القانون الجديد يحقق العدالة بين العامل وصاحب العمل يُعد مبدأ ربط الأجر بالإنتاج أحد أهم بنود قانون العمل الموحد الجديد، الذي يعرض علي مجلس النواب الجديد لمناقشته، حيث ينتظر نحو24 مليون مواطن تطبيقه باعتباره الملاذ الأخير لإزالة الفروقات الكبيرة في الدخول وتحقيق العدالة الاجتماعية. المادة 145 من الدستور مهدت لتطبيق ربط الأجر بالإنتاج باعتباره فلسفة قانون العمل الموحد الجديد، ومن أهم المواد الاقتصادية التي نص عليها الدستور، فيما يتعلق بالاقتصاد الوطني الهادف لتحقيق التنمية الشاملة، ورفع مستوي معيشة المواطن، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتكافل، والعدالة في التوزيع، والقضاء علي الفقر والبطالة، وزيادة فرص العمل والإنتاج، والدخل القومي. الدكتورة ناهد عشري، وزيرة القوي العاملة، دافعت عن قانون العمل الموحد وربط الأجر بالإنتاج، مؤكدة أن القانون يحقق التوازن والتوافق والعدالة بين العمال وأصحاب الأعمال، وأن ربط الأجر بالإنتاج يأتي لطمأنة المستثمر الوطني والاجنبي، مشيرة إلي أن القانون من أهم القوانين التي تكفل تحقيق العدالة الاجتماعية، حيث يشمل تحت مظلته نحو24 مليون شخص، وأن المشروع عالج السلبيات التي أسفر عنها التطبيق العملي للقانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 وتعديلاته، وعمل علي ربط الأجر بالإنتاج، وتفعيل منظومة الحد الأدني للأجور. وقد أثار ربط الأجر بالإنتاج حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، خاصة أنه يأتي في ظل وجود كيانات اقتصادية مملوكة للدولة تحقق خسائر بالملايين سنوياً، بينما يطالب العاملون فيها بالأرباح، كما هو الحال في قطاعات مثل الغزل والنسيج، وبعض الشركات الأخري. الدكتور صفوت النحاس، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الأسبق، أكد أن مبدأ ربط الأجر بالإنتاج معمول به في معظم دول العالم، فهذا النظام يستهدف الحفاظ علي الحقوق المتعلقة بالعمل بين العاملين وأصحاب العمل، لافتاً إلي أن تطبيق نظام ربط الأجر بالإنتاج لابد أن يتم بالتدريج، خاصة في ظل وجود العديد من المؤسسات والهيئات الاقتصادية التي تحقق خسائر سنوية تقدر بالملايين، والشيء المثير للدهشة أن هذه المؤسسات تقوم بصرف أرباح وحوافز سنوية للعاملين فيها مما يجعلها في أزمة حقيقية تبحث عن حلول. يُضيف: توجد خطوات أربع أساسية يجب تطبيقها قبل تطبيق نظام ربط الأجر بالإنتاج، وتتمثل في حجم العمالة بأي كيان اقتصادي، يجب أن تكون المؤسسة أو الهيئة في احتياج شديد للعديد من العمالة، وأن تكون هذه العمالة مدربة، وعلي قدر من الخبرة اللازمة, بحيث يصبح لدينا عمالة مدربة تتواكب مع التطورات كل في مجاله، إضافة إلي العمل علي تطبيق الإدارة الرشيدة في إدارة هذه الكيانات، وثالثاً أن تتمتع هذه الإدارة الرشيدة بمعايير التميز الإداري والجودة، وأخيراً تسعير السلع والخدمات بما يتناسب مع التكلفة الفعلية من جانب ويحقق هامش ربح من جانب آخر. وأشار إلي أنه طالما توجد عمالة زائدة في بعض الكيانات القائمة حالياً وتوجود نظم إدارية قديمة لا تقوم علي مبدأ الإدارة الرشيدة، وطالما توجد سلع وخدمات لا يحتاج إليها المجتمع لن نتمكن من تطبيق ربط الأجر بالإنتاج، مطالباً بالقضاء علي هذه المشكلات، وايجاد الحلول الفورية لها. النحاس، أوضح أن الاتجاه لتطبيق مبدأ ربط الأجر بالإنتاج من خلال قانون العمل الموحد الجديد سيعود بالنفع علي الاقتصاد المصري، ويعمل علي زيادة الأجور، إضافة إلي زيادة التنافسية بين المنتجين للسلع، ومقدمي الخدمات، مما سيحقق للسلع والمنتجات المصرية الرواج والانتشار في الأسواق المحلية والاقليمية والدولية ويرفع من جودتها، وحذر من الهجوم والمعارضة التي قد تعترض تطبيق مبدأ ربط الأجر بالإنتاج، وقال إنها ليست في محلها ولن تخدم الاقتصاد المصري الذي هو حالياً في مرحلة التعافي والبناء. الإدارة السليمة ويتفق الخبير الاقتصادي شريف الدمرداش، مع الرأي السابق، مشيراً إلي أن تطبيق نظام ربط الأجر بالإنتاج، من أُسس الإدارة السليمة، وستكون بمثابة خطوة هامة لإدارة وحدات وكيانات الدولة بالأسلوب الاقتصادي الصحيح، مشيراً إلي أن تطبيق نظام ربط الأجر بالإنتاج سيعود بالنفع علي كل من العامل والحكومة، ويتيح لرؤساء إدارة العمل والكيانات المسئولة القدرة علي التمييز بين العامل الجيد المنضبط وبين العامل الكسول والمماطل في أداء عمله. أضاف: نحن نلاحظ أن الحكومة قامت بتكديس العديد من العمال في بعض الوظائف ببعض الكيانات للتخلص من البطالة في المجتمع مما مثل عبئاً كبيراً علي هذه الكيانات وحولها من كيانات مربحة إلي كيانات خاسرة، لافتا الي أن قيام الدولة بالاعتماد علي تحديد أجور العمال بناء علي ما يقوم العمال من إنتاجه سيجبرها علي إيجاد فرص عمل للشباب عن طريق إنشاء العديد من المشروعات لمنع تكدس العديد من العمالة في أماكن بعينها، إضافة الي استخدام تقنيات حديثة في الإنتاج ستعمل علي تحسين جودة المنتج، فضلاً عن كونها حافز تشجيع للعامل علي دوره في زيادة إنتاجه، ورفع كفاءته لزيادة راتبه، وقال: "أطالب الحكومة بالعمل علي خلق أجواء مناسبة للعمل وزيادة رواتب العمال حتي يستطيع العامل التجويد والتحسين في عمله وإخراج أفضل ما لديه. بينما يري الدكتور حسام قورة، رئيس المجلس القومي للعمال والفلاحين، أن فلسفة ربط العمل بالإنتاج نظام معمول به في مختلف دول العالم، وليس اختراعاً جديداً، لافتاً إلي وجود بعض الخطوات التي ينبغي أن توضع في الحسبان عند تطبيق هذا النظام، والتي منها العمل علي تطوير الآلات والمعدات بالمصانع، ووقف استيراد أي سلعة تتوافر لدينا المقومات والإمكانات لإنتاجها، إضافة إلي تطبيق مبدأ صرف الأرباح والحوافز نهاية العام في حالة تحقيق المؤسسة مكاسب، فهذا المبدأ سيكون مشجعاً للعامل علي المزيد من الإنجاز وزيادة الإنتاج، إضافة إلي زيادة معدلات التصدير، وتوفير العملة الصعبة. تابع: أن تطبيق ربط الأجر بالإنتاج سيؤدي لوقف الخسائر التي تتكبدها المؤسسات والكيانات الاقتصادية لسنوات طويلة. ضد القانون علي عكس الآراء السابقة، يقول البدري فرغلي، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، إن القانون يُكرس لكارثة إهدار وضياع حقوق العمال الموجودة رغم قيام ثورتين، فالقانون وضع العمال تحت رحمة رجال الأعمال دون حماية لمصالحهم، لافتا إلي أن القانون الجديد لم يتضمن للعمال أي حقوق مادية ولا حتي معنوية كالتأمين الاجتماعي أو الصحي، بل منح رجال الأعمال الحق في فصلهم فصلاً تعسفياً بدون أسباب. وأوضح أن مبدأ تطبيق ربط الأجر بالإنتاج قديم ولا يمكن تطبيقة في المؤسسات الحكومية التي استشري وزاد فيها الفساد، ومن هنا أتساءل "ما هو الأجر؟"، فلا بد من تعريف الأجر قبل القيام بربطه بالإنتاج، ومعرفة ما إذا كان أجراً أساسياً أم متغيراً أم شاملاً، وإيجاد الآلية التي تحدد ربطه بالإنتاج، فبدون معرفة هذه التفاصيل وتحديد الأمور فالحديث عن مبدأ ربط الأجر بالإنتاج مجرد شعارات. وتري فاطمة رمضان، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد المصري للنقابات المستقلة، أن تطبيق مبدأ ربط الأجر بالإنتاج سيؤدي لانتهاك حقوق العمال، وربط مصائرهم بهوي صاحب العمل، مشيرة إلي أن العمال يتعرضون لظروف استثنائية من قبل أصحاب العمل، الذين قد تضطرهم هذه الظروف لوقف العمل لأيام لأمر يخصهم دون مراعاة حاجة العامل للعمل. وأضحت أن المصنع- أو الشركة- الذي قد تواجهه بعض المعوقات الخارجة عن إرادة العمال وينجم عنها تراجع أو تباطؤ في الإنتاج، فهذا سيؤدي لانخفاض أجر العامل أو توقفه عن العمل، وبشكل نهائي، مشيرة لخطورة استغلال رجال الأعمال وأصحاب المؤسسات الإنتاجية للعمال؛ من خلال مبدأ ربط الأجر بالإنتاج، كما توجد صعوبة في وضع معايير وأطر قانونية تلزم صاحب العمل بالسير في طريق ربط الأجر بالإنتاج في حالة اجتهاد العمال لتحقيق زيادة في الإنتاج. عقبات القانون الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن من وضعوا الدستور الجديد اعتبروا أن مبدأ ربط الأجر بالإنتاج أحد مفردات ومقومات خطة التنمية والتي تعمل علي إقامة عدالة اجتماعية وتكافل وضمان عدالة في التوزيع، غير مدركين أن إنتاجية العاملين بالحكومة وقطاع الأعمال العام منخفضة للغاية، وأن النسبة الأكبر من الكيانات تحقق خسائر، وأن السبب ليس في العاملين في هذه الكيانات، وإنما في عدم إجراء عمليات إحلال وتجديد للآلات المتهالكة، وضعف الإدارة، وكل هذه صعوبات وعقبات تقف أمام تطبيق نظام ربط الأجر بالإنتاج. وقال إنه لا يمكن تطبيق مبدأ ربط الأجر بالإنتاج دون البحث عن حلول عملية لهذه المعوقات، لافتاً إلي أن تطبيق هذا النظام يؤدي لخفض أجور العاملين محدودي الدخل بنسبة كبيرة لا تقل عن 70%.