معلمو الأزهر يقطعون طريق صلاح سالم ، وعمال النقل العام يغلقون طريق قصر العيني بالأتوبيسات بخلاف حزمة طويلة من الاحتجاجات والاعتصامات التي تغطي كافة أنحاء مصر ، هل هذه هي الحرية ؟ مع تقديري الكامل للحقوق المشروعة لكل المحرومين و المتضررين من الفساد والقهر والظلم ، لكن حرية الإنسان يجب أن تقف عند حدود عدم الإضرار بالآخرين ، والحرية لا يمكن أن تتحول إلي قطع الطرق ، وتهديد مصالح الآخرين ، قطع الطرق أسلوب العصابات الإجرامية والخارجين علي القانون وليس أصحاب الحقوق المشروعة ، زمان في عصور الظلام كان قطع الطرق وسيلة المجرمين لترويع الآمنين والاستيلاء علي مقتنياتهم ، كيف أصبح هذا الأسلوب وسيلة ابتزاز شبه يومية ، يتحول خلالها الآمنون إلي رهائن في الطرقات ، أو دروع بشرية يستخدمها المحتجون للضغط علي صانعي القرار ، أيهما يتحمل مسئولية هذه الجريمة شبه اليومية ، المحتجون الذين تحولوا إلي قطاع طرق ، أم الدولة التي تعاملت مع هذا السلوك برعونة منذ سنوات ، وبالتحديد عندما كانت الجموع الغاضبة من سكان القري الواقعة علي طريق القاهرةالإسكندرية تقطع الطريق الزراعي كلما تعرض أحدهم لحادث أثناء عبوره الطريق ، وبدلا من عقاب المسئولين عن قطع الطريق وتدمير سيارات المارة ، يدخل المسئولون معهم في جولات مفاوضات لتهدئة خواطرهم ، وإقامة الكباري العلوية والمطبات الصناعية ، كانت الدولة تعالج أخطاءها من خلال ردود الأفعال ، لاتبادر برصد المشاكل ووضع الحلول ، لكنها تنتظر حتي تحدث المصيبة ، ثم تبدأ العلاج ، وعندما قامت الثورة تساهلت الدولة أكثر ، مما شجع المعترضين علي قطع طرق السكك الحديدية ، واستباحة جميع شوارع المدن المصرية ، أمام كل من يرغب في الاحتجاج علي أي شيء ، الظاهرة تتكاثر وتتعاظم ولا تجد الردع الكافي ، مما يهدد بترسيخ ثقافة قطاع الطرق ، أتصور أن القضية تحتاج لصناعة رأي عام جديد ، يشارك في تأكيد ملامحه المدارس والجامعات ودور العبادة الإسلامية والمسيحية والأحزاب ووسائل الإعلام ، رأي عام يشجع علي حرية التعبير والاحتجاج ، بشرط عدم الاعتداء علي حرية الآخرين ، راي عام يجرم كل من يلجأ لقطع طريق ، مهما كانت مطالبه المشروعة ، ويضغط في اتجاه إصدار تشريع ، يساوي بين كل من يقطع طريقا واللصوص ، كلاهما لايستحق الشفقة ، اللص الذي يعتدي علي حرمة الناس ، وقاطع الطريق الذي يتصور أن حقه وحريته تساوي حرمان الآخرين من حقوقهم في عبور الطرق بأمان.