يأتي رمضان هذا العام حاملاً معه بزوغ ثورة يناير الذكية. رغم الأجواء المتوثرة التي يعيشها المصريون مع ترقب ما ستحمله الأيام المقبلة لمصر ، يأتي شهر الصوم يرسم ملامح ثورة من نوع مغاير... ثورة علي الشهوات والملذات ورغبة جامعة في وحدة الصف والتقرب إلي الله في هذا الظرف التاريخي الفارق من عمر مصرنا المحروسة. الدكتور سعيد عبد العظيم أستاذ الطب النفسي قائلا رمضان شهر له خصوصية عند المصريين بشكل عام وعند المسلمين بشكل خاص وله طقوس خاصة يحترمها المصريون ويقومو آبها كل عام بينما هذا العام وبعد ثورة 25 يناير التي أطاحت بكل ما هو فاسد بالمجتمع المصري ، أجد كطبيب نفسي أن الإفطار الجماعي لمحة جيدة جدا تزيد عمق أواصر المحبة بين قطبي الأمة ..وتجعل رمضان هذا العام مميزا لكل المواطنين بمختلف القطاعات والفئات خاصة الذين فقدوا ذويهم في هذه الثورة بالإضافة إلي التأثير الإيجابي للعبادة والروحانيات التي تميز هذا الشهر الكريم علي النفس البشرية حيث تبعث علي الاطمئنان والشعور بالسعادة والراحة النفسية لمجرد تخلص المواطن من شعور الظلم والقهر في النظام السابق .. واعتقد أن شعور النصر مع قدوم هذا الشهر الكريم يعيد للقلوب صفاءها وللنفوس أشراقها وللضمائر نقاءها بل وسيقلل من الإصابة بالامراض النفسية التي تأتي نتيجة الكبت والضغوط الحياتية التي كان يعيشها المواطن المصري ..لذا فنحن نحتاج في هذه الآونة إلي " الحزم السياسي" في قرارات المسئولين الحالين لضبط الأمن والأمان بالشارع المصري لكي نحيا جميعا ليالي شهر رمضان الكريم بخير وسعادة هدوء نفسي . تطلعات اجتماعية مشروعة وعن الرؤية السياسية المتوقعة للأوضاع في رمضان بعد الثورة يتوقعها الدكتور جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان أن الشعوب دائما ما تكون في حاجة ملحة لمن يبلور الأفكار ويعمل علي تعبئة الجماهير وإبراز التطلعات الاجتماعية ويصوغ أولويات اللحظة ويشحذ الهمم ويحول دون الارتداد السياسي والانتكاس الحضاري ويدفع نحو بلوغ ذروة النهج الديمقراطي حتي تصبح الحرية هي الميثاق والمبدأ والقيمة والمعني الأسمي. فبموضوعية صارمة يمكن لكافة التحولات والتغيرات داخل المجتمع المصري و السياسات البالية يمكن أن تقود النظام إلي مأزق النهاية في ظل ثورة عارمة يصعب ويحال التحكم في مقدراتها التي سوف تكتب سطورا ناصعة لتاريخ جديد يعصم مصر من عوارض فترة قاتمة كان يمكن لو استمرت أن تبدد آمال المستقبل وتنسفها. فالشعب قام بالثورة لأجل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، فالحرية تحققت بالإطاحة بالنظام الفاسد بينما العدالة الاجتماعية لم تتحقق لكل المواطنين في كل المستويات . مناخ حرية جديد بينما يعتقد الدكتور عمرو هاشم ربيع الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن شهر رمضان يعبر عن مرحلة ذات مذاق خاص لكونها متأثرة بمناخ الانتخابات القادمة وتأثر هذه الانتخابات بالقضايا المجتمعية بالمجتمع المصري.. ففي تقديري ستكون الحقبة القادمة حقبة مميزة عن حقبة مبارك السابقة ولكن أزعم أن سلوكيات الناس لن تتغير في يوم وليلة فمازال هناك بعض الممارسات الخاطئة في الشوارع وداخل المصالح الحكومية فالتغيير المطلوب سيأتي تدريجيا لأن مناخ الحرية الذي يشعر به المواطن المصري حاليا لا تراجع فيه وإذا كان مرتبطاً بما قبل فسيقوم رمضان وهو شهر العبادة بنشر السلوكيات الرمضانية المميزة ..بينما تغيير جذري وفجأة لا اعتقد أن يحدث بسهولة وسرعة حتي وان وجدت ثورة . العمل لأجل الإنتاج ويتفق معه محمد عبد الشافي رئيس قطاع أخبار الإذاعة في أن الثورة نشرت مناخاً من الحرية كان يفتقدها الشعب منذ فترة طويلة علي مدي العقود السابقة ، لذا فشهر رمضان فرصة للعمل وزيادة الإنتاجية للحفاظ علي مكتسبات الثورة والانتهاء من كل المظاهر السلبية التي كانت موجودة والتي يحاول بعض الفاسدين أن يربطوا بين الثورة والبلطجية والانفلات الأمني .. وبشأن قطاع أخبار الإذاعة يؤكد عبد الشافي أن هناك تغييراً في البرامج لمواكبة الحراك السياسي والاجتماعي بالمجتمع فعندما نتكلم عن الحرية لابد أن تكون حرية بمسئولية مع مزيد من الالتزام والعمل بجد كل منا في مجاله لرفعة شأن هذا البلد . نمط الحياة الاجتماعية بمصر لم يتغير ، نفس السلوكيات مكررة فمصر بعد الثورة نسخة معادة من مصر قبل الثورة هكذا بدأت كلامها الدكتورة نادية رضوان أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس .. إن الثورة لم تقم بعمل غسيل مخ للمواطنين فقد مر علي الثورة اكثر من 6 أشهر ولم نقم بما هو مطلوب أن نفعله فلابد أن نعي أن بعد الهدم يأتي البناء وهذا البناء يحتاج جهوداً مضاعفة لأفراد يهمهم مصلحة هذا البلد. ولكن ما اراه حاليا ركوداً وعدم تغير في أي وضع علي كل المستويات ، فلا أحد يشعر بتغير في رمضان إلا أهالي الشهداء الذين سيقضون رمضان حزنا وألما يوجع صدورهم علي ابنائهم وذويهم خاصة أنهم مازالوا يشعرون أن دم أبنائهم ذهب هباء إلي أن يحكم القضاء ويعطي كل ذي حق حقه .. الحياة ليست وردية! لذا نحن نحتاج إلي زيادة في الوعي بالأمور والأجواء المحيطة بنا لأن ما عايشناه خلال السنوات الماضية ترك لدينا ميراثاً اجتماعيا لن يتغير في مدة 5 أو 6 أشهر بل إذا حدث التغيير في المجتمع خلال 5 أو 6 سنوات قادمة فهذا يكون إنجازاً لأن الثقافة المجتمعية هي هيكل إنساني يحتاج لبذل جهد لتنمية الفكر والفهم والاستيعاب للواقع الاجتماعي والذي يستغرق وفقا للطبيعة البشرية وقتا طويلا ولابد أن يعي كل مسئول حالي وكل مسئول آتي أننا لن نسمح او نقبل بتزويق الأمور وتغمية الأعين عن الحقائق بالمجتمع ، فالحياة ليست وردية بل تحتاج لجهد لرقي المجتمع من الانحدار والانهيار.