رغم مرور أكثر من خمسة عقود علي اغتيال الرئيس الأمريكي السابق "جون كينيدي" إلا أن محاولات فك لغز مقتله عام 1963، ستظل الشغل الشاغل لكثيرين. فبين الحين والآخر تظهر وثائق وتكشف تقارير، تؤكد تعرض كينيدي لمؤامرة ليصبح الرئيس الرابع الذي قتل في دولة مر علي إنشائها أقل من 200 عاماً. وتعد قضية اغتيال الرئيس الخامس والثلاثين للولايات المتحدة، من أكثر القضايا التي أربكت المحققين وطالتها نظريات المؤامرة واكتنفها الغموض في التاريخ الحديث للبلاد، ورغم انتشار الكثير من التفسيرات والتأويلات؛ فحتي يومنا هذا لا يعرف من كان وراء اغتياله. ومن المتوقع أن يتم إزاحة الستار عن معلومات جديدة حول هذه القضية نهاية الشهر الحالي، التي ظلت حبيسة أدراج مكتب التحقيقات الفيدرالي »FBI» ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية »»IA» بموجب القانون الأمريكي، وبات أمر إتاحتها للرأي العام الآن في يد الرئيس "دونالد ترامب" وحده! لا يزال نحو 3600 وثيقة من التحقيقات حبيسة الأرشيف الوطني لا يعلم أحد عنها أي شيء، غير أن "قانون سجلات جون كينيدي" الذي لجأ البنتاجون إلي صيغاته عام 1992، بعد أن تجدد الجدل حول القضية خلال العام ذاته، حيث قضي بعدم إصدار سجلات وملفات محددة وإبقائها سرية لمدة 25 عاماً من إقرار القانون قابلة للتجديد ويحدد ذلك في 26 أكتوبر المقبل. فبموجب القانون، الرئيس الأمريكي هو الشخص الوحيد المخول له حجب أي وثيقة يمكن أن تثير الرأي العام. وعبر حسابه علي موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال ترامب "اعتماداً علي استلامي لمزيد من المعلومات، سأسمح بصفتي رئيساً للولايات المتحدة بفتح ملفات اغتيال كينيدي التي ظلت محظورة لفترة طويلة". وقالت المتحدثة باسم وكالة »»IA» إن مكتبها يواصل الانخراط في عملية تحديد الخطوات القادمة المناسبة فيما يتعلق بأي معلومات لم يتم إطلاقها من قبل الوكالة، خاصة إذا نشرها الرئيس الأمريكي للرأي العام بالفعل غداً الخميس؛ ومن بينها المعلومات التي عرفها محققوا الوكالة عن قاتل الرئيس كينيدي "لي هارفي أوزوالد". وقد تم الإفراج عن الملايين من الوثائق الحكومية حول عملية إطلاق النار خلال السنوات الماضية، بما في ذلك "تقرير لجنة وارن" في الستينيات. وقد تم تكليف اللجنة، التي أنشأها الرئيس "ليندون جونسون"، تحت إدارة رئيس المحكمة العليا آنذاك، "إيرل وارن"، للتحقيق في الظروف المحيطة باغتيال كينيدي. حيث قامت اللجنة خلال عشرة شهور بأخذ شهادة أكثر من 500 شاهد. وقد اتهمت بأنها لم تأخذ علي عاتقها التقصي الكافي والدقيق لاحتمال وجود تآمر. وخلال السبعينيات في القرن الماضي، قامت لجنة خاصة بمجلس النواب بإعادة التحقيق في الأدلة، وتوصلت إلي نتيجة باحتمال وجود مؤامرة لاغتيال كينيدي. وفي هذا الصدد، أشارت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، في تحقيق لها، إلي مصير الوثائق السرية المتعلقة باغتيال كينيدي، لافتة إلي أن الكثير من الباحثين ينتظرون تنفيذ قرار ترامب حول الملفات التي يمكن أن تلقي الضوء علي مأساة أثارت نظريات المؤامرة لعقود. ووفقاً للمجلة الأمريكية، فإن ترامب، ليس غريباً علي نظريات المؤامرة، بما في ذلك نظريات لا أساس لها تماماً حول العلاقة بين والد "تيد كروز" النائب بالحزب الجمهوري، ووفاة كينيدي. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا، "لاري ساباتو"، ومؤلف كتاب عن كينيدي، خلال رسالة عبر البريد الإلكتروني وكالة "أسوشتيد برس" الأمريكية: "يستحق الشعب الأمريكي معرفة الحقائق، أو علي الأقل معرفة ما تخفيه الحكومة عنهم طوال هذه السنوات". وأضاف لاري: "لقد مضي وقت طويل علي هذه المعلومات". وكان قد اغتيل الرئيس جون كينيدي، في 22 نوفمبر 1963 في دالاس، بولاية تكساس، بعد أن مر موكبه بسرعة منخفضة في وسط المدينة، حيث أصيب كينيدي بطلقات نارية قاتلة. ووفقًا للتحقيق، لم تذكر وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي، اللذان يحتفظان بأكبر قدر من ملفات القضية، ما إذا كانوا ناشدوا الرئيس ترامب بأهمية الاحتفاظ بسرية الملفات. ويعتقد ساباتو وغيره من الباحثين أن مجموعة من هذه الملفات السرية قد توفر معلومات حول رحلة القاتل "لي هارفي أوزوالد" إلي مكسيكو سيتي قبل أسابيع من عملية القتل التي زار خلالها السفارتين السوفياتية والكوبية. وكان السبب الذي أدلي به أوزوالد عن ذهابه إلي السفارتين هو للحصول علي تأشيرات تسمح له بالدخول إلي كوبا والاتحاد السوفيتي، وفقاً للجنة وارن، ولكن الكثير عن الرحلة لا يزال مجهولاً. ويوضح "ريكس برادفورد"، رئيس "مؤسسة ماري فيريل"، التي تنشر سجلات الاغتيال، أن هناك العديد من الباحثين يأملون في الاطلاع علي التقرير الكامل عن رحلة "أوزوالد" إلي مكسيكو سيتي. ووفقاً لكتاب "الرجل الذي قتل كينيدي، القضية ضد ليندون جونسون" والذي صدر في أكتوبر 2013 للخبير الاستراتيجي "روجر ستون"، ومساعد الرئيس "ريتشارد نيكسون" وأحد المقربين من دائرة صنع القرار بالكونجرس آنذاك، يتهم الرئيس ليندون جونسون بأنه العقل المدبر لعملية الاغتيال، حيث تولي بنفسه إعداد السيناريو المميت واستأجر من قتلوا كينيدي، ثم سار في جنازته، وجلس علي كرسيه في البيت الأبيض منذ وفاة كينيدي وحتي 1969 بحكم أنه كان نائبه. وفي كتابه، يوضح ستون، الذي كان في مجلس النواب وقتها، أن جونسون تدخل شخصياً ليعيد بنفسه رسم مسار الموكب، الذي أعد للرئيس كينيدي خلال زيارته دالاس. وكان ما عدله أن يمر الموكب بمنطقة "ديلي بلاتزا" رغم أن جولة كينيدي شملت أيضاً زيارته أوستن وهيوستن، وفي تنسيق كامل مع حاكم تكساس وقتها "جون كونولي"، رسم بدقة مسار موكب كينيدي، بحيث يمر بمنطقة "ديلي بلاتزا"، وهذا هو الموقع الذي اغتيل فيه الرئيس، بعدما أطلق عليه "أوزوالد" الرصاص من بندقية قناصة من مبني كان مخزناً للكتب، الموجود بتلك المنطقة. ويقول المؤلف إن جونسون، ونيكسون، كانت تربطهما علاقات، تثبتها وثائق عدة، باليهودي "أوزوالد"، وكذلك كان علي علاقة ب "جاك روبي" الذي قتل أوزوالد حتي لا يكشف المؤامرة. ويضيف أن هذه العلاقة بين الرجلين، اللذين صار كل منهما رئيساً للولايات المتحدة، وقاتل أوزوالد تعود إلي سنوات طويلة قبل تلك الأحداث الشهيرة. ووفقاً للأدلة فإن جونسون كان علي علاقة مع روبي منذ عام 1947عندما كان نائباً بالكونجرس، وطلب من نيكسون والذي كان نائباً أيضاً أن يعمل علي توظيف روبي في مجلس النواب. فالاسم الحقيقي لروبي هو "جاكوب ليون روبنشتاين"، الذي انتقل من مسقط رأسه شيكاغو إلي دالاس في 1947. وقد توفي روبي بالانسداد الرئوي في يناير عام 1967، بعد أقل من أربع سنوات علي مقتله ل"أوزوالد" حتي لا يعلم أحد سر عملية مقتل كينيدي.