لم يكن حديث منظمة الصحة العالمية عن مصر، وما حدث فيها من تطور طبي طوال الثلاث سنوات الماضية مُجرد كلام مُرسل، لكنها إشادة علمية جاءت نتيجة لمجهود ضخم بُذل، وخطط وتوجيهات حكومية، وسياسات حقيقية أعادت وضع مصر علي خريطة الطب العالمية.. أحدثنا طفرة حقيقية من خلال علاج مرضي "فيروس سي"، وبعد أن طرح الرئيس السيسي مبادرة علاج مليون مصري، الحلم تحقق والأرقام باتت في تزايد مستمر، والعلاج أصبح مُتاحًا لكافة أطياف الشعب في أي مكان. "كل الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الأربع الماضية، لم تكن لتحدث لولا الشعب المصري، ولا يستطيع أحد أن يقول إنه حقق إنجازًا بمفرده بل هو إنجاز الشعب المصري مجتمعًا"، هكذا تحدث الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال مؤتمر "حكاية وطن"، وحينما كان يناقش مع عدد من الشباب والخبراء في مختلف المجالات وضع خطط إصلاحية مستقبلية، طرح مصطفي زمزم، رئيس مجلس أمناء جمعية "صناع الخير"، علي الرئيس مُبادرة خاصة بالجمعية للقضاء علي مسببات العمي في مصر، وأطلق عليها اسم "عينيك في عنينا"، وطالب زمزم من الرئيس تقديم الدعم الكافي لمرضي العيون في مصر حيث إن هناك 5 ملايين مصري معرضين للعمي، إن لم يتم معالجتهم فورًا. استجاب الرئيس السيسي، فور طرح المبادرة، وأعلن دعم الحملة بمليار جنيه من صندوق "تحيا مصر"، لتكون تلك الحملة الطبية الثانية التي يتبناها الرئيس. مبادرة "عينيك في عنينا"، لم تكن وليدة اللحظة وقت مؤتمر "حكاية وطن"، بل قمنا بتدشينها بعد النجاح الذي تم تحقيقه من خلال مبادرة "اطمن علي نفسك" في حملة مصر خالية من "فيروس سي"، وأطلقناها عام 2017، وتم الكشف فيها علي ما يقرب من 600 ألف مواطن بالتعاون مع مؤسسة "الكبد المصري"، وتم علاج كل الإيجابي منهم وعددهم حوالي 70 ألف مواطن، وتم توفير العلاج لهم عن طريق نفقة الدولة أو التأمين الصحي، هذا ما أوضحه رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صناع الخير"، مصطفي زمزم، في تصريحاته ل"آخر ساعة"، مُضيفًا: "اكتشفنا أن مُسببات العمي أكثر ما يهدد غير القادرين خصوصًا في القري الأكثر احتياجًا، وتم وضع استراتيجية للحملة في 2018، وبدأنا من ديسمبر الماضي، ووضعنا خطة عمل مشتركة بالتعاون مع أكبر أطباء العيون في مصر". زمزم، أكد أن الحملة بدأت في النزول إلي أرض الواقع للكشف علي المصابين في القري، وتم تحديد 10 محافظات بعينها كبداية انطلاق، وهي 5 محافظات في الوجه البحري "البحيرة، والغربية، والمنوفية، والقليوبية، والشرقية"، ومحافظات وجه قبلي "الفيوم، وسوهاج، وقنا، وأسيوط، والأقصر"، وتم مسح عدد من القري والمراكز مثل الباجور، ومركزي قويسنا، وأبوحمص، وقري البحرانية، والبدرشين، والمحلة بالغربية، ولدينا خطة لزيارة 15 قرية أسبوعيًا، وتوقيع الكشف الطبي علي سكانها. وأوضح زمزم، أن الدعم الرئاسي المُقدر بمليار جنيه لم يكن ل"صناع الخير" فقط، بل إنه يشمل كل الجمعيات الأهلية التي تشارك في المبادرة، ولم يخص الرئيس جهة دون أخري، كما أن دعم الرئيس حول الفكرة من نشاط مجتمع مدني لحملة قومية يعمل بها كل الجهات من وزارة الصحة، والتضامن الاجتماعي، ورجال الأعمال، وصندوق "تحيا مصر"، والجمعيات المشهرة الأهلية. وتوقع زمزم، أن يتخطي نجاح حملة "مصر بلا عمي في 2020"، النجاح المُحقق سابقًا في حملة "مصر خالية من فيروس سي"، كما أنها ستتم في وقت وجيز، موضحًا أن مكافحة العمي أسهل بكثير من "فيروس سي"، لأن المُصاب بضعف البصر يعرف جيدًا أنه مريض لكنه لا يستطيع العلاج، أما مصاب "فيروس سي" فمن الممكن أن يعيش ويموت بالمرض دون أن يعرف بإصابته. رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صناع الخير"، قال: "سيتم علاج مليون مريض في 2018، هذا رقم حقيقي فبعد أن كان حلمنا تقديم العلاج ل100 ألف مواطن فقط تخطينا حاجز المليون المهددين بالعمي لفقرهم الشديد بفضل دعم الرئيس بمليار جنيه، وسنُعلن مصر خالية من مسببات العمي في 2020، من خلال اتفاقية موقعة مع منظمة الصحة العالمية، التي أعلنت من قبل أن مصر بها 5 ملايين مواطن مصاب بضعف الإبصار، منهم مليون أوشكوا علي العمي إن لم يتم علاجهم، ولدينا خطة مدتها ثلاث سنوات لمعالجة كافة مرضي العيون غير القادرين. وأوضح زمزم، أن مؤسسة "صناع الخير" لن تتكفل إلا بعلاج غير القادرين ممن لا يتمتعون بمعاش أو ضمان اجتماعي أو تأمين صحي، ويتم استخراج بيات للحالة الاجتماعية قبل الخضوع للعمليات الجراحية، والعمليات تتراوح تكلفتها بين 2000 ل5000 جنيه، ولا تقتصر علي العمليات البسيطة، بل إننا علي استعداد تام لإجراء عمليات زرع القرنية بشرط توافرها، فنحن لا نملك في مصر بنكاً للقرنية، والعملية ستكون تكلفتها 40 ألف جنيه تقريبًا. وقال: "لدينا تعاقدات طبية مع أكثر من 10 أطباء مُتخصصين في مجال العيون، وهم علي قدر كاف من المسؤولية المهنية والمجتمعية، والعدد في تزايد مستمر، وينضم إلينا العديد من أطباء المحافظات خلال المسح الذي يتم في القري الأكثر فقرًا". من جانبها، قالت الدكتورة شيماء صبري، المُدير التنفيذي للحملة، وممثل قطاع الشركات، إن شركتها "أوركيد للصناعات الدوائية" تعمل في المجال الطبي الخيري منذ عام 2009، وذلك من خلال تقديم مساعدات طبية في مجال العيون للمستشفيات والمراكز الحكومية، وأوضحت أن الشركة تحمل علي عاتقها المسؤولية المجتمعية الواجب تنفيذها، لافتة إلي أن الشركة لن تنجح بتقديم عقار جديد أو تحقيق أرباح كبيرة، بل إن النجاح الحقيقي يأتي من خلال التأثير الإيجابيي في حياة الأفراد المهددين بفقدان البصر. شيماء أضافت: "لدينا مشروع لتقديم التبرعات إلي 20 مستشفي علي مستوي الجمهورية وتدعيمهم سواء بتقديم أجهزة طبية أو أدوية مجانية، مثل مستشفي الرمد، وبعض المستشفيات الجامعية، ومستشفي رمد طنطا، وكفر الشيخ، وقويسنا، كما قصدنا العيادات الخارجية، التي يتم صرف العلاج والكشف بها مجانًا، واعتمدنا في التواصل مع المراكز الطبية علي الخطابات المستدامة لتوفير ما ينقصهم من مستحضرات طبية وقطرات، وأدوية، وأجهزة طبية، وتلاقينا مع "صناع الخير"، في نفس الفكرة، وهي مكافحة العمي، وانطلقنا منذ شهر في مبادرة "عينيك في عنينا". أما الدكتور أسامة عباس، المشرف العام علي المبادرة، رئيس مجلس إدارة شركة "أوركيد للصناعات الدوائية"، فأكد أن هدف المُبادرة هو إنقاذ مليون شخص علي الأقل من الإصابة بالعمي من خلال المسح الطبي، والاكتشاف المُبكر لمسببات العمي وعلاجها قبل تطور المضاعفات، إضافة إلي إجراء الجراحات اللازمة مثل جراحات "المياه البيضاء" المعروفة ب"عتامة العين"، خصوصًا لدي كبار السن، و"المياه الزرقاء" أو ال"جلوكوما"، و"زرع العدسات"، وبعض أنواع العدوي البكتيرية التي تنتشر بصورة أكبر في المناطق الريفية، مُشيرًا إلي أن الاكتشاف المبكر لأمراض العيون يُعطي نتائج علاجية أفضل، حيث يمكن الاعتماد علي العلاج الدوائي، والحد من حاجة المرضي لإجراء العمليات الجراحية الدقيقة. عباس، أشار إلي أن المبادرة تستهدف في المقام الأول فئة غير القادرين بالقري والنجوع الأكثر فقرًا، مؤكدًا أن الخدمات الطبية بالمبادرة من علاج دوائي، ونظارات طبية، وعمليات جراحية، يتم تقديمها بالمجان تمامًا، وتحت إشراف نخبة من أمهر أطباء العيون في مصر، وبأعلي جودة طبية تضمن نسب نجاح تقترب من 100٪، كما أوضح أن مُبادرة "عينيك في عنينا" تستهدف القيام بعملية مسح لأكثر من 100 ألف مواطن سنويًا، وإجراء 20 ألف عملية عيون، وتقديم 50 ألف نظارة طبية وأدوية بنحو 5 ملايين جنيه سنويًا.