رعاك الله يامصر من كل سوء وشر وسدد خطاك علي طريق الخير والمجد وحماك من كيد الكائدين ومكر وخداع الأفاقين.. ولم لا ألم يأت ذكر اسمك بكل الخير والتكريم في القرآن الكريم أكثر من مرة وشرف جندك بأنهم خير أجناد الأرض وأنهم في رباط حتي يوم الدين.. نعم لقد خاب ظنهم وباءت دعوتهم المغرضة »بالتظاهر والاعتصام المدني« يوم السبت 11 فبراير ذكري رحيل حسني مبارك وانتهاء عصره بالفشل الذريع بعد أن أظهر شعب مصر العظيم معدنه الأصيل ولم يستجب لهذه الدعوة المغرضة التي أطلقتها بعض القوي والتيارات السياسية والائتلافات بهدف الضغط علي المجلس العسكري لتسليم السلطة إلي حكم مدني »وفورا« وهو مطلب أقل مايوصف به أنه ساذج وغير منطقي ويمثل ضررا فادحا للمصالح العليا للوطن خاصة وأن هناك »خارطة طريق« لتسليم السلطة إلي إدارة مدنية بطريقة شرعية تم الإعلان عنها في الإعلان الدستوري كما تم التأكيد عليها من قبل المجلس العسكري المسئول عن إدارة شئون البلاد في المرحلة الانتقالية أكثر من مرة.لقد فتحت هذه التيارات والقوي السياسية وقياداتها التي تبغي الشهرة وتتنقل علي شاشات الفضائيات طوال الليل والنهار فتحت الباب علي مصراعيه للخلافات والصراعات وتبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة وأحدثت حالة من التوتر الاجتماعي وعدم الاستقرار السياسي والأمني وشجعت قوي أخري داخلية وخارجية علي فتح جبهات للتآمر علي مصر ومعاداة مصالحها اعتقادا منها أن هذا سيسهل تنفيذ مآربها لأن المصريين يصارعون بعضهم البعض وهو ما تجلي مؤخرا في مشكلة منظمات المجتمع المدني التي حاولت من خلالها الولاياتالمتحدةالأمريكية التدخل بصورة سافرة في الشئون الداخلية لمصر وانتهاك قوانينها الداخلية وهو ضد أبسط قواعد حقوق الإنسان والأعراف والقواعد والمواثيق الدولية التي تدعي الولاياتالمتحدة دائما أنها الأحرص علي احترامها والحفاظ عليها.. حتي أن السفيرة الأمريكية في القاهرة تخطت كل الأعراف والمفاهيم الدبلوماسية وخاطبت »قاضي التحقيقات« مباشرة ولكن القاضي المخضرم المستشار أشرف العشماوي كان أكثر حنكة ودراية بأصول التعامل بين الدول فأرسل رده إلي وزارة الخارجية المصرية لتبعث به بدورها إلي الخارجية الأمريكية طبقا للأصول الدبلوماسية.. ويبدو أن الإدارة الأمريكية لم تؤمن بعد أن هناك نظاما جديدا للحكم في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والتي أعرب رئيسها أوباما مع العديد من زعماء العالم عن إعجابه الشديد بها وتقديره لأهدافها النبيلة من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية وكان ينبغي علي رجال إدارته من وزراء وسفراء أن يتعاملوا مع الإدارة الجديدة في مصر انطلاقا من مبدأ الاحترام والثقة المتبادلة وأن يعلموا جيدا أن مصر دولة كبيرة وقوية ومؤثرة في منطقتها العربية والإسلامية والإفريقية وإن كانت تمر بظروف اقتصادية صعبة في الوقت الحاضر إلا أن ذلك لم يكن يستدعي أبدا أن تلوح الإدارة الأمريكية بسلاح »المعونة« لإرهاب المسئولين في مصر للتراجع عن قرارهم بشأن منظمات المجتمع المدني الأمريكية وغير الأمريكية والتي تعمل في مصر بدون موافقة السلطات المصرية.. وهو الملف الموجود منذ البداية في يد القضاء المصري الشامخ بعيدا عن أية أهواء أو أغراض سياسية أو غيرها وإنما الهدف الأول والأخير هو مصالح مصر العليا وأمنها القومي وهو مايجب أن تعلمه ويعيه تماما الأمريكان والأوروبيون وغيرهم وكذلك إخوتنا في الوطن.. ويعلم الجميع وأولهم الأمريكان قبل غيرهم أن المعونة بشقيها العسكري والاقتصادي هي بالتأكيد في صالح الجانبين المصري والأمريكي وإنني علي يقين أن الاقتصاد المصري إذا ما أحسن استغلاله وإدارته بكفاءة سيمكنه الاستغناء عن المعونة الأمريكية وغيرها ذلك أن مصر بلد غني بثرواته وقدراته وحضارته وتاريخه وموقعه الجغرافي المتميز بين مختلف قارات العالم.. وفي مقدمة هذه الثروات وأهمها الثروة البشرية التي كان ينبغي علي المعونة الأمريكية وغيرها وكذلك قيادات المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن يعمل علي تأهيلها وتدريبها ورفع كفاءتها لتساهم بقوة وفاعلية في تحقيق عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد وهو ما يجب أن نسعي إليه من الآن وأود أن أشير هنا مرة أخري إلي مقولة وزير الخارجية الألماني الأسبق هانز ديتريش جينشر قبل ثلاثين عاما عندما اعترض بعض المواطنين الألمان علي مساعدات التنمية الألمانية للدول النامية أكد لهم أكثر من مرة وفي مناسبات عدة أن »مساعدات التنمية« طريق ذو اتجاهين أي أن فيها فائدة لكل من يقدم المعونة ومن يتلقاها.. وهذه النصيحة أو الحقيقة التي أقرها جينشر الذي كان يلقب بمهندس السياسة الخارجية الألمانية لثلاثة عقود ومازال الأب الروحي للحزب الديمقراطي الحر المشارك في الحكومة الألمانية منذ أكثر من نصف قرن. نعم فشلت »الدعوة« للعصيان المدني والتي وصفتها العديد من القوي السياسية والحزبية بأنها دعوة للفوضي ولا تضمر خيرا لهذا الوطن ونناشد كل من دعا إليها أن يتوجهوا بكل مالهم من قوة وفكر إلي المساهمة في بناء وتنمية هذا الوطن العزيز علينا جميعا حتي ينهض ويقف علي قدميه عافيا مكرما وسط الأمم ويستعيد مجده وريادته في عالمه العربي والإفريقي والإسلامي ويتحقق لكل أبنائه حياة رغدة مستقرة وآمنة. هناك من يدعون أن الثورة لم تحقق أهدافها ويدعون إلي استخدام العنف وإشاعة الفوضي والخروج علي القانون ومحاولة التعدي علي وزارة الداخلية واقتحامها ليسقط في عمليات حصارها قتلي وجرحي ثم محاولتهم قيادة المظاهرات إلي مقر وزارة الدفاع وهما الوزارتان السياديتان اللتان بدونهما تسقط هيبة الدولة ونعيش في فوضي مدمرة وحرب أهلية مثل تلك التي نسمع عنها ونشاهدها علي الفضائيات في العراق والصومال وأفغانستان وسوريا. هل ينسي هؤلاء أن هناك ثورة عظيمة فجرها نفرمن خبرة شباب مصر وأكثرهم حماسا ووطنية يوم 52 يناير 1102 واحتضنها الشعب بكافة فئاته وحماها قواته المسلحة الباسلة ومازالت ترعاها.. ثورة أطاحت بنظام ديكتاتوري سابق يقبع كل رموزه الآن بمن فيهم رأس النظام في السجن ويقدمون لمحاكمة عادلة تؤكد سمو أهداف هذه الثورة ونبل مقاصدها هل ينسي هؤلاء أننا قد بدأنا نخطو نحو الحياة الديمقراطية التي كانت من أهم أهداف الثورة عندما خرج أبناء الشعب المصري بكافة فئاته وطوائفه للمشاركة لأول مرة في عملية انتخابات ديمقراطية ونزيهة في استفتاء 91 مارس الشهير بمشاركة بلغت نسبتها أكثر من 07٪ ممن لهم حق التصويت وتوجه الناخبون بكل الحماس والثقة لاختيار ممثليهم في مجلس الشعب من خلال أول انتخابات حرة ونزيهة تشهدها مصر كما أننا الآن بصدد انتخابات مجلس الشوري مثل كل الدول الديمقراطية العريقة وتقرر فتح باب الترشح يوم 51 مارس القادم لانتخابات رئاسة الجمهورية التي من المقرر أن تجري نهاية شهر يونية 2102 علي أن يكون قد تم الانتهاء من إعداد الدستور دستورا توافقيا »تشارك في وضعه كل أطياف المجتمع«. وليعلم الناقمون والمجادلون أن كل الثورات في العالم والتي لاتقل أهمية أبدا عن ثورتنا لم تحقق أهدافها إلا بعد سنوات طويلة ثم استقرت مجتمعاتها علي أسس ديمقراطية سليمة تحقق الأمن والاستقرار والرخاء لشعوبها.. وعلي الجميع من قيادات سياسية ومجتمعية الابتعاد عن التخوين والتجريم المتبادل وأن نضع مصلحة مصر فوق كل اعتبار وأن نؤمن تماما أن الشرعية الدستورية هي الامتداد الطبيعي للشرعية الثورية.