تعد الأمية من أكبر المشكلات التي تعاني منها مصر وخاصة في القري الفقيرة، وحسب إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء هناك 17 مليون أمي - يجهلون القراءة والكتابة - من فئات عمرية مختلفة، تبدأ من سن عشر سنوات، ورغم المحاولات الكثيرة لمكافحة الأمية إلا أن التسرب من التعليم مازال موجوداً بسبب الفقر حيث تؤكد إحصائيات أن شغف المصريين بالطعام تغلب علي تغذية العقول طبقاَ لمركز استطلاع الرأي "بصيرة".. وجاء في التقرير الأخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد الأميين بدءاً من الفئة العمرية 10 سنوات فأكثر بلغ حوالي 17.2 مليون نسمة، منهم 11 مليونا من الإناث. وأوضح جهاز الإحصاء أن معدل الأمية بين الشباب 15-24 سنة انخفض ليسجل 7.9% بالمقارنة بمعدل الأمية لكبار السن (60 سنة فأكثر) والذي بلغ 63.2%. قلة الأماكن بالفصول الدراسية والحالة الاقتصادية وراء انتشارها ماجي الحلواني: يجب تطوير المكتبات العامة بالتوازي مع محاربة الأمية ومقارنة بين الأمية في الحضر والريف نجد أن معدل الأمية للمقيمين بالحضر بلغ 18% مقابل 31.2% للمقيمين بالريف، مشيراً إلي أن أعلي معدل للأمية في محافظات الوجه القبلي، تليها محافظات الوجه البحري، في حين سجلت محافظات الحدود أقل معدلات للأمية. فيما تسجل محافظات الوجه القبلي أعلي معدل للأمية، حيث بلغ أعلي مستوياته في محافظة الفيوم 37%، سوهاج 35.5%، المنيا 35.0%، الأقصر 34.4%، بني سويف 33.1%، أسيوط 32.5%، وقد حققت محافظة أسوان أقل معدل حيث بلغ 17.5% فقط. ليست التقارير وحدها التي تشير إلي ارتفاع نسب الأمية ولكن هناك الكثير من الحالات التي تمر أمامنا، وقد حرمت من التعليم سواء لظروف اقتصادية أو نتيجة لعادات وتقاليد عفي عليها الزمن كحلم معظم الفتيات الذي تبدد وراء معتقدات بالية، كالظروف الذي تعرض لها ياسين (11 عاماً)، وهو طفل اعتاد الاستذكار بجانب فرشة المناديل علي حد قوله بسبب ضيق الحال الذي يعاني منه هو ووالدته التي اضطرت إلي بيع المناديل بعد مرض زوجها إلا أنها أصرت علي إتمام تعليمه رغم الظروف، وبعد وصوله إلي المرحلة الإبتدائية لم يكمل تعليمه لأن الأم ألزمته بمساعدتها ليلا ونهارا لتغطية احتياجاتهم بعدما ضاق بها الحال. أما أمل إحدي فتيات الصعيد التي حرمها أهلها من الالتحاق بالمدارس رغم تمسك أهلها بتعليم إخوتها الأولاد الأربعة وبعد ذلك قام إخوتها بإقحامها في قضية ميراث لجهلها وأخذوا ميراثها بيعا وشراء دون أن تدري. وتتعدد حالات الأمية والتسرب من التعليم بالقري ومحافظات الصعيد، وحسب الحملات التي ترتاد المحافظات لمحو الأمية مازال هناك عدم وعي بأهمية التعليم ومعرفة القراءة والكتابة خاصة لدي السيدات ببعض القري علي الرغم من أن معظمهم يتطلعون إلي المعرفة كما حدث من قبل 40 فتاة بمحافظة بني سويف والفيوم حيث أقبلن بشغف علي حملات محو الأمية وتعليم الكبار ومع ارتفاع نسب الأمية نجد أن الثقافة العامة في تراجع فعلي جانب مواز كشف المركز المصري لبحوث الرأي العام بصيرة خلال بيان له إن عدد المكتبات العامة في مصر يبلغ 331 مكتبة، في مقابل 348 مطعماً التي تمثل أشهر 3 ماركات عالمية منها كنتاكي وهارديز وماكدونالدز في حين أنها رغم أن موطنها الأصلي الولاياتالمتحدة إلا أنها يوجد بها 17 ألف مكتبة عامة أي أن الثقافة تتراجع أمام شغف البطون بالطعام في حين نسي المصريون تغذية عقولهم وإذا كانت نسب الأمية مرتفعة فكم من الناس سيرتاد المكتبات العامة. كما أشار المركز إلي حال المكتبات السيئ التي غاب عنها أساليب التكنولوجيا، مضيفاً أن بعض المكتبات قد لا تحتوي حتي علي جهاز كمبيوتر واحد، فكيف نستطيع القضاء علي الأمية والنهوض بالثقافة. من جانبه يقول عادل نديم المتحدث الإعلامي للهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار: هناك نسب أمية بجميع القري والمحافظات لكنها متفاوتة فهناك محافظات لديها نسب أمية مرتفعة كمحافظاتالفيوم وبني سويف، والبحيرة، وقنا، كما أنها وطبقاً للإحصائيات التي قامت بها الهيئة هناك 17.6 مليون أمي علي مستوي الجمهورية، كما يوجد 340 ألف حالة تسرب من التعليم يومياً مع اختلاف الأسباب التي أدت إلي ذلك فهناك قري تخلو من وجود مدارس من الأساس أو عدد المدارس غير مساو للتعداد السكاني بها فغالباً لم يجد الطفل مكانا له بالفصول ، كذلك الحالة الاقتصادية لها دور كبير في انتشار الأمية فكثير من الأسر البسيطة تفضل أن تلحق أبناءها حتي ولو بسن صغيرة بإحدي المهن للحصول علي ما يعينهم للمعيشة ولا تلحقهم بالمدارس التي تستنزف طاقاتهم في وجه نظرهم. يضيف: الهيئة لديها 162 إدارة منها 34 إدارة بمحافظة القاهرة 20 فرعا بكل محافظة معينة بعمل قوافل لمحو الأمية حيث إن كل إدارة لديها نوعان من القوافل قوافل غير ممولة بمعني أنها غير ممولة من الهيئة نفسها لكنها تمول من إحدي الوزارات سواء كانت وزارة الصحة أو وزارة الأوقاف أو وزارة الشباب والرياضة، وقوافل أخري ممولة من الهيئة نفسها وفي الحالتين يكون الزمن المخصص للحملة 7 أيام أول وثاني وثالث يوم مخصصة لعمل الاتصالات والتوثيقات اللازمة مع الأحياء ثم بعد ذلك تنزل القافلة الي الأحياء بعد تدريب المدرسين وعمل اختبارات فورية لهم ثم يتم إرسالهم للقري والنجوع. تقول مريم عزت استشاري بناء القدرات بهيئة كير الدولية أن الهيئة لديها نشاط بمصر منذ عام 55 ومن أهم المشروعات التي تولي اهتمام من قبل الهيئة محو الأمية، تري أنه لابد من تطوير الجهود المبذولة للقضاء علي الأمية، حيث إن المؤسسة تهتم بالفئة العمرية من 8 إلي 14 عاما ومن أهم المحافظات التي يعمل بصددها مشروع محو الأمية بني سويف وقنا والفيوم ومن خلال العمل علي مساعدة أكبر عدد ممكن من الأشخاص للقضاء علي أميتهم لاحظنا وخاصة بالمجتمعات الريفية عدة معوقات تحول دون إتمام ما نهدف إليه منها قلة التوعية وهو ما ينعكس بالسلب علي الأفراد ويفقدهم الحماسة لاستكمال ما بدأوه ويأتي علي رأس البرامج التوعية علي الرغم من أنه لابد من الاهتمام بها من قبل وسائل الإعلام المختلفة لرفع الوعي لدي المواطنين وتنبيهم إلي أهمية القراءة والكتابة. تري شادية قناوي أستاذ علم الاجتماع جامعة عين شمس أن القضاء علي الأمية قرار سياسي أي أنه لابد من وضع خطط واضحة للتنمية وحث المواطنين عليها مع وجود إدارة ثابتة لتحقيقها وتنفيذها، ومعرفة أن تعليم الشخص في الكبر لا ينقص من قيمته في شيء بل علي العكس وهي ثقافة خاطئة متأصلة بمعظم المجتمعات خاصة الريفية منها مع دراسة كيفية التعامل معهم لأن التحكم بهم أمر غاية في الصعوبة. أشارت إلي أنه لابد من العمل علي التنمية الاقتصادية بالقري الصغيرة والمحافظات لمحاربة التسرب من التعليم وتوفير بيئة تعليمية صالحة للطفل تدفعه إلي حب المعرفة والتعلم والاهتمام بالأنشطة المختلفة وحل مشكلة التكدس بالفصول، أكدت قناوي أهمية تدريب المعلم علي أصول التدريس حيث إنه ليس جميع الكليات يكون لديها تدريبات عملية علي كيفية التعامل مع الطلاب وشرح المناهج لذلك لابد من الالتفات الي تلك النقطة الهامة. وعن تنمية الأفراد ثقافياَ تقول د. ماجي الحلواني عميدة كلية الإعلام سابقاَ: يجب الاهتمام بتطوير المكتبات العامة بالتوازي مع القضاء علي الأمية لأنها وسيلة مباشرة لاكتساب المعرفة وتنمية العقول، والأمية ليست في عدم معرفة القراءة والكتابة فقط ولكنها أيضاَ عدم ثقافة وخبرة وتنمية لذلك لابد من الانتباه إلي المكتبات لأن تنمية الفرد تعد تنمية للمجتمع بأكمله.