فاكرين " ياشعب قوم داهية تسمك ، عصابة بتمص في دمك " .. من أيام الجامعة وصوت الشيخ إمام مع العود له مفعول السحر في نفسي ، كلما ضاقت واستحكمت حلقات الظلم والاستبداد من كل هلفوت ركب السلطة بعد جوع ، أو بعد ركوع لأجهزة الأمن ..أو اتسعت الفجوة مابين البشر وزاد سكان القبور .. أو تمادت حاشية السلطان في اغتصاب الغنائم .. أرتدي أجنحة كلماته وأحلق من جديد .. كلمات إمام البسيطة صواريخ أرض جو لها مفعول بمب العيد، تفجر ضحكات طفولتنا .. ضحكات الانتصار البريء وإثبات الوجود ..واستعيد بها إيماني باقتراب الثورة .. ذكرني قارئ يحلم مثلنا بحياة كريمة ، بمطلع القصيدة العبقرية " ياشعب قوم داهية تسمك ، عصابة بتمص في دمك ".. وأهديها لكل سواق اتوبيس من الآلاف الذين واصلوا إضرابهم عن العمل اسبوعين ، وأصروا علي عدم فض الاعتصام الا بعد تحقيق مطالبهم. مطالب عمال النقل تمثل الحد الأدني للحياة الكريمة ، لأفراد يتحملون مشقة مسئولية خدمة وحماية أمن وسلامة ملايين المواطنين الكادحين في مصر المنهوبة .. مطالبهم صرف الزي الرسمي، والحوافز ، والرعاية الصحية ، وسرعة تسوية التأمينات الاجتماعية ، وصرف مئة شهر مكافأة نهاية خدمة .. وتحسين أوضاع الهيئة . هذه الطلبات تذكرني بمشهد ظاهره الرحمة وباطنه الإهانة ، وهو مشهد اتوبيسات الهيئة الراكنة بجوار موائد الرحمن في رمضان .. والمفروض أن تتكفل الهيئة بتوفير وجبات لكل سائق وكمساري احتراما وتقديرا لخدمتهم .. كالوجبات التي كانت توزعها وزارة الداخلية علي جيوش الضباط والمجندين الملطوعين من الفجر للضهر ، في قرف انتظار هلال مواكب الرئيس النائم. سواق الاتوبيس هو قائد خادم عظيم، مسئول عن أرواح الحشود المحشورة في اتوبيسه ركابا ونشالين ومتسلقين ، والمنفلتة بتوهان أو غضب في شوارع مختنقة متربة متهالكة .. يتلوي للنجاة من هجوم مطاردات الميكروباصات ، ويتحايل لتنفيذ عدد دوراته اليومية وسط اختناق مروري مزمن .. ومطلوب منه الهدوء والأدب والإنسانية والإنقاذ والإغاثة .. وحتي عندما استوردت الهيئة أتوبيسات مكيفة مغلقة الأبواب ، تسلمتها الصيانة العاجزة .. وانضمت الأتوبيسات الحمرا المفرحة للقافلة المفتوحة الأبواب والنوافذ .. لتضاعف أمراض الصدر والتسمم الرئوي بالتراب والعادم الذي يغلف الأرض والسماء .. وماهو المقابل المادي والمعنوي؟ كيف ينام الوزير المسئول والحكومة كلها والسائق مرتبه خمسمائة جنيه لا تغطي تكاليف وجبة فول وطعمية مرة في اليوم !!. كيف يجرؤ الوزير المسئول عن كفالة حياة كريمة لهم ، ومواصلات آمنة للشعب ..أن يطالبهم بفض الإضراب والعودة للعمل أولا كشرط لرفع الأجور؟.. ياسيادة الوزير الشعب متعاطف مع عمال النقل .. ومسئوليتك هي سرعة إدارة الأزمة بما يرضي الطرفين ..وإلا فانسحب لأن الثورة قامت في قطاع النقل العام .. والثورة لن تقبل إلا بالتغيير، وفورا . أما وعودك لممثلي العاملين ورئيسي النقابة العامة والمستقلة باحتساب أسبوعي الإضراب أيام عمل ، فهي مساومة الفشل والعجز، وهي مخالفة قانونية واعتراف بحق العمال في الإضراب ، ودليل إدانة وسوء إدارة وظلم يستحق التعويض بعد الإصلاح . قبل اندلاع الثورة استقبل رصيف مجلس الشعب المنحل غصبا عنه ، وفودا غاضبة من مختلف قطاعات الشعب المنهوب المطحون .. تحاول إيقاظ ضمائر أعضاء المجلس التي كممها وسممها الصراع علي المكاسب الشخصية ، بقيادة ترزي قوانين لايري ولا يسمع ولا يتكلم إلا بما يبهج السلطان ويطربه ، فاستحق مصيره .. فلم يأخذ أي مظلوم ، بعد بهدلة ونوم علي الرصيف وجزاءات ومطاردة أمن ، إلا وعودا كاذبة بفجاجة ، ألهبت الغضب. لهذا قامت الثورة ، وعلي كل مسئول عاجز عن الاستيعاب ، أو متعين وزير لأنه الوحيد اللي قبل الوزارة ، أو متعلم في مدارس الحكومة ومتعالج في مستشفياتها ، أو بطيء التفكير والتدبير .. أن يترك مكانه فورا .. لأن الحلول والبدائل كثيرة ولا تحتاج عبقرية .. فقط تحتاج لعقول شابة أكثر علما وشجاعة ووطنية وانسانية .. الثورة قامت ياحكومة ..والكلام لكل مسئول مفتري وعاجز ، عينته الحكومة المنحلة ولسه قاعد علي الكرسي بكل تلامة وتناحة وبيمص دمنا في الخباثة ، شايفينك والله !!.. وياشعب اسمع الكلام وخليك قايم .. وأرفض أن فلول العصابة تمص في دمك .. وداهية تسم اللي يمسك .