عندما يعلن الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته الجديدة إرضاء لمطالب ثوار التحرير المستمرة بتكوين حكومة وطنية لا ينتمي أي من أعضائها للنظام البائد، فمن المؤكد أن الحكومة الجديدة ستشهد إشهار الكارت الأحمر "سياسياً" لعدد من الوزراء الحاليين الموصومين بانتمائهم للنظام السابق وللحزب الوطني، وعلي رأس هؤلاء الوزراء يأتي الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة، والدكتور أشرف حاتم وزير الصحة، والدكتور أيمن أبوحديد وزير الزراعة، والدكتور زاهي حواس وزير الآثار، والدكتور سمير الصياد وزير التجارة والصناعة، والدكتور سمير رضوان وزير المالية، واللواء سيد مشعل وزير الإنتاج الحربي، وفايزة أبوالنجا وزير الدولة للتخطيط والتعاون الدولي، والمهندس ماجد جورج وزير البيئة، والدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات، والدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب، والمهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، كل هؤلاء في حكم المستبعدين من اختيارات الحكومة الجديدة، باعتبارهم من فلول الحزب الوطني المنحل. الآن فقط اكتشف رئيس الوزراء أن كل هؤلاء الوزراء الموجودين معه من بقايا النظام البائد ويجب التخلص منهم، ولكن ما لا يضعه رئيس الوزراء في حساباته أن الوزراء فقط ليسوا هم كل الفلول، وعزل هؤلاء الوزراء من الحكومة لا يعني القضاء علي بقايا النظام البائد في كل الوزارات فأعضاء الوطني الذين يتجاوز أعدادهم ال2 مليون منتشرون في كل ربوع وجنبات المصالح الحكومية والشركات والمؤسسات والجامعات والوزارات نفسها، أي أن تغيير وزير بعينه أو حتي تغيير رئيس الوزراء نفسه لن يفلح في القضاء علي الفلول بصورة نهائية. في السطور التالية نضع تصورا بسيطا عن مدي تواجد أعضاء الحزب الوطني داخل المواقع القيادية وأغلب المصالح الحكومية، في حكومة شرف، لنفتح الباب مجدداً للنقاش حول جدوي العزل السياسي لأعضاء الحزب الوطني. فعلي سبيل المثال لا الحصر وفي القطاع المصرفي لا يزال يشغل محمد بركات منصب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، ومحمد كفافي الرئيس التنفيذي لبنك القاهرة، وهشام حسن رئيس البنك المصري لتنمية الصادرات، وطارق عامر رئيس البنك الأهلي المصري، والرباعي من الأعضاء البارزين في الحزب الوطني وشغلوا مناصبهم خلال تواجد النظام البائد. أما داخل النقابات وبخلاف نقابة الصيادلة التي جرت انتخاباتها مؤخراً، فلا يزال حمدي خليفة نقيباً للمحامين رغم أنه كان مرشح الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشوري المزورة الأخيرة، وكذلك عبد المحسن سلامة وكيل نقابة الصحفيين مرشح الحزب الوطني في انتخابات مجلس الشعب، ومن قبله النقيب مكرم محمد أحمد، والمندوه الحسيني رئيس جمعية أصحاب المدارس، وشفيق بغدادي رئيس مجلس أمناء مدينة 6 أكتوبر، ونائب رئيس اتحاد الصناعات المصرية، والذي كان عضواً بأمانة السياسات بالحزب الوطني، وأميناً لقطاع الأعمال بأمانة الحزب الوطني بالقاهرة، ومحمد فريد خميس رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين. أما علي صعيد قطاع الأعمال والتجارة والصناعة، فلا يزال الجميع يتذكر الدور الذي لعبه إبراهيم محلب رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب، وكان وقتها أميناً للمهنين بالحزب الوطني بالقاهرة في إعادة ترميم مجلس الشوري بعد حريقه ونال بعدها مكافأة التعيين في المجلس، الغريب أن محلب الآن يهاجم بشدة الحزب الوطني وينتقد النظام السابق، هناك أيضاً الدكتور جمال السعيد رئيس مجلس إدارة شركة مصر لإدارة الأصول العقارية والذي كان يشغل موقع الأمين المساعد وأمين التنظيم للحزب الوطني بالقاهرة، ورجل الأعمال علي موسي رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة وكان عضو هيئة مكتب الحزب الوطني بالقاهرة. وفي مجالات الشباب والرياضة وبخلاف المهندس حسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، والدكتور صفي الدين خربوش رئيس المجلس القومي للشباب، لا يزال سمير زاهر يشغل موقع رئيس اتحاد الكرة، وهاني أبو ريدة يشغل منصب نائب رئيس اتحاد الكرة، ومجدي عبد الغني عضواً بالاتحاد ورئيساً لجمعية اللاعبين المحترفين، وكلهم بالإضافة للنائب السابق للاتحاد أحمد شوبير كانوا دائمي الحرص علي حضور مؤتمرات الحزب، والمشاركة في فعالياته الرياضية، خاصة الدورة الرمضانية التي كانت تنظمها أمانة الشباب برئاسة محمد هيبة أمين شباب الحزب المنحل كل عام علي ملاعب بتروسبورت بمباركة من وزير البترول السابق سامح فهمي، وشقيقه هادي فهمي، علاوة علي التواجد المستمر لهؤلاء داخل أمانة شباب الحزب الوطني بعابدين من أجل المشاركة في الحفلات والندوات التي كان يقيمها الحزب بحضور جمال مبارك وصفوت الشريف. الأشد خطرا أشد أنواع الفلول خطراً هم المتواجدون داخل الجامعات فهؤلاء يتدرجون في المواقع القيادية بداية من رئيس جامعة، وحتي أصغر أستاذ جامعي، ومنهم علي سبيل المثال لا الحصر الدكتور عباس محمد منصور رئيس جامعة جنوبالوادي، والدكتور محمد الزغبي رئيس جامعة قناة السويس والذي كان مرشح الحزب الوطني في الانتخابات الأخيرة، والدكتور محمود الطيب رئيس جامعة حلوان الذي كان عضواً بهيئة مكتب أمانة الحزب الوطني بالقاهرة، والدكتورة محبات أبو عميرة عميدة كلية البنات بجامعة عين شمس والتي كانت أمينة للمرأة بالحزب الوطني بالقاهرة. أيضاً هناك الدكتورة سهير عبدالسلام رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب بجامعة حلوان وكانت عضواً بهيئة مكتب الحزب بالقاهرة، والدكتور علي شمس الدين نائب رئيس جامعة بنها، وأنيسة محفوظ خليل إبراهيم مدير مركز القناة للتحكيم الدولي ومقرر اللجنة القانونية لمجلس الوحدة الاقتصادية بالاتحاد العربي لحماية البيئة بجامعة الدول العربية وكانت مرشحة الحزب في الانتخابات الماضية، والدكتور رشاد عبداللطيف الأستاذ بكلية الخدمة الاجتماعية وكان عميداً لها، وعصام الدين أحمد أمين مساعد الحزب بالوايلي ومدير عام العلاقات العامة بالجامعة العمالية. هناك أيضاً اللواء أبو بكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وكان أمين الحزب الوطني بمدينة نصر وعضو هيئة مكتب الحزب الوطني بالقاهرة، ورئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للأدوية الدكتور محمد جلال غراب عضو مجلس الشوري، والدكتور مجدي حسن رئيس شركة أدوية وأحد أعضاء الحزب البارزين بالزيتون، والدكتور حمدي مناع مدير عام مستشفي الخازندار العام، والشيخ شوقي عبد اللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف وكان مرشح الحزب الوطني عن محافظة 6 أكتوبر. كذلك هناك عبدالقوي خليفة محافظ القاهرة، واللواء مصطفي السيد محافظ أسوان، واللواء أحمد زكي عابدين محافظ كفر الشيخ، وسمير سلام محافظ المنيا، وهشام الكاشف رئيس مركز ومدينة الخانكة بمحافظة القليوبية والذي كان يشغل أمين تنظيم بأمانة القاهرة، وصباح سالم وكيل أول وزارة التنمية المحلية لشئون المالية والإدارية، وعزت عطية رئيس مدينة الوراق الجديد، وهشام عبد الرحمن المدير التنفيذي لمراكز المعلومات، وحمدي إبراهيم وكيل وزارة التنمية المحلية للشئون المالية والإدارية، وهناء عبد العزيز سكرتير عام محافظة الفيوم، والإعلامي عادل المصري أمين الحزب الوطني بالساحل. تلك نماذج فقط من بقايا النظام البائد وفلول الحزب الوطني التي لا تزال تشغل مواقع قيادية مؤثرة داخل الحكومة، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول جدوي التغييرات الوزارية المرتقبة في ظل وجود هذا الكم الهائل منهم. الثورة المضادة الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية عضو مجلس الشعب السابق يري ضرورة استبعاد جميع رموز الحزب الوطني المنحل والذين يشغلون مناصب قيادية بكافة الوزارات المختلفة، وعدم إسناد أي مناصب لهم حتي لو كانت استشارية، لافتاً إلي أن مسألة استبعادهم لن تمثل أي أزمة، مؤكداً أنهم يلعبون دوراً خطيراً في تشكيل الثورة المضادة نتيجة لأن دماء الثأر تجري في عروقهم. أضاف: أن هناك بعض الوزارات تعد بمثابة معاقل لرموز الحزب الوطني المنحل والذين يتقاضون عشرات الآلاف شهرياً، ويشغلون مناصب قيادية بالوزارات ويعملون علي تعطيل خطط التنمية بها. فيما أشار عصام الإسلامبولي المحامي والفقيه الدستوري أن الثوار غير ممثلين في السلطة وهذا يمثل عجزاً كبيراً وعدم وجود رؤية حقيقية للثورة، لافتاً إلي ضرورة تطهير جميع مؤسسات الدولة من رموز النظام السابق بدءاً من رئيس الوزراء إلي أصغر موظف بالحي حتي لا يوجد لأي مسئول حالي ولاء للنظام السابق، مشيراً إلي أن الاستغناء عن رموز النظام السابق لن يمثل مشكلة نتيجة لأنهم يتعاملون بمنطق الروتين، مشيراً إلي أن الشعب به العديد من الكفاءات ولن تقف علي أحد. إقصاء بالانتخابات بينما قال حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع أنه عقب أي ثورة مباشرة كان يتم عزل قيادات العمل السياسي وأعضاء البرلمان ورؤساء الأحزاب السياسية وجميع المنتمين إلي الحزب الحاكم في الفترة المنصرمة، لكنه كان ضد تطبيق هذه القاعدة عقب ثورة يناير، لأن قرار العزل يجب أن يكون من خلال الشعب المصري علي أن تخوض الأحزاب والقوي السياسية المعركة الانتخابية، ويترك الأمر لوعي الناخب المصري، وأن تكون المعركة هي إسقاط رموز الحزب الوطني من خلال الانتخابات سواء في مجلسي الشعب أو الشوري أو الانتخابات النقابية. وشدد عبدالرازق علي رفضه لمبدأ الإقصاء السياسي دون قانون، ومشيراً إلي أنه علي الذين أفسدوا الحياة السياسية أن يعاقبوا ولكن من خلال القانون القائم وعلي من ثبت تورطه في جرائم مشينة. فيما قال جورج إسحق المنسق الأسبق لحركة كفاية أنه من الضروري تطبيق قرار العزل السياسي علي كل من أسهم في إفساد الحياة السياسية، علي ألا يتم قبوله مرة أخري لتعوده علي الفساد والإفساد، مشيراً إلي أن الادعاء السابق بوجود ثلاثة ملايين عضو بالحزب الوطني واختفائهم المريب يؤكد أنهم كانوا يلوذون بالحزب الوطني لحماية وتمرير مصالحهم وعلي برجماتيتهم، وطالب بأن تعطي الأحزاب والقوي السياسية درساً لجميع بقايا الحزب الوطني بإسقاطهم في الانتخابات ومحاربتهم سياسياً. أما المستشار هشام البسطويسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية فأكد أنه يخشي علي الثورة من الأعضاء المنتمين للحزب الوطني، والذين يستعدون لخوض الانتخابات القادمة، ولا يزال الكثيرون منهم يشغلون مواقع قيادية في العديد من الجهات. وقال لابد أن يصدر المجلس العسكري قانونا بالعزل السياسي لمدة خمس سنوات لكل من ينتمون للحزب الوطني المنحل، وترفع أسماؤهم من الجداول الانتخابية، بحيث لا يكون لهم حق الترشيح أو التصويت، وهذا من وجهه نظري أهم شيء لتأمين الثورة، فهم مازال لديهم أمل في العودة مرة أخري من خلال الانتخابات القادمة، وهذا خطر جداً في ضوء أن الانتخابات تجري في سبتمبر أو أكتوبر، والقوي السياسية الأخري غير مستعدة، أما بالنسبة لهم فهم منظمون ومدربون علي التزوير والبلطجة والرشوة واستخدام المال كسلاح في الانتخابات والتأثير عليها.