استجابت وزارة الداخلية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي أجهزة الدولة لإيجاد حلول لمواجهة المشكلة المرورية، وأعدت رؤية قانونية جديدة لقانون المرور بدلاً من عمل تعديلات يسميها البعض »ترقيعاً للقانون»،ونظمت ندوة بأكاديمية الشرطة تحت رعاية وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار، انتهت إلي حزمة توصيات مهمة سترفعها إلي رئاسة مجلس الوزراء لاتخاذ اللازم. »آخرساعة» تلقي الضوء علي هذه التوصيات والرؤية القانونية التي أعدتها الوزارة لقانون المرور الجديد. أكد مساعد وزير الداخلية لقطاع الإعلام والعلاقات اللواء طارق عطية أنه من منطلق اهتمام الدولة بمشكلة المرور لما لها من مردود علي حياة المواطنين وأثر مباشر علي انضباط إيقاع المجتمع فقد وجه وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار بوضع استراتيجية متكاملة وخطة عمل شاملة ومدروسة للتعامل معها، حيث تم البدء بهذه الندوة التي اخترنا لها شعار »المرور مسئولية الجميع»، وقمنا بدعوة الخبراء والمتخصصين للوصول إلي مقترحات وتوصيات قابلة للتنفيذ علي أرض الواقع . وكشف اللواء عطية أن وزير الداخلية وجه بسرعة دراسة إنشاء الوزارة لإذاعة متخصصة في المرور خلال عام 2017، ومن المتوقع أن تحمل اسم »مرور إف إم»، موضحاً أن وزارة الداخلية بصدد تقديم مشروع قانون جديد للمرور إلي الحكومة، موضحاً أنه تم استحداث سيارة مزودة بكاميرات تقوم برصد المخالفات المرورية وتحديد هوية السيارات علي الطرق تسمي »سيارة الرصد الإلكتروني». يكشف مدير الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة الداخلية اللواء دكتور أحمد المصري الملامح الرئيسية لقانون المرور الجديد قائلاً: تركزت أهم ملامح القانون الجاري إعداده في أنه شدد في شروط الحصول علي تراخيص القيادة إلزام طالب الترخيص باجتياز دورة تأهيلية قبل الحصول علي الرخصة، وأخذ نظام مشروع القانون ولأول مرة في مصر بنظام النقاط الإلكترونية والذي بموجبه سيتم خصم عدد من النقاط علي رخصة القيادة بحسب نوع وطبيعة كل مخالفة، فإذا استنفدت الرخصة رصيدها من النقاط أصبحت غير صالحة للاستعمال دون حاجة إلي سحبها، كما سيتم أيضاً لأول مرة رصد المخالفات إلكترونياً من خلال شبكة معلومات متكاملة تسجل المخالفة بجانب التسجيل اليدوي في الأماكن التي لن توضع بها كاميرات المراقبة. ويضيف اللواء المصري: كما استحدث المشروع نصاً يلزم كل من يتقدم للحصول علي رخصة قيادة بتحرير إقرار برضائه للخضوع للكشف الطبي عن المواد المخدرة وتضمن أيضاً أحكاماً وجوبية لإخضاع سائقي أتوبيسات المدارس والرحلات للكشف عن تعاطيهم المواد المخدرة من عدمه. وعن أساليب الردع في المخالفات المرورية يشير اللواء المصري إلي أن مشروع القانون تضمن ثلاثة أساليب، الأول يتمثل في الضبط الإداري بخصم نقاط من رخص القيادة والثاني فرض عدد من التدابير في بعض المخالفات ومن أمثلة تلك التدابير حظر السير علي الطرق السريعة لمدة محدودة والالتحاق بفرق تأهيلية للقيادة الآمنة أما الثالث فيتمثل في عقوبات جنائية تتراوح بين الحبس والغرامة حسب جسامة المخالفة، حيث روعي التدرج في العقوبات بما في ذلك عقوبة السير بسرعة تزيد عن المقرر حيث ستكون العقوبة بحسب نسبة السرعة الزائدة، كما أناط القانون الجديد بالمحافظين إصدار التراخيص لمركبات النقل غير الآلية (الحنطور، الكارو، عربات اليد..إلخ) وتحديد خطوط سيرها وتنظيمها، وروعي في القانون أن يتضمن الأحكام العامة علي أن يترك للائحة التنفيذية التفصيلات تحقيقاً للمرونة في التعديلات التشريعية. وعن سبب إصدار قانون جديد للمرور وعدم اللجوء إلي عمل تعديلات تشريعية للقانون الحالي يقول مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للمرور اللواء عادل زكي: التعديلات المتعددة والمتلاحقة لقانون المرور رقم 66 لسنة 1973 أسفرت عن حدوث مشكلات في التطبيق فضلاً عن انخفاض معدلات وعي المواطنين الخاضعين لأحكامه بالجرائم المرورية وعقوباتها، كما يطلق علي سياسة التعديلات التشريعية الجزئية المتعددة »ترقيع القوانين». ويشير اللواء زكي إلي أن حل مشكلة المرور مسئولية الجميع وليس مسئولية الشرطة وحدها فهناك 13 وزارة و63 هيئة معنية بشكل مباشر بوضع حلول لهذه المشكلة، وطالب وزارة التربية والتعليم بإلزام المدارس بإخضاع سائقي الأتوبيسات للكشف الطبي والنفسي بشكل دوري وخاصة كشف المخدرات، موضحاً أن الإدارة أنشأت مدرسة قيادة ستنتقل إلي المدارس والجامعات لتعليم التلاميذ فنون القيادة وذلك لزرع عملية الثقافة المرورية فيهم من الصغر حيث أن هذه الفكرة تستهدف تعليم 14 ألف طالب سنوياً للقيادة وآداب المرور، التقت »آخرساعة» النقيب عمرو قمر (بالإدارة العامة للمرور) وهو أحد الضباط المسئولين عن سيارة الإغاثة المرورية علي الطرق السريعة، الذي أكد أنه يمكن لأي مواطن تعرض لأي حادث علي الطرق أو نفد وقود سيارته الاتصال علي رقم الإغاثة المرورية وهو » 01221110000» لمساعدته، حيث تنتقل إليه سيارة الإغاثة المرورية المجهزة والمزودة بجميع معدات الإغاثة بالنسبة للأعطال والحوادث وأبرز ما يوجد بها هو (خزان هواء - مولد كهربائي - جراكن وقود مختلفة الأنواع - أسلاك ووصلات كهربائية.. إلخ) وهي تقدم خدماتها مجاناً. ويوضح أمين عام المجلس القومي للسلامة علي الطرق عميد دكتور أيمن الضبع - ضابط بإدارة نظم المعلومات بقطاع الشرطة المتخصصة - أن ضحايا حوادث الطرق يزيد بمراحل عن ضحايا حوادث الحروب حيث يقع شهرياً 1290 حادثا يؤدي إلي مقتل 540 شخصا و1860 مصابا ، ووفقاً للإحصائيات العالمية المتعلقة بترتيب الدول الأكثر في معدلات حوادث الطرق فإن ترتيب مصر يأتي في المرتبة رقم 109 من 180. في السياق ذاته طالب رئيس جهاز تنظيم النقل المهندس سيد متولي بضرورة وجود فريق متكامل بين جميع الجهات وتطويع التكنولوجيا لحل هذه المشكلة، مؤكداً أن وزارة الداخلية ليست الجهة الوحيدة المسئولة عن حل المشكلة المرورية. من جانبه قال أمين عام الجمعيات الأهلية الدكتور طلعت عبدالقوي: للأسف لا توجد جمعية أهلية تعمل في مجال المرور، لذلك أدعو إلي إنشاء جمعية أو مؤسسة أهلية كبري يكون لها فروع في جميع المحافظات تكون متخصصة في المساهمة في حل مشكلة المرور، فالمطلوب تفعيل الثقافة المرورية لأنها أقوي من القوانين. ووافقه في الرأي مدير مركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة اللواء آسر نجم الدين الذي اقترح إنشاء مفوضية عليا للمرور علي أن تكون جهة غير حكومية مكونة من جميع الخبراء المعنيين بالمشكلة وتكون مدعومة من الدولة بحيث تكون توصياتها ملزمة للجميع، مؤكدا علي أن اللواء محمد الشربيني مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة يقدم كل الدعم للمركز لتطويع أحدث البحوث والدراسات لخدمة العمل الأمني. من جانبه أكد مدير الإدارة العامة للإعلام والعلاقات اللواء خالد فوزي أن أبرز ما جاء في التقرير الختامي والتوصيات الصادرة عن ندوة »المرور مسئولية الجميع» هو المحور التشريعي المتعلق بالنظر في تعديل قانون المرور مع الأخذ في الاعتبار الرؤية القانونية التي أعدتها وزارة الداخلية في التعديلات التشريعية المقترحة ورفع هذا المقترح إلي مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها، مع وضع إطار تشريعي للكشف الصحي والنفسي علي سائقي حافلات المدارس والمصانع ونقل الركاب والبضائع، وتطوير وتحديث نظم المراقبة علي الطرق، أما المحور المجتمعي فتمثل في تفعيل دور المجلس القومي للسلامة علي الطرق بوضع برامج توعوية للمجتمع باستخدام وسائل الإعلام والمناهج الدراسية ومشاركة منظمات المجتمع المدني في ذلك مع التأكيد علي دور الأسرة واعتماد مبادرة »هبدأ بنفسي» لرفع الوعي المروري، وأخيراً المحور الإعلامي المتمثل في دعوة وسائل الإعلام المختلفة لتحمل مسئوليتها بنشر وتعميق مفهوم الوعي المروري مجتمعياً.