القوات المسلحة تحمى المواطنين موقف القوات المسلحة في ثورة 25 يناير، بداية من أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة، وحتي أصغر جندي بالجيش، سيظل محفوراً في أذهان المصريين. حمل رجال القوات المسلحة علي عاتقهم مسئولية إدارة شئون البلاد في مرحلة صعبة، وأثبتوا أن الجيش المصري سيبقي دائماً فوق كل الصغائر. الفريق سامي عنان، رئيس الأركان آنذاك، قال وقتها إن القوات المسلحة تري مطالب المتظاهرين شرعية، وأنه لم ولن يلجأ إلي استخدام القوة ضد الشعب وستتم الاستجابة لمطالب الشعب، وعقب ذلك تلقي عنان اتصالا من الجنرال مايك مولين، رئيس هيئة الأركان الأمريكية، حيث قدم الشكر له علي الموقف الذي اتخذته القوات المسلحة من الأحداث الجارية مرحبا بالتفاف الشباب المعارض حول جيشه الذي يحميه، كما شكره علي الدور الفاعل الذي يضطلع به الجيش من أجل استقرار مصر، وفور إعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة أنه ليس بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، إنما هو تأكيد إضافي لدوره الوطني والتاريخي، ويعبِّر عن إدراك عميق لمتطلبات المرحلة القادمة. من جانبه، أكد اللواء أركان حرب، علي حفظي، الخبير العسكري، أن القوات المسلحة في 25 يناير، قامت بالعديد من الإنجازات لحماية الدولة من الانهيار من خلال انتشار الوحدات والتشكيلات بالمناطق العامة والميادين بعد الاختفاء غير المبرر للشرطة من الشوارع والأقسام وترك الذخائر والأسلحة واتساع نطاق الأعمال الإجرامية والتعدي علي الممتلكات العامة والخاصة. وأشار حفظي إلي أن القوات المسلحة قامت بفرض السيطرة، وتأمين الأهداف الحيوية، والمنشآت الهامة، والسفارات العربية والأجنبية، بالإضافة للأماكن الأثرية مع احتواء المتظاهرين، والتواصل معهم والتأكيد علي وقوف الجيش بجانب مطالبهم المشروعة، وقيام الجيش بعمليات تأمين نقل وتوزيع الأموال من البنك المركزي إلي البنوك الفرعية بالمحافظات والمدن "براً" و"جواً"، كما تم تنفيذ 22 طلعة طائرة علي مرحلتين، وتأمينها ب109 دوريات شرطة عسكرية أثناء نقلها إلي البنوك الفرعية بجميع المحافظات والمدن بها، وقيام القوات المسلحة بالمعاونة في نقل السلع التموينية والغذائية بالتعاون مع وزارة التموين ونقلها من الموانئ للمدن، فضلا عن تشكيل لجنة طبية متكاملة برئاسة مستشار رئيس أركان حرب القوات المسلحة لمناظرة حالات الإصابة بالمستشفيات المدنية خلال أحداث الانفلات الأمني. وأكد حفظي، أن قوات حرس الحدود قامت بمجهود مضنٍ من خلال القبض علي مهربي المخدرات والسلاح بالتعاون مع القوات الجوية وباقي التشكيلات التعبوية، وقيام القوات البحرية بالتعاون مع حرس الحدود والمنطقة الشمالية العسكرية بالتصدي لمحاولات الهجرة غير الشرعية. وشهدت هذه الفترة تكثيف جهود القوات المسلحة لمواجهة حالات الانفلات الأمني بعد أحداث العنف بجمعة الغضب وانسحاب قوات الشرطة من مواقعها، ومنها تأمين المظاهرات بمختلف الميادين بالمحافظات للحفاظ علي سلميتها والتصدي لمحاولات الاقتحام لمطبعة البنك المركزي وحماية وزارة الداخلية من محاولات اقتحامها من المتظاهرين مع الدفع بتعزيزات إضافية للقاهرة والقبض علي الخارجين وتقديمهم للمحاكمات العسكرية، وقيام القوات بحماية المنشآت الحيوية علي مستوي الجمهورية. وقال حفظي إن بيانات القوات المسلحة وقت الثورة اتسمت بالسرعة، مما ساهم في إزالة العديد من عمليات الغموض حول بعض القضايا، كما أن البيانات صيغت بمهنية عالية، حظيت بتقدير القوي السياسية مقارنة ببيانات النظام السابق، التي وُصِفت بأنها "استفزازية"، وجاءت بيانات المجلس الأعلي للقوات المسلحة منها حماية الدولة وطمأنة المواطنين والانحياز للديمقراطية، وكان البيان الأول للمجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي جاء فيه تأييد مطالب الشعب المشروعة "للحفاظ علي الوطن ومكتسباته وطموحات شعب مصر العظيم " نقطة مفصلية في إدارة قضايا هذه المرحلة، تموضحا أنه بمثابة العمود الفقري للدولة، كذلك فإن تصريحات المجلس في تلك المرحلة تؤكد قدرته علي ملء الفراغ السياسي الذي نشأ برحيل مبارك وأنه قادر علي قيادة مصر نحو الانتقال إلي الديمقراطية. من جانبه قال اللواء دكتور محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق والخبير العسكري، إنه عقب أحداث 25 يناير، أعلن المجلس الأعلي للقوات المسلحة وقوفه إلي جانب المطالب المشروعة للشعب بكل طوائفه وانتماءاته السياسية، وهو الأمر الذي أعطي دفعة كبيرة للشعب والجماهير المنتفضة , مشيرا إلي أنه حين حدث الفراغ الأمني وطلب الرئيس الأسبق، محمد حسني مبارك، من القوات المسلحة النزول إلي الشارع سارعت القوات بالنزول للشوارع لإنقاذ مصر من الدمار وحالة الانفلات الأمني، وكان لنزول القوات عدة مكاسب منها حماية الثورة من البلطجية والخارجين علي القانون وأعدائها، وهي الحماية التي حفظت لهم الاستقرار والبقاء الآمن. وأوضح الغباري، أن نزول الجيش جاء عقب عمليات التدمير للمنشآت الحيوية وإيقاف هروب السجناء وحفظ الأمن العام وإيقاف مسلسل القتل وحماية الأرواح والممتلكات، وذلك عقب 28 يناير التي عُرِفت بجمعة الغضب، وقامت القوات المسلحة بحفظ البلاد من إحداث الفتن نتيجة استغلال بعض القوي الخارجية الفراغ الأمني لتنفيذ خطط عدائية كاستهداف الكنائس وتصويرها للعالم بأن المسلمين بدأوا في قتل المسيحيين وهو ما رفضه الشعب ووقف لمنعه. أضاف، إن القوات المسلحة لقيت ردود أفعال عالمية وإقليمية لا يمكن إنكارها، منها إدراك القوي الإقليمية - خاصة المعادية - أن مصر لم تقبل حالة الاستسلام السياسي التي عاشتها لعقود طويلة التي جعلت الكثير من الأقزام يتطاولون عليها ويسعون للنيل من مكانتها، ليس خطأ منهم بل لأن الدور المصري المتراجع إقليميا ودوليا هو ما سمح لهم بذلك، لقد ساعد الدور العظيم الذي قام به الجيش في تأمين وحماية مطالب الشعب والتعهد برعاية الوصول إليه نقلة تاريخية لمسار الحياة المصرية. وشدّد علي أن الجيش حقق ما تعهد به للجماهير الغاضبة والشعب، ويكفي قيام المتحدث باسم المجلس العسكري اللواء الفنجري بأداء التحية العسكرية لأرواح الشهداء اعترافا وتقديرا من المؤسسة العسكرية بمكانة وأهمية ما قدموه لصالح ومستقبل مصر. بينما قال اللواء طلعت موسي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة انحاز للشعب منذ يوم 28 يناير لا سيما أنه يحظي باحترام منه، بجانب أن القوات المسلحة لعبت دورا أساسيا خلال الاحتجاجات، واتسم هذا الدور بتأييد مطالب المحتجين في التعامل معهم سلميا وبودٍ شديد مما خلق مناخًا من الثقة بين الجانبين وعبر بمصر مرحلة شديدة الخطورة، مما أكسب القوات المسلحة ثقة كبيرة من قبل الشعب مع التعهد بضمان الانتقال الديمقراطي للسلطة. وحول بيانات المجلس العسكري قال موسي إن البيانات كلها جاءت في صالح الشعب من الأول وحتي الرابع الصادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة الذي أكد احترامه لكل المعاهدت الدولية والإقليمية التي سبّبت ارتياحا لدي إسرائيل في تنويه إلي اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، ومثل هذا البيان رسم سياسة مصر الخارجية بعد أحداث يناير، حيث أزال التخوّفات لدي بعض الأوساط السياسية من إمكانية إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، كما أكد البيان ثوابت السياسة الخارجية المصرية، وأنها تُدار وفق أسس مؤسسية. أضاف، وعقب قرار التنحي أكد المجلس في البيان الخامس تعليق العمل بأحكام الدستور وحل مجلسي الشعب والشوري، وتعهد بفترة انتقالية لمدة 6 أشهر وإجراء تعديلات دستورية وتشريعية تسبق إجراء انتخابات نيابية ورئاسية حتي أصبحنا الآن.