«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استراحة المحارب
ليالي العمر معدودة .. يا أحمد
نشر في آخر ساعة يوم 21 - 02 - 2012

سنة من الثورة.. سنة من السياسة.. من تجميد الحياة ما بين قوسين التغيير والقصاص.. فالحياة أصبح لونها رماديا .. حراراتها متذبذبة مابين فوران الأمل.. وبرودة الخيانة.. الأيام بزخمها .. تنقلنا من حال لحال.. والمفاجآت تصفعنا من فجاجاتها.. ولكن في وسط كل تلك المعارك الكبيرة والصغيرة.. أفاجأ أنه لم يعد في العمر بقية.. وتهمس لي المبدعة فاتن حمامة وهي تهمس لفتي الشاشة (وقتها) شكري سرحان في فيلم موعد مع الحياة.. وحكم الموت .. وقع عليه المرض القاتل.. ليالي العمر معدودة.. يا أحمد!!
هل تعديت الخمسين؟ إذن ربما تشعر بما سوف أقوله الآن .. ففي هذا العمر بالضبط.. تعرف يقينا.. أن العمر قد ولي.. وأن القادم.. لن يقاس أبدا.. بماذهب منك.
فتتوقف.. وتنظر حولك إلي الحياة.. حياتك .. ماضيك.. أيامك التي انسابت بك بحلوها ومرها.. بحكاياتك الصغيرة.. الحميمية التي لا يطلع عليها إلا .. أنت وربما في سنين الرومانسية الإنسانية والتي يلونها العمر والبراءة.. تبوح بها في لحظة صدق واثقة في الصديق الذي يختاره قلبك الغض.. فيشاركك أسرارك.. ثم تدور الأيام.. وتكتشف.. أن قلة قليلة جدا أو ربما نادرة.. ما كان هذا الصديق يستحق منك تلك الثقة النبيلة.
ولكن تظل الأيام تهديك صديق العمر.. الذي يصاحبك في الدنيا وربما حتي أعتاب الآخرة.. يرطب أيامك.
يملؤها .. صحبة ومشاركة.. ومشاعر لا توصف.
فهو اختيار القلب والغريزة والسر الإلهي الذي يجعل هذا الإنسان.. أو الإنسانة.. تصل إلي وريد قلبك مباشرة بدون أي أسباب منطقية.
ربما كما يقولون إن الله يختار لك أمك أباك والزوجة ولكنك تختار الصديق!!
لهذا الحد .. عزز الناس الصداقة..
ربما شعرت .. أنا شخصيا .. أن الحياة بدون أصدقاء .. موات.. جفاء.. وحدة قاتلة .. خاصة عندما يكبر الأولاد ويغادرون .. العش كما يقولون.. وتلهيهم الحياة.
فيعود الأصدقاء ليكونوا.. عمود الحياة وبهجتها.. تلتقون معا في شرنقة.. الأيام الأخيرة.
ربما تتضاحكون عندما يسري إلي سمعك.. عن موت أحد المعارف أو صديق.. صديقك.. فتحاول أن تتماسك أمام حقيقة الحياة الوحيدة التي لا لبس فيها.
فتضحك وتطلق الجملة المشهورة (إيه هو أسامي الدفعة نزلت)؟
وتندهش .. علي اندهاشك .. أن المتوقع قد حدث بالفعل.
وهذا ليس له علاقة بالأقدمية.. علي فكرة في هذا الموضوع بالذات هو اختيار .. إلهي.
ومع ذلك.. في كل رحيل مهما كان سنه أو ظروفه.. يظل (الموت) يفاجئك ويصدمك.. ويخيفك.
بل .. أنا أري كثيرين يتعجبون من الذي يريد (شد الرحال) بدري .. بدري ولا يرغب أبدا في طول العمر.. وتجد من ينابذه في حجته في الرغبة في الحياة إلي أرذل العمر.
أنه يريد مثلا (تحسين النمر) أي أن يثقل موازينه حتي تشد ظهره.. يوم الحساب العظيم.
ولكن .. تجده يعترف لك .. أن هناك إضافة تغافل عن ذكرها .. لك.
إنه بمنتهي البساطة.. هو خائف من المجهول من هذا الذي لا يعرفه.. رغم أن الله قد طمئننا ببعض الحقائق.
أهمها أنه الرحيم الأحن علي عباده
من قلب الأم ألف .. ألف ألف مليون مرة.
فلم هذا الفزع؟
أما الفريق الآخر.. الذي يريد.. أن يرحل .. تو أن خلص وظيفته في الحياة سواء كانت وظيفته الأسرية.. أو بمنتهي البساطة.. تعب من الحياة.
ويريد أن يلاقي الحبيب الأوحد.. الذي لا قبله ولا بعده .. خالق الكون .. الله؟
بمنتهي البساطة.. يريد أن يعود إلي الأمان.. والراحة!!
جنون..؟ ليه ؟ ربما .. طمأنينة زائدة عن الحد؟
أم رجاء.. وأمل وإيمان بأن الله عند حسن ظن عباده.. به؟
ربما..!!
❊❊❊
إذا سألت.. إنسانا اقترب ميعاد رحيله.. بحكم السن مثلا.. من الذي أحببته في هذه الحياة الأرضية التي هي (قصيرة) مهما عشت فيها .. من سنوات.
هل تتوقع .. إجابة معينة.. يتفق عليها أغلبنا؟
تتصور.. الإجابة.. لاتتطابق إجابتان إلا فيما ندر.. وتلك هي روعة الإنسان.. مهما حاولوا تشكيله في قوالب إنسانية!!
معرفية.. اجتماعية.. فهو في الآخر.. كائن .. خاص جدا!!
متفرد كبصمة الصوت والأصابع والخلايا..!!
فمنهم من يقول لا.. سوف أقول أنا ماذا أحببت في هذه الحياة.
أحببت (الحب) نعم من أجمل هبات الله.. لنا هو منحنا تلك المشاعر الجميلة.. المتدفقة.. التي لاتوازيها مشاعر أو أحاسيس أخري.
طالت مدة هذا الشعور .. أم قصرت.. فإن الذي يعدي في هذه الحياة دون أن يشعر بها فقد حرمته الحياة من إحدي دعاماتها الأساسية.
تلك المشاعر.. حتي لو لم تجد صدي من اختيارك .. مجرد الإحساس بها .. حقيقي جميل.
ولا أجمل من أن تعيش قصة حب كاملة متكاملة.
بكل تفاصيلها المثيرة والمجنونة هي كالثورات ليس لها قانون أو كتاب تعليمات.
فلكل قصة حب.. مهما زارتنا في بداية الشباب أو في نهاية العمر كلها .. رائعة.
طوفان يطيح بك .. تتكسر أمامه كل القوانين وسنن الطبيعة.. ومن ثم..
تعرف أنك في حالة حب بيَّن!!
ولا أتخيل أن الله كان قادرا علي خلق حياة دون إضافة توابلها الرئيسية.. وهي كل أنواع المشاعر.. حب وكراهية وصدق وغيرة وإيثار وتضحية.. و... و... و ....
عدد كما شئت.
بدونها ما أتصور أن الحياة تستحق أن تحيا من أساسه.. في هذا .. أشكر الله وأحمده وأسجد له ألف سجدة علي منحي تلك المشاعر.. بكرم زائد لم أكن أستحقه.
ولكنها .. الحياة.. وهو الله بكماله وحكمته.
فأحمدك وأشكر فضلك.
❊❊❊
في مقتبل العمر.. نتكاسل جميعا ونمشي الهويني فالحياة أمامك.. ممتدة.. والليالي تنتظرك ويتلوها صباح.. يتهيأ لاستقبالك .. ثم الصيف فالشتاء.
فالمعرفة والمفاجآت.. ثم العمل والعلم والاكتشافات العامة والخاصة.
إنها هدية .. الشباب لك.
أنها التجربة الأولي في كل شيء.. الدهشة.. المفاجأة ذهول المعرفة الأولي لكل شيء.
إنها الصرخة الأولي .. لميلاد طفلك.
هي إدراكك .. الساذج.. الجميل المطمئن. إن أهلك .. أحباءك .. سوف يعيشون معك من أجلك إلي الأبد.. وإن الله.. سوف يفعل هذا الاستثناء.. لك وحدك لأنه يعرف أنك لاتستطيعين العيش بدونهم وأنك لا تتخيلين اللحظة التي بقانون الطبيعية لابد أنها سوف تمر عليك.. مثل كل الناس.
ولكنك لست مثل كل الناس.. فأنت تحبينهم حبا.. لم يمر علي أحد من قبل.. لذلك سوف يرحمك الله من تلك اللحظة أي والله.. لقد تصورت ذلك.. في شبابي.
لا أعرف لماذا ولكنه والله .. حدث بالفعل.
وأعتقد أنه ربما بل أستطيع أن أجزم أنه مر علي خيال كثيرين مثلي في مقتبل العمر.
وتتذكرين أمك وهي تقول لك .. لا تتعذبي بالفراق.. فسوف تنسين .. مثلما .. نسيت أهلي في غمرة الحياة.
فهي رحمة الله بنا النسيان نتذكر من نحبهم.. ولكن ننسي .. عذاب الفراق.. ثم تمر الأيام.. وقد تبهت صورهم في ذاكرتك أو .. لا تتذكرين.. كل أطوار حياتهم.
وقد كنت أصرخ في أعماقي (أنت تحاولين التخفيف عني فأنت لم تنسي أباك بالأخص وكنت تبكينه حتي آخر العمر).
وكانت تنظر في عيني وتقول (تذكري اللحظات الحلوة وانسي بقية الحياة.. فالله وهبنا الأبناء حتي لا نتعذب بفراق الأهل).
وتلك .. كانت أقسي حقيقة.. بجد!!
عندما تصل إلي سن لايمكن أن تضحك فيها علي نفسك بقولك أنك مازلت شابا وأن الحياة ممتدة أمامك.. لسنوات كثيرة.
هنا لابد أن تتوقف وتقرر ماذا يجب أن تفعله في المدة الباقية من هذه الحياة الأرضية الرائعة رغم كل الصعوبات والمصائب.. والكوارث.
هي رائعة.. لأنها قادرة علي منحنا العقل الذي يكشف الحياة والقلب الذي يعشقها.. حتي الثمالة.
ولكن من يفهم؟
إحدي حكيمات العائلة كانت تقول لي في الصغر.
احترسي فإن توقعاتك كثيرة من الحياة.. تريدين كل شيء يأتي صارخا ملونا بألوان مضيئة.. تنتظرين موسيقي ورقصا وضحكات وصرخات ومغامرات.
تنتظرين كثيرا من ضجيج الحياة.. المثير.
ولكن في انشغالك في انتظار كل هذا الضجيج.
قد تأتي آمالك ورغباتك.. في صورة نقرات خفيفة علي باب حياتك .. محملة في طياتها.. ما تنتظرينه في شوق ولهفة بدايات العمر.
ولكنك لاتسمعينها .. لأنك ببساطة منتظرة طرقات قوية قوية لا تحمل سوي صفير الرياح فتضيع منك فرصة أو فرص العمر.
تلك كانت حكمة .. الحكيم التي لم أفهمها إلا متأخرة.
ولكن عندما يمتد بك العمر.
❊❊❊
لو كنت »ناصح« وعلمت علي خلايا مخك التجارب .. تعرف أن السعادة تتكون من أشياء بسيطة علي أن تكون من اختيارك الحر.. ألق في مزبلة الحياة والتاريخ كل ما يضايقك.
إنسانا ظننته يوما يساوي شيئا وهو في الأصل كان لا شيء.. ألقه من ذاكرتك قبل حياتك.
إنسانا ما .. رجلا كان أو امرأة.. صغيرا أو كبيرا بسيطا أو ذا شأن علم علي حياتك وأثر فيها بصورة ما.. تمسكي به قربيه.. أعلني عن شعورك فالكلمة الحلو صدقة وفرحة فلربما.. يرحل وتندمين علي أنه أو أنها لم تعرف قدرها في حياتك وفي ذلك .. خسارة إنسانية كبيرة.
وتحدث كثيرا.. وتتأثر وتندم.. أنه كان علي بعد خطوتين منا .. ولم ننتبه.
فالحياة تحسب باللحظات الحقيقية.. وليس الحياة المفروضة علينا - بقوانين الآخرين.
والفضل لكل ما سبق إدراكنا إن مابقي من عمر قليل والتجارب قد علمتنا علي نار هادية فلا وقت نضيعه في تفاهات الحياة وما أكثرها..!!
❊❊❊
نعرف أن الحياة كثيرا ما تظلمنا أو هكذا نتصور بإدراكنا الإنساني القاصر.. فنحن لسنا آلهة أو ملائكة.
إنما نحن بني آدمين فانين.. مقيدين بالجسد وبعدد السنين الممنوحة لنا .. مسبقا.
ولكن .. عندما نشعر بأن أوان الرحيل قد اقترب.. نبدأ نتذكر كل الأيام أو اللحظات الحلوة في حياتنا.. وهي للعلم بسيطة جدا.. وأتذكر إحدي قصص يوسف إدريس القصيرة الرائعة لا أتذكر.. اسمها ولكن تفصيلة فيها أثرت عليّ رغم.. صغر سني وقتها واندهشت كيف وصف سعادة حارس عقار بسيط وهو يشكر الله علي نعمه العديد ومنها زوجته.. بجسدها الجميل الممتلئ وهي تدفئه في ليالي الشتاء الطويلة.. وكيف كان يسجد شاكرا علي تلك النعمة التي ربما حرم منها بهوات كبار!! يسكنون في عمارته التي يحرسها وربما يحسدونه عليها!!
هكذا عرف هذا الإنسان الذي هو موجود بالفعل خارج أوراق كتاب الإدريس معني السعادة البسيطة وغيرها من لقيمات السعادة التي يمنحها الله لنا والنبيه من يصل إليها فيتمتع بها ويقدرها ويمتع بها .. غيره.
في هذا ربما لا تصل إلي الكثيرين ولكن أعتقد أنه عندما يمتد بك العمر.
تعلم نفسك .. أن تصلك رسالات السماء ونفحات الحياة!!
قعدة حلوة مثلا مع الأصدقاء أو الأبناء والأحفاد .. أو إيد جميلة تشيلك وتلقيك في أجمل الأماكن.. وفي وسط حياة مختلفة لناس ربما عاشوا في محيطك ولم تلحظهم أو بالأخص لم يعلموا علي حياتك .. بأي شيء.
أو ربما تجربة قاطعة لحياتك تحدث لك في بلد غريب تعلم عليك لبقية العمر وتظل ممتنا لها. لأنك كنت محظوظا.. لمرورك بها دوناً عن كل من تعرفهم وربما كان هذا سببا لإحساس الكثيرين أنك مختلف وخاص.
بصورة إيجابية ومحبوبة.
هل تتذكر (أنت) تلك التجربة أو هذه المغامرة.. أو هذا الحدث الاستثنائي في حياتك.. وقد تكون قد نسيته في غمرة .. حياتك اليومية وجريك وراء لقمة العيش أو قطعة الجاتوه بمقاييس عصر مبارك؟
لا أريد أن أتذكر تلك (الحقبة) التي التهمت نصف حياتي بالتمام والكمال.
وأشكر الله علي مد عمري بأن لحقت بنهايته (وليس نهايتها).
لا .. لا أريد أن أتذكر .. السياسة الآن فهي ليست من أولوياتي وأن أكتب بالليل تلك المواجهات النفسية.. مع ذاتي! محاولة أن أكون حكيمة وعاقلة وذات تجارب.
ولو تعرفون كم كرهت في حياتي .. تلك الكلمات التي عامة ما تخفي وراءها قبول ما لايمكن أو مفترض قبوله أو تقنين ظلم ما عاطفيا وظيفيا.. اجتماعيا .. مقيتا.
أقول غالبا ولأنني من أصحاب الصفات المناقضة لكل ماسبق.. فأنا متحيزة للجنون وكسر المألوف وأقول إنهم السبب في تغيير الحياة وجعلها أكثر سعادة لعدد كثير من الناس.
حتي لو لم يكونوا من أبطالها .. بل من المستفيدين منها بدون .. دفع ثمنها.
فكلنا نستفيد من بعضنا البعض..
هكذا .. هي الحياة.. بمنتهي البساطة.
❊❊❊
نظل نتجاهل.. روعة الحياة في تفاصيلها الصغيرة وعندما توشك الرحلة علي الانتهاء نندم لأننا لم نعطها حقها لأننا ندرك فجأة.. أنها ليست بالسوء الذي تصورناه.. فيوم مشمس جميل في شتاء مصري أصيل غارت منه مدائن أوروبا الباردة.. برود عواطف أهلها وواقعيتهم التي تدفع بالكثيرين منهم للانتحار.. رغم رخاء المعيشة.
شايفين المسخرة ينتحرون من الشبع في كل شيء .
ونحن رغم افتقارنا لكثير من مقومات الحياة.
تطل علينا حكمة الشيخوخة لنعايرهم بحلاوة شمسنا ولكن زد عليها .. قدرتنا علي التواصل.. الكلام بدون أجر الطبيب النفساني الذي يدفعون له .. ليسمعهم!
ضمن ما منحه الله لنا في الشرق العربي.. هبة الحكي في أي لحظة.. الكتف حاضر والمناديل مستعدة لتجفيف الدموع والسخرية خط دفاعنا الذي لايقهر لقهر الظروف القهرية.
وأتذكر أيام ماكنت فخورة بكوني مصرية من بلد .. ناصر وبلدي.. الشقيقة الكبري فعلا المعلمة .. الرائدة والكل ينحني لها احتراما للتاريخ والثقافة والعلم.
ولم يكن المال ولا النفط هو مقياس قيمة البلاد ولا الشعوب.
تلك لحظات كانت ومازالت ملهمة لي:
أشتاق إليها .. كما أشتاق لأمي وأبي.
ولكنني أدرك .. أن اللقاء.. ربما قريب.
فأبتسم..
❊❊❊
وليالي العمر.. محدودة.. يا أحمد!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.