في محاولة جادة منها في تعزيز دور عربي جديد قادر علي تحمل مواجهة المشكلات العربية بعيدا عن التدخلات الخارجية.. نجحت الجامعة العربية بعد جهود مضنية علي حد وصف أمينها العام الدكتور نبيل العربي في نزع فتيل الأزمة السورية بعد موافقة النظام السوري علي المبادرة العربية بكل بنودها دون أي تحفظات بما تتضمنه من سحب الجيش من المدن ووقف المظاهر المسلحة في الشوارع والإفراج عن المعتقلين السياسيين في الأحداث الراهنة وفتح المجال أمام منظمات الجامعة العربية المعنية ووسائل الإعلام للاطلاع علي حقيقة الأحوال في سوريا.. مع مواصلة اللجنة العربية المكلفة بإجراء الاتصالات والتشاور مع كل من الحكومة السورية والمعارضة للتحضير لاجتماع لبدء حوار وطني في مقر الجامعة بالقاهرة.. فهل ستشهد الأيام المقبلة مرور هذا السيناريو بسلام.. أم أنها ستكون جبلي بمفاجآت جديدة؟! المعروف أن الجامعة العربية لا تمتلك أي ضمانات حقيقية علي إلزام الحكومة السورية بما جاء بالمبادرة.. وهو ما عبر عنه بشكل ضمني الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي في تصريحات له عقب اجتماع مجلس وزراء الجامعة في القاهرة هذا الأسبوع مؤكدا أنه علي الرغم من أن الحكومة السورية قد وافقت علي أمور لها أهمية كبيرة إنما الأهم هو تنفيذ هذا الالتزام بكل صدق قائلا: أتمني أن تحدث نقلة نوعية يشعر بها السوريون في كل مكان وأنه لاعنف بعد ذلك.. وعن متابعة تنفيذ المبادرة علي أرض الواقع قال العربي إن اجتماعا آخر ستعقده اللجنة العربية المشكلة من الخمس دول الأعضاء بها وهي مصر والجزائر والأردن عمان وقطر والأمين العام للجامعة لترشيح كل دولة عددا من الأشخاص من منظمات الجامعة المختلفة مثل اتحاد المحامين العرب لإرسالهم إلي سوريا للتحقق من الأوضاع علي الأرض وللتأكد من أن تنفيذ المبادرة فوري ودقيق وكامل.. كما أكد العربي أن سوريا لم تبد أي اعتراض علي أن يكون مقر الحوار هو القاهرة. مضمون الحوار وهو ما اعتبره السفير هاني خلاف مندوب مصر السابق لدي الجامعة العربية مسألة لها معان كثيرة.. باعتبار أن القاهرة ليست عاصمة لمصر فقط وإنما هي مقر جامعة الدول العربية وقد سبق للجامعة عقد مؤتمرات مصالحة بين الفرقاء العراقيين علي سبيل المثال .. معتبرا أن الأمر الآن أصبح أبعد من مسألة اختيار مقر أو مكان الحوار وإنما الأهم الآن هو تحديد مضمون هذا الحوار والمشاركين فيه.. وهو مالم يتضمنه قرار مجلس الجامعة الأخير بشكل محدد وواضح وهو ما يتساءل عنه خلاف.. من الذي سيضع أجندة هذا الحوار؟.. ويكمل قائلا: كان في تقديري أن لجنة الجامعة يجب أن تضع مضامين ومؤشرات محددة لهذا الحوار.. حيث كان يمكن في الإطار الأوسع لمجلس الجامعة علي مستوي وزراء الخارجية أن يضيف بعض الأشياء في قراره في تحديد موضوعات الحوار والهدف منه والنتائج المرجوه.. أو ربما كما اعتبره خلاف من الذكاء الدبلوماسي أن يظل القائمون علي مثل هذه الأمور الدقيقة والشائكة يحرصون علي أن تظل بعض أشياء تحت أيديهم لتكون تحت الفحص والدراسة فقد يكونون في حاجة لمزيد من الوقت لاستكمال التشاور. وحول مدي التزام النظام السوري بتنفيذ بنود المبادرة كما وافق عليها يقول السفير هاني خلاف إن هناك فقرة في القرار تنص علي استمرار انعقاد مجلس الجامعة لمتابعة تنفيذ النظام السوري ما التزم به في القرار الرسمي.. أي أن هناك آلية للمتابعة إلي جانب الآليات التي استحدثت لمراقبة مايجري علي الأرض وهو السماح لمنظمات تابعة للجامعة العربية من الدخول إلي الأراضي السورية والتحقق من الوضع علي الأرض. بما في ذلك الإشارة التي رصدها الشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري أثناء المؤتمر الصحفي عقب اجتماع مجلس الجامعة من رصد مبلغ مالي معين سيصل إلي الجامعة لتغطيات مالية خاصة بعمل هذه المنظمات والشخصيات التي سوف ترشحها الدول الخمس للسفر إلي سوريا لمتابعة الموقف.. بما يعني أن هناك جدية حقيقية في المتابعة في حين إن فشل هذا فسوف يكون هناك موقف عربي جماعي للتعاطي مع الطرف المسئول.. لكن ما أخشاه والحديث لازال لخلاف هل لدي الجامعة آلية لإلزام الجماعات المسلحة داخل سوريا لوقف العنف.. حيث شمل القرار وقف العنف بين جميع الأطراف.. ونوه إلي أنه لابد من معرفة حقيقة هذه الجماعات المسلحة ومن يقودها ومن يقف وراءها ومن يمولها حتي تستطيع الجامعة تحديد مسئولية كل طرف. الحوار ليس هدفا فيما رأي الناشط السوري فداء المجدوب عضو المجلس الوطني السوري بالقاهرة أن الحوار بين النظام السوري والمعارضة ليس هدفا بحد ذاته.. ويري أن النظام في الحقيقة يبحث عن أي وسيلة لكي يطيل الزمن.. وأكد المجدوب أن المصداقية مفقودة في هذا النظام وأنه ليس لديه سوي إطلاق الشعارات منذ عشرات السنين والتي لم يحقق منها سوي عشرات الآلاف من المعتقلين داخل السجون ومزيد من القمع. ويري المجدوب أن المبادرة العربية لاتمثل حلا أو مشروعا سياسيا للوطن السوري .. لكنها مبادرة لحقن الدماء في سوريا ونحن نشكر كل من بذل مجهودا لحقن الدماء في سوريا لكن في النهاية هذه المبادرة ليست مشروعا سياسيا للأزمة السورية.. لذلك نقول للضمير العربي: نحن وكل الشعب السوري أنتم أعطيتم النظام السوري فرصة وراء فرصة وهو يريد أن يستفيد من أي ثغرة لمزيد من قتل الشعب. لكن الشعب السوري والحراك الشعبي هو من يعرف طريقه نحو صناعة مستقبله السياسي، أما الجامعة العربية فقط حاولت قمع إجرام النظام ونحن نشكرها علي ذلك.. والجامعة والمراقبون هم الذين سوف يرون في الأيام المقبلة ويشهدون علي مدي ما تحقق علي الأرض.