• ماذا تفعل تركيا في سوريا؟.. السؤال تردد خلال الأيام القليلة الماضية مع قرار تركي اتخذه أردوغان، بشن غارات جوية علي طول الحدود التركية السورية لضرب مواقع القوات الكردية، أتبعه بقرار آخر ببدء الهجوم البري علي نفس المواقع، وبمساعدة من قوات الجيش السوري الحر الموالي له، الهدف المعلن من العملية هو منع تمدد النفوذ الكردي السوري وامتداده للداخل التركي، ووأد حلم الأكراد في إقامة منطقة عازلة لهم علي الحدود مع سوريا، كبداية لإنشاء الدولة الكردية الأم، التي ستهدد تركيا ودولا مجاورة مثل: العراق وإيران، وتنذر أولا بتفكك الدولة التركية.. علي حد زعم أردوغان. أما الهدف غير المعلن.. فهو رغبة أردوغان في إيجاد موطئ قدم له في داخل سوريا، كتفا بكتف مع وجود إيراني أمريكي روسي علي الأرض منذ شهور عديدة وربما سنوات كما هو الأمر بالنسبة لإيران وحليفها حزب الله، اللذين يقفان بقوة خلف الرئيس السوري بشار الأسد.. وتلك الرغبة لها عدة أهداف كما ترصد شبكة يورونيوز الأوروبية فهي من ناحية تؤمن وجودا عسكريا تركيا يسمح لها بأن تكون أحد أطراف اللعبة في الصراع داخل سوريا والمنطقة المحيطة بها، ومن ناحية أخري فهي تضمن لها التواجد وجها لوجه مع القوات الكردية المسيطرة بالفعل، علي أجزاء واسعة من الشمال السوري المحازي لتركيا عبر مدن مثل: منبيج وعفرين وأعزاز، وبقوات تقدر بعشرات الآلاف مسلحة تسليحا جيدا علي يد خبراء عسكريين أمريكيين، مع وعد أمريكي كما صرح البنتاجون بتسليح نحو 30 ألف مقاتل كردي سيمثلون نواة للجيش الكردي بالمنطقة الحدودية السورية التركية، وهنا يريد أردوغان أن يشن حربه ضد الأكراد الذين يحاربهم بالفعل في الداخل التركي، لينقل معركته إلي الجانب السوري ويواجه تلك القوات قبل دخولها إليه، واتحادها المعنوي والمادي مع القوات الكردية التركية التي تنادي بدولة كردية مستقلة، أو علي الأقل إقليم مستقل عن الدولة التركية تماما كما حدث من قبل في تجربة كردستان العراقية، ويحاول أردوغان من خلال نشر قواته في الداخل السوري، أن يواجه أولا بأول قوات كردية ممثلة في: قوات حماية الشعب الكردي، وقوات تابعة لحزب الاتحاد الكردي وقوات سوريا الديمقراطية إضافة لقوات كردية تركية تحاربه من داخل سوريا، وبالطبع من وراء كل هؤلاء خبراء أمريكيون يقومون بتدريب العناصر الكردية منذ فترة، بدعوي مقاومة تواجد داعش بالمنطقة، وتحت شعار "قوات درع الفرات" التي تشكلت لذلك الغرض. أردوغان.. يريد أيضا من خلال الغارات الجوية التي شنتها قواته علي مدي أيام دون هوادة، ومن خلال الحشود البرية التي بدأت عملياتها فوق التراب السوري فعليا أن يؤكد أن الدور التركي لاغني عنه في الأزمة السورية، سواء كان الحل سياسيا أو عسكريا، أو عبر مؤتمرات جينيف أو سوتشي الروسية، أو المآتا الكازاخية. ومن هنا.. كان القرار بشن عملية "غصن الزيتون"، لهجمات جوية وحشود عسكرية، استهدفت مواقع ومباني ومعسكرات لقوات حماية الشعب الكردي، في شمال سوريا وبالتحديد في مدينة عفرين وما حولها من قري وبلدان، ومن خلال أكثر من 110 غارات جوية، قالت تركيا إن تلك الغارات جاءت ردا علي قصف مسبق للقوات الكردية لأراضيها المحاذية لحدودها مع سوريا، وأن الحشود البرية التي بدأت بالفعل تتم بالتنسيق مع كل من: روسيا التي أعلنت سحب مستشاريها العسكريين من عفرين وماحولها، ومع أمريكا التي باركت العملية سرا وأعلنت علنا أن الوضع غير مطمئن في الشمال السوري! ومع النظام السوري الذي وافق ضمنيا علي العملية للقضاء علي أكبر قوة عسكرية كردية، تهدد تواجده مستقبلا وتنذر بدعاوي لدولة كردية سورية، وإن كانت قد أعلنت علنا علي لسان مساعد وزير خارجيتها فيصل المقداد، أن تركيا لم تبلغها رسميا بنيتها شن هجومها البري الجوي علي الأراضي السورية، ووصف الأمر بأنه عدوان غاشم علي الأراضي السورية ويجب وقفه فورا! علي الجانب الكردي.. قال مسئول كردي لشبكة »NN الأمريكية، إن ما يحدث هو هجوم تركي لا يميز بين المناطق العسكرية والسكنية، وأنه أدي لسقوط عشرات القتلي من المدنيين في مدينة عفرين وماحولها، وأن القصف أرغم المدنيين علي اللجوء للمخابئ والمستشفيات تحت الأرض، وأنه تم إعلان النفير العام بالمنطقة وحشد كل من بإمكانه حمل السلاح سواء من أكراد سوريا أو البلدان المجاورة في إشارة لأكراد العراقوتركيا.. والوضع علي الأرض.. ينذر بالتصعيد خاصة مع نية القوات التركية تطوير هجومها البري ليكون علي امتداد 3 محاور، وليس محورا واحدا عبر مدينة عفرين، وهو الأمر الذي سيؤدي لاتساع المعارك في مدن أخري كردية علي الحدود السورية التركية، أبرزها: أعزاز ومنبج، وهو مايعني مباشرة تصفية التواجد الكردي هناك، والذي يمثل صداعا في رأس الدولة التركية، متزامنا مع تواجد كردي في جنوب شرق تركيا، يحارب الدولة منذ عقود طويلة.. حسب صحيفة الجارديان البريطانية فإن القوي الكبري وأبرزها: أمريكاوروسيا، لن تسمح لتركيا بتوسيع عملياتها حتي تبلغ منتهاها، بل ستسمح بذلك لحدود معينة قد تصل إلي تقليم أظافر للأكراد السوريين، والحد من قوتهم المتصاعدة، خاصة بعد دورهم من خلال قوات حماية الشعب الكردي المدربة تدريبا عاليا، وتحمل عقيدة قتالية راسخة، في دحر وهزيمة تنظيم داعش خاصة في معركة الرقة أكبر معاقلهم في سوريا والمنطقة كلها، وعاصمة الخلافة المزعومة، وفي معركة عين العرب كوباني التي أبلي فيها الأكراد بلاء حسنا، وسجلوا موقفهم كقوة صاعدة وفاعلة في الحرب السورية السورية، وفي مصير الأكراد ليس في سوريا وحدها، بل في بلدان مجاورة يساورها نفس الحلم الكردي بإقامة دولة الأكراد المزعومة، والتي قد تشمل إن عاجلا أم أجلا: أكراد سورياوالعراقوتركيا وإيران.