من يتأمل سيرة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان، يكتشف الكثير من المنهج النبوي في تربية الصحابة علي نهج الرسالة المحمدية والنهج النبوي، في كتمان السر وصدق الإخلاص والتضحية من أجل رسالة يؤمن الإنسان بعدالتها، فالرجل ضحي بالكثير في سبيل الإسلام، وكان علي العهد به محبا لرسول الله صلي الله عليه وسلم، حافظا لسره، حتي عُرِف بحافظ سر رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فياله من تكريم حظي به ابن اليمان. هو الصحابي بن الصحابي حذيفة بن اليمان بن عمرو بن ربيعة الغطفاني، سكن والده وهو مكي الأصل يثرب وصاهر أهلها، وفي يثرب وُلِد حذيفة، وعندما جهر رسول الله صلي الله عليه وسلم بالدعوة، ذهب اليمان إلي مكة مع وفد من أهل يثرب حيث أعلنوا جميعا الإسلام، فيما أسلم حذيفة قبل أن يري النبي، وعندما هاجر الأخير إلي يثرب، جاء حذيفة وسأله: هل يحسب بين صفوف المهاجرين لأصول والده المكية، أم من الأنصار لأصول أمه اليثربية، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنت ياحذيفة من المهاجرين والأنصار. شارك حذيفة وأبوه في غزوة أحد، وأثناء القتال، نظر حذيفة إلي أبيه فرآه وبعض المسلمين يهاجمونه ظناً منهم أنه من المشركين، فنادي: "أي عباد الله، أبي". فلم يفهموا قوله وقتلوا الصحابي اليمان، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم، فقال حذيفة: يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين، واستمر في مقاتلة المشركين حتي انتهت المعركة، فلما علم رسول الله بالأمر أمر بالدية عن اليمان، لكن حذيفة قرر التصدق بها علي المسلمين، فزاد تقدير رسول الله وقربه إليه. كان حذيفة من المقربين من رسول الله صلي الله عليه وسلم ، إذ ائتمنه الأخير علي أسراره وكان يسر له ببعض الأمور التي يجتهد حذيفة في إخفاء أمرها فلا يعلم من أحد ما قاله له رسول الله صلي الله عليه وسلم ، حتي أن الأخير أسر له بأسماء المنافقين المحيطين بهم في المدينةالمنورة، الذين أعلمه بهم جبريل عليه السلام. ولما تولي الفاروق عمر رضي الله عنه الخلافة، كان إذا مات الرجل ممن يظن عمر أنه من أولئك الرهط المنافقين، الذين أبلغ عنهم النبي حذيفة، أخذ بيده فقاده، فإن مشي معه صلي عليه، وإن انتزع حذيفة يده أبي أن يمشي، وانصرف عنه، ويأمر من يصلي عليه، وكان عمر يسأل حذيفة: أفي عمالي منافق؟ قال: نعم، قال عمر: من؟ فقال حذيفة: لا أخبرك! فحصل ذات يوم أن تجادل عمر مع أحد عماله فطرده، فعلم بعدها أنه المنافق الذي حذره منه حذيفة، الذي فضل العزلة في أخريات أيامه حتي لقي ربه في العام 36 ه/656م.