تواجه أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة القديمة الوفد والناصري والتجمع أزمات داخلية متعددة تهدد بتفكيك هذه الأحزاب الثلاثة كما أن ظهور أحزاب جديدة مثل المصريين الأحرار الذي أسسه نجيب ساويرس والعدل الذي أسسه عبد الرحمن يوسف وحزب مصر الحرية الذي أسسه الدكتور عمرو حمزاوي وغيرها من الأحزاب التي ولدت كبيرة والتي يري المراقبون أنها ستلتهم بالتاكيد الأحزاب القديمة. أولي هذه الأزمات هي العاصفة التي تواجه حزب الوفد الآن بسبب انتخابات الهيئة العليا التي ستجري يوم الجمعة القادم 27 مايو وهي الانتخابات التي تشهد صراعا داخليا شرسا بين السيد البدوي ورجاله وما تبقي من رجال محمود أباظة رئيس الوفد السابق . نشبت هذه الأزمة في البداية بعدما حاول البدوي استبعاد عصام شيحة ومحمود علي عضوي الهيئة العليا الحاليين وسعيد عبدالحافظ وأحمد سميح وهم من أنصار أباظة لسبب غريب وهو عملهم مع المنظمات الحقوقية وقامت اللجنة باستبعادهم في البداية .. إلا أن البدوي اكتشف أن هذا الاستبعاد سيثير أزمة قانونية لأن الاستبعاد مخالف للائحة الوفد التي تنص علي عكس القرار المتخذ حيث تؤكد علي ضرورة أن يكون العضو في الحزب له نشاط أهلي حسبما ذكرت مصادر وفدية . فعاد وقبلت اللجنة بأوامر من البدوي ورق اثنين مرة أخري وهم شيحة وعلي بينما أصرت علي استبعاد سعيد عبدالحافظ وأحمد سميح وقام بعدها سعيد عبدالحافظ بتحريك دعوي قضائية مستعجلة لوقف انتخابات اللجنة العليا للحزب كما طالب فيها بإدراج اسمه في كشوف المرشحين. وقال عبد الحافظ إنه فوجئ بأن الدكتور البدوي قام بشطب اسمه من المرشحين لعضوية الهيئة العليا للحزب بعد أن قام بتقديم أوراق ترشيحه وذلك بدعوي انتمائه إلي جمعية حقوقية مدعيا أيضا أنها تتلقي تمويلا أمريكيا وأن تصريحات عبد الحافظ لوسائل الإعلام عن تعرض الأقباط لاضطهاد هو آراء أجندة أمريكية. وأكد عبد الحافظ أن السبب الحقيقي وراء شطب اسمه هو رغبة البدوي في إقصاء جميع الأعضاء المحسوبين علي جبهة محمود أباظة – رئيس الحزب السابق – وأن هذا القرار لا يستند إلي أي لوائح أو قوانين مشيرا إلي أنه علي العكس يتناقض مع لائحة الحزب التي تحث الأعضاء علي الانخراط في منظمات المجتمع المدني. ومن الوفد إلي الناصري حيث هدد سامح عاشور– رئيس الحزب العربي الناصري - بتحويل محمد أبو العلا للتحقيق الذي قد يصدر عنه قرار بفصله نهائيا من الحزب، وذلك إذا لم يتوقف عن أفعاله المخالفة لقرارات الحزب من إصدار لجريدة العربي في مطابع خاصة ووضع اسمه علي الترويسة كرئيس لمجلس الإدارة بالإضافة إلي اسم ماجد البسيوني كرئيس للتحرير واصفا الجريدة بأنها صادرة من "بير سلم"، فيما يبدو أنه بداية لامتداد الصراعات الداخلية بالحزب إلي جريدة العربي الناصري. قال عاشور " إن أبو العلا ليس رئيسا لمجلس إدارة الجريدة ولا يملك أي صلاحيات وأن ماجد البسيوني ليس رئيسا للتحرير بها مؤكدا أن الحزب قد أخطر المجلس الأعلي للصحافة رسميا باختيار جمال فهمي رئيسا لتحرير جريدة العربي الناصري وأن الذي يملك تعيين رئيس التحرير هو رئيس الحزب فقط . ووصف عاشور أبو العلا بأنه أداة يحركها أحمد حسن – أمين عام الحزب المفصول - مشيرا إلي أن الأخير كان رجل صفوت الشريف وأمن الدولة داخل الحزب وأن الهدف مما يثيره حاليا من صراعات وأزمات داخل الحزب هو بهدف صرف الأنظار عن قضية فصله وتخريب الحزب. وفي المقابل أكد الدكتور محمد أبوالعلا أنه هو الرئيس الشرعي للحزب مضيفا: أنا بتكلم الآن من المقر الرئيسي للحزب وأنا أمارس عملي كرئيس له وبما أنني رئيس الحزب فأنا رئيس مجلس إدارة جريدة العربي الناصري وقد أخطرت المجلس الأعلي للصحافة أن رئيس تحرير الجريدة هو ماجد البسيوني. اما حزب التجمع ورئيسه رفعت السعيد فيتعرضان إلي أعنف هجوم في تاريخهم بعد الثورة حيث تجري محاولات الي تفكيك حزب التجمع من الداخل بظهور أحزاب يسارية جديدة مثل التحالف الاشتراكي والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وعودة الحزب الشيوعي المصري إلي العمل وهذه التحركات كلها أفرغت الحزب من الداخل وخرج كثير من القيادات مثل عبد الغفار شكر وأبو العز الحريري من التجمع وجمعوا معهم عددا كبيرا من أعضاء التجمع لإنشاء الأحزاب الجديدة بينما لايزال السعيد متمترسا في الحزب في مواجهة تيارات التجديد والإصلاح التي تنادي بالإصلاح من الداخل وإقصاء السعيد المتهم بمعاداة الثورة والتبعية لنظام مبارك. ويحظي حزب التحالف الشعبي الذي يتولي القطب اليساري البارز، الدكتور إبراهيم العيسوي، منصب منسقه العام، بعد استقالته من التجمع، وربما يحظي الحزب الوليد بدعم مالي أكبر بكثير من الذي يحظي به التجمع، حيث يشارك في تأسيسه عدد من رجال الأعمال اليساريين، مثل صبري فوزي، وعادل المشد، وهو ما يجعله أكثر قدرة علي التعبير عن اليسار ويؤكد الكثير من القيادات اليسارية أن عصر رفعت السعيد انتهي واقعياً، وسنشهد مشهد النهاية في المؤتمر العام المبكر للحزب و الذي سينعقد يوليو المقبل، لكن هذا لا يعني أن كل المشاكل ستنتهي داخل الحزب، وبالتالي فإن التركة التي سيرثها الرئيس القادم للتجمع- غالبا حسين عبدالرازق- ثقيلة للغاية.