولاًً النظام الذي سننتحب في ظله الرئيس.. هل سيكون نظاماً رئاسياً أم برلمانياً أم رئاسياً برلمانياً، وبدلاً من الاستقرار علي هذه الأولويات انشغل الشعب في مناقشات سفسطائية لا تجدي، فتناول ما سمي رئيس توافقي، وترك الموضوع الأهم وهو الدستور التوافقي.. دستور تجمع عليه الأمة يحدد لها الطريق، ويعلم المرشح في الرئاسة وضعه وسلطاته، وبالتالي يهتدي الناخب للمناسب من المرشحين في ضوء سلطات الرئيس القادم. أخطأنا حين أهملنا وضع الدستور أولاً، ونُخطئ اليوم خطأ جسيماًً ونحن نضع الدستور موازياًً لفعاليات اختيار الرئيس.