لاشك أن مصر تعد واحدة من أهم مراكز الجذب السياحي في العالم وذلك نظرا لتاريخها العريق وما تمتلكه من ثروات أثرية تقدر بأكثر من ثلث ثروات العالم بالإضافة إلي ثرواتها الطبيعية وشواطئها الرائعة الممتدة علي سواحل البحرين الأبيض المتوسط والأحمر وخليجي السويس والعقبة ذات الرمال الناعمة النقية كما تحتل كنوز مصر تحت الماء شهرة عالمية تجذب إليها محبي الغطس من جميع أنحاء العالم.. والمقاصد السياحية في مصر متعددة مابين التاريخية سواء الفرعونية أو الإسلامية أو القبطية والسياحة العلاجية وسياحة الشواطئ والصحاري السفاري والمؤتمرات. ولقد شهدت العاصمة الألمانية برلين يوم الجمعة الماضي فعاليات بورصة برلين Touris mus Boerse التي تعد أعظم تجمع سياحي علي مستوي العالم حيث تشارك فيها عشرات من الدول المهتمة بقطاع السياحة وآلاف من ممثلي شركات السياحة العالمية ومنظمي البرامج السياحية حيث تتباري الدول وشركات السياحة في تقديم وعرض أجمل مالديها من فرص الجذب السياحي بأفضل شكل وقد احتلت مصر مركز الصدارة في بورصة برلين للعام الحالي حيث تم اختيارها (ضيف شرف) البورصة تقديرا لما تتمتع به من قدرات فائقة في هذا المجال واعترافا من الجانب الألماني والعالم كله لثورة يناير وما تمر به مصر الآن من أحداث هامة في مجال التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان وهو ما انعكس جليا في كلمة وزير الاقتصاد الألماني دوسلر أثناء قيامه بافتتاح الجناح المصري حيث أكد دعم بلاده لعمليات التحول الديمقراطي في دول الربيع العربي وخاصة مصر التي تقود المنطقة وتوجهها إلي طريق الحرية والديمقراطية من خلال ثورة شبابها ووصف مصر أنها أصبحت بعد الثورة دولة حرة وديمقراطية وتتمتع بالعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان وهو نفس ما أكد عليه عمدة برلين فوفورايت الذي شارك في افتتاح الجناح المصري موضحا أن مدينة برلين تتشرف باستضافة مصر هذا العام كصيف شرف.. وقال إن جميع الألمان يعشقون مصر ومصرون علي زيارتها لدعم التحول الديمقراطي بها. والحقيقة أن تصريحات وزير الاقتصاد الألماني ديليف دوسلر وعمدة برلين فوفورايت وكذلك وزير التعاون الدولي الألماني نييل ديرك علي هامش فعاليات بورصة برلين إنما تؤكد عمق العلاقات الجيدة والمتميزة بين مصر وألمانيا الاتحادية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية ومن هذا المنطلق فإنه ينبغي علينا أن نعمل كل ما في وسعنا للاستفادة من هذه العلاقات وهذه المواقف الصديقة البناءة لما فيه صالح مصر وشعبها واضعين في الاعتبار قدرات ألمانيا السياسية والاقتصادية في مجالها الإقليمي الأوروبي والدولي ولابد أن نسعي إلي توثيق وتوسيع نطاق علاقاتنا مع ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي بل والعالم كله في مختلف المجالات خاصة في مجال السياحة التي تمثل بحق العمود الفقري للاقتصاد القومي المصري حيث يعمل بها أكثر من 6ملايين مواطن مصري وتفتح آفاقا للعمل والإنتاج في 70 مهنة وحرفة (زراعية وصناعية وخدمية) كما تدر علي الاقتصاد القومي المصري مايقرب من 12 مليار دولار سنويا.. والألمان يأتون في مقدمة الدول التي يتوافد منها السياح إلي مصر حيث يصل عددهم قبل ثورة يناير إلي مليون و300 ألف سائح. ولقد كان لي حظ المشاركة في التغطية الإعلامية لبورصة برلين علي مدي السنوات العشر الماضية واستمعت إلي تصريحات العديد من خبراء السياحة الألمان والأوروبيين أن السياحة هي بحق الدجاجة التي تبيض ذهبا لمصر وأنهم وكل شركات السياحة العالمية راغبون في الاستمرار في نشاطهم مع مصر طالما أن هناك أمنا واستقرارا ذلك أن السائح أيا كانت جنسيته لايريد أن يذهب لقضاء إجازته في مناطق يسود فيها التوتر ويخلو منها الأمن والاستقرار ويؤكدون أنهم يتابعون بكل اهتمام تطورات الأوضاع في مصر آملين في أن تستقر الأمور وتهدأ الأوضاع ليتوسعوا في مزاولة أنشطتهم السياحية دعما للاقتصاد القومي المصري. نعم لابد من الاهتمام بقطاع السياحة بعد أن أصبح صناعة هامة ومؤثرة في بقية قطاع الاقتصاد القومي المصري.. فالسياحة ليست مجرد ملايين السياح الذين يفدون إلي مصر من مختلف دول العالم سنويا ليضيفوا إلي أرضيتها المزيد من العملات الحرة ولكنها أصبحت صناعة يضخ فيها مليارات من الاستثمارات في إنشاء الفنادق والمنتجات السياحية والبنية التحتية اللازمة لهذا القطاع كما أنها تتيح الآلاف من فرص العمل للشباب الذين يتم تدريبهم وتأهيلهم لتلبية احتياجات القطاع وتوفير الفائض منهم للعمل خارج مصر في أماكن مميزة ليمثلوا مرة أخري إضافة للاقتصاد القومي. إن توافد ملايين من السياح إلي مصر تعد فرصة طيبة للاحتكاك بالحضارات الأخري ومحاولة الاستفادة منها ماديا وفكريا ولهذا فإننا لابد أن نعمق ثقافة (التعامل مع السائح) لدي كل المواطنين الكبار منهم والصغار وأن نوضح ونؤكد للجميع أن هذا السائح يعد صديقا لمصر جاء للتعرف علي حضارتها وثقافتها والتمتمع بما لديها من خيرات الله ولهذا فقد أصبح لزاما علينا جميعا الاهتمام به وحسن معاملته حتي يعود إلي بلاده وأهله بأجمل الذكريات وأحلاها عن مصر وشعبها وأرضها ويكون خير رسول لنا في كل أنحاء المعمورة وهو ما سيعود علينا بكل تأكيد بالخير الوفير مرة أخري. وبمناسبة انعقاد بورصة برلين وتكريم مصر كضيفة شرف فإنني أود أن أشير هنا إلي اهتمام الألمان الكبير بالحضارة المصرية وعشقهم لتاريخ مصر القديم الذي ليس له مثيل وهو ما يجعلهم يصرون علي الاحتفاظ بتمثال (رأس نفرتيتي) الملكة الفرعونية الجميلة في صدارة الجناح المصري في متحف برلين وتصديهم لكل الحملات التي تطالب باستعادة هذا التمثال القيم والتي كادت تحدث أزمات بين البلدين.. ويقيني أن هذه الحملات ليس لها محل من الإعراب وحتي لاتؤثر علي العلاقات الجيدة بين الشعبين المصري والألماني وتقدير الألمان لمصر وشعبها وحضارتها ذلك أن تألق تمثال رأس نفرتيتي في متحف برلين يعد أيضا مكسبا كبيرا لمصر علي مختلف الأصعدة التاريخية والسياسية والسياحية ودعاية رائعة للسياحة إلي مصر حيث تمتد الطوابير لمسافات طويلة أمام متحف برلين من مختلف الجنسيات لتفقد الجناح المصري ومشاهدة رأس نفرتيتي التي تحيا معززة مكرمة ومصونة كملكة مصرية متوجة في العاصمة برلين. وإذا كان العالم يريد مساعدتنا والأخذ بيدنا لتحقيق الأهداف التي نصبو إليها فإننا لابد أن نثبت للعالم كله أن هذا الشعب الذي حقق ثورة يناير قادر بكل الوعي والصدق أن يحقق بنجاح أيضا مرحلة التحول الديمقراطي ويقيم الدولة المدنية الحديثة التي يحكمها القانون والدستور وأن يحقق النهضة الشاملة من أجل مستوي أفضل لكل أبناء الوطن.