تورط إسرائيل في تمويل "داعش" لم يعد سراً يتكتم الكيان العبري الإفصاح عنه، خاصة بعد إذاعة القناة الثانية الإسرائيلية خبر نقل 1600 جريح من تنظيم الدولة إلي المستشفيات الإسرائيلية، وتكفُّل جيش الدفاع بتكاليف انتقالاتهم عبر الحدود مع سوريا. رعاية داعش والبقاء علي تنظيم يهدد دولا عربية، من بينها مصر، ضمانة إسرائيلية لاستمرار التوتر في المنطقة، وعقد الصفقات الإرهابية التي من شأنها تقويض الاقتصاد في بلادنا العربية ومن ثم إرباك الوضع الداخلي والتورط في حروب مفتوحة تضع إسرائيل في قبضتها "الريموت" الذي يحركها ويوجهها وهي بعيدة عنها. ترسل الدولة العبرية بين الحين والآخر ما يؤكد أن تنظيم الدولة أشبه بقنابل عنقودية أو لغم يتم زراعته في مناطق بعينها لتأجيج الصراع، وتشغيل آلة القتل والدمار في البشر والأثر والحضارة العربية. مخطط شيطاني استطاع الصهاينة استخدامه بحرفية شديدة في الوقت الذي يسيطر فيه الرعب علي الموساد خوفا من انقلاب السحر علي الساحر في يوم من الأيام. السؤال: ما مصلحة إسرائيل في التعاون مع هذا التنظيم الإرهابي وتمويله.. ومدي حقيقة نشوب حرب مفتوحة في المنطقة بحلول العام القادم 2017.. الخبراء يوضحون الصورة في السطور التالية.. يري اللواء نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجي، أن "داعش" أمريكي الصنع وهو ما أكدته معظم الدراسات، ولكن علي ما يبدو أنه بدأ يخرج عن الطاعة الأمريكية وقررت أمريكا أن تتعامل معه، ولم يكن هذا التعامل بهدف القضاء عليه، ولكن لإبراز صورة وهمية أمام العالم بأنها لا تموِّل التنظيمات الإرهابية، فكما قال أوباما إنهم يحتاجون إلي أربع سنوات للقضاء علي هذا التنظيم ولم يحاول أن يتدخل برياً في حين أن كل الدراسات أكدت أن داعش لن ينتهي إلا بالتدخل البري واكتفي بالتحالف الذي أقامه للتدخل الجوي فقط. ويشير إلي أنه إذا كانت أمريكا وراء هذه القضية فإسرائيل لن تكون بعيدة عنها، ولكن ليس بشكل مباشر، فالقضية معقدة للغاية، لأن نشأة داعش تتضمن قضايا أخري كالسنة والشيعة وجيش، فلا نقدر أن نقول إن إسرائيل خلف "داعش" ولكنها ليست بعيدة عنها وتراقبها بشكل جيد جدا حتي لا ينقلب عليها. ويضيف: لا يمكن أن يفكر داعش الآن في ضرب اليهود أو إسرائيل أو النظر حتي للقضية الفلسطينية فهناك أولويات له، وهي إنشاء الدولة واستعادة الخلافة الإسلامية، فمشكلاتهم اليوم حدود هذه الدولة واقتصادها وجيشها، ولا يفكرون في إسرائيل من قريب أو بعيد. ورفض فؤاد الأقاويل التي تتنبأ بحدوث حرب مفتوحة عام 2017، معللا أن هناك الكثير من الحسابات لأي صراع مسلح، ويتطلب وجود قدرات محددة، لا تتوفر حاليا للدول العربية، وقد قال منذ عامين إن داعش إلي فناء ولن يقضي عليه ويستعيد الأراضي العراقية والسورية التي استولي عليها داعش إلا الجيشان العراقي والسوري فهما لن يتركا أرضهما محتلة، ولن يقبل العراق أن تظل أرضه مقسمة بهذا الشكل وهو ما بدأ يحدث الآن بالفعل، ولكنه يحتاج لوقت طويل، والتحالفات التي نستمع إليها طوال الوقت لن تجدي أي نفع، فنحن لم نر لها أي إنجاز علي أرض الواقع. ويشير الدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلي أن ما يفعله داعش بالتأكيد يخدم المصالح الإسرائيلية منها تفكيك المنطقة وانشغالها عن القضية الفلسطينية، وهذا لا يعني بالضرورة أن تكون إسرائيل من أنشأها، فقد نشأت بشكل أساسي نتيجة للغزو الأمريكي للعراق الذي تسبب في ضعف الحكومة المركزية وعدم قدرتها علي مد سيادتها علي الأراضي العراقية وبالتالي أصبح هناك أراضٍ خارج نطاق السيادة والسيطرة من الحكومة وفي هذه البؤرة من الفراغ نشأ ما يُسمي داعش، وهو ماحدث أيضا في بعض المناطق الليبية، فالجماعات الإرهابية تستغل الفراغ الحكومي لتنشأ وتترعرع. وأوضح أن السبب الثاني لقيام داعش تواجد حكومة طائفية شيعية في العراق تضطهد السنة وعدد منهم وجدوا أن داعش من الممكن أن تدافع عن مصالحهم في مواجهة هذه الحكومة والجيش العراقي الشيعي الطائفي، فبالتالي بعض العراقيين يساندون داعش لهذا السبب، وعندما حاربت الولاياتالمتحدة الجيش العراقي الذي كان يضم عددا كبيرا من ضباطه من السنة في وقت الرئيس الراحل صدام حسين، انضم هؤلاء الضباط أيضا إلي داعش في إطار سني لمواجهة الحكومة الشيعية، وجزء من ثروات داعش كان نتيجة لاستيلائها علي أراضٍ بها موارد، ويقومون بتوريد البترول للدول المجاورة. وعن توقعاته لنشوب حرب مفتوحة يقول كمال إن المنطقة في حالة عدم استقرار ومخاض ضخم جدا ولا يمكن لأحد أن يستبعد ظهور حرب جديدة في أي منطقة من مناطق الشرق الأوسط، وممكن استمرار الحرب في سوريا وامتدادها بشكل أكبر في العراق، والتوترات بين السعودية وإيران لا أحد يعلم أين ستنتهي فكل هذه بؤر مشتعلة يمكن أن تتسبب في حرب، وحتي الآن هناك 4 حروب دائرة وهي ليست حروبا عربية إسرائيلية ولكنها عربية عربية. ويفسر عدم إلقاء داعش ضربة واحدة علي إسرائيل بأنه قد لا يمتلك داعش الأسلحة والمعدات الكافية لعمل هذه الخطوة، والهدف الرئيسي لها هو إقامة الدولة فقط لا يعنيه إسرائيل أو القضية الفلسطينية في شيء، فالخلافة الإسلامية فكرتهم الرئيسية، وفي النهاية داعش ليس جماعة منظمة لها قيادة واضحة تصدر بيانات بشكل رسمي أو تمتلك مكتبا للعلاقات الخارجية فلن تكون إسرائيل من أولوياتها. ويقول الدكتور أحمد فؤاد أنور أستاذ الفكر الصهيوني بجامعة الإسكندرية، هناك شواهد عديدة تؤكد وجود تعاون وربما تحالف بين الصهيونية وتنظيم داعش، وهناك تشابه حتي في الصناعة، فهي تقوم علي التطرف الديني وتحويل الدين إلي قومية، ونفس المساحة التي قرر الصهاينة السيطرة عليها هي التي يود داعش الاستيلاء عليها، ويعتبر داعش عقلية وتخطيطاً غربياً ،ففكرة الاختصار في الأسماء غربية بحتة ولا يوجد أي اختصار تقوم عليه الدول العربية، وفيما يخص بدل الإعدام التي يستخدمها داعش فهي غربية وهناك العديد من المؤشرات علي أن هؤلاء المرتزقة الذين يرفعون علم داعش ويسعون للسيطرة علي الأرض العربية وسفك دماء المسلمين هم من يسعون لتحقيق مصالح الصهيونية والولاياتالمتحدةالأمريكية. ويبرهن ذلك بأن هناك أحاديث دائرة في إسرائيل حاليا عن رصد إسرائيل 600 عنصر منتمين لداعش علي الحدود مع جنوب الجولان وهم متمركزون علي بعد 400 متر فقط من الخط الحدودي، ومع ذلك لم يتم الهجوم عليهم أو ردعهم، والعكس صحيح أن هؤلاء لا يتعرضون لإسرائيل أو يضربونها ولو حتي بالألعاب النارية، لدرجة أن هناك مزحة منتشرة حاليا تقول متي سيضرب داعش الصهاينة ويرد عليها "إذا دخلوا الإسلام!"، بالإضافة إلي أنهم يطلقون علي داعش في إسرائيل "نشطاء داعش" ولا يطلقون عليهم إرهابيون أو مرتزقة. وقد أعلنت إسرائيل في الوقت نفسه وجود 300 عنصر داعشي في سيناء مما يدل علي امتلاكها قائمة أسماء كاملة لأعضاء داعش، وتواجد هذه العناصر في الجولان وسيناء ينم عن تعاون وتنسيق ما بين الطرفين، خاصة أن الولاياتالمتحدة منذ ما يقرب من عام أعلنت نيتها القضاء علي داعش ولم يحدث شيء وحينما قررت روسيا أن تفعل هذا تعالت الهتافات وكثر الصراخ بأن هناك مدنيين سيتم قصفهم وبدأ الدعم العلني لداعش والرغبة في وقف الضربات تجاهها أو التقليل منها وهذا يوضح منْ وراء داعش، ويجعلنا نستيقظ وننشر الوعي للرأي العام. وفيما يخص الحرب يري فؤاد أنها يجب أن تكون مفاجئة ولن يتم الإعلان عن ميعادها قبل عام، ولكننا نتعامل هنا مع مجموعة من المرتزقة والقتلة ومجرمي الحرب، وبالرغم من ضرورة احترامنا للمعاهدات الدولية إلا أننا يجب أن نتأهب ونستعد لأي حركة غادرة أو مؤامرة ما. ويؤكد أن الولاياتالمتحدة في أكثر من واقعة سلمت أسلحة لداعش، بالإضافة إلي أن إسرائيل عالجت مصابين داعشيين داخل مستشفياتها، وهناك أيضا أحد الصهاينة من أصول كندية دفع كثيرا من الأموال لداعش وحين اكتشف الأمر برره بأنه يدفع فدية مقابل إطلاق سراح رهائن، وهو ما يعتبر غطاءً للتمويل، وإذا كان ولاء داعش للإسلام لهبوا لنجدة الأقصي باعتباره أولي القبلتين ولكن حين يحدث أي تعدٍ علي المقدسات لا نسمع لهم صوتا.